اللاعبون علي المسرح السياسي والأمني في مصر وضعونا الآن في مواجهة مباشرة مع سؤال مهم كان بعيداً عن تصورنا بل وربما كان التفكير فيه ضربا من المستحيلات.. هل سنعود لعصر مبارك بعدما يتم استنساخ نظام آخر مثيل له؟! الرئيس مبارك في خطابه الأخير الذي وجهه للمتظاهرين والمعتصمين وجموع شعب مصر المطالبين بخروجه من السلطة قال وبحدة: إما بقاؤه وانتظار الديمقراطية التي سيأتي بها قبل نهاية فترة رئاسته.. أو الفوضي! فعلا نجحت الثورة.. وخرج الرئيس.. وترك وراءه انفلاتا أمنيا متعمدا.. وفوضي منظمة ومخططة امتدت وغرست مخالبها علي امتداد أرض المحروسة كلها.. حتي يتباكي الناس علي فترة حكمه وجنة عصره.. وربما يتوسلون ويدعون الله أن يعيده هو ورموزه وفلوله لإنقاذ العباد من شر الديمقراطية والتغيير.. والشياطين المنادين بهما من شباب وائتلافات وأحزاب وقوي شعبية! مصر لم تخرج حتي الآن من عباءة مبارك.. ولا من حالة الفوضي التي توعدنا بها.. وربما كما قال الفريق مجدي حتاتة أحد المرشحين للرئاسة ان الثورة نجحت والنظام لم يتغير.. وفي تصريح آخر مهم قاله الدكتور يحيي الجمل بعد خروجه من المنصب الوزاري مؤخرا.. ان بناء المستقبل في بلدنا مرهون بالقضاء علي جذور النظام القديم أشخاصا وسياسات..! نحن أمام توظيف أمني وسياسي لفلول البلطجة من المسجلين خطر الذين تم تهريبهم من السجون ولم يتم إعادتهم إليها حتي الآن.. مضافا إليهم الفرق الأخري التي جندها جهاز أمن الدولة لمعاونته في مهام كثيرة كان أبرزها الانتخابات.. وهؤلاء جميعا تغاضت الحكومة عن اعتقالهم وإعادتهم إلي السجون مرة أخري لو كان هناك نية للحفاظ علي الثورة وحماية أمن الوطن فعلا! الوزارة رئيسها وبعض وزرائها وغيرهم ممن يترأسون الأجهزة والهيئات المهمة.. قادمون لنا من لجنة السياسات التي دمرت الحياة السياسية والاقتصادية في مصر خلال العشر سنوات الأخيرة وكان فسادها شرارة لاندلاع الثورة! في تعيينات الوظائف الكبري مازالت الحكومة الحالية تأتي بشخصيات غير معروفة.. وبلا رصيد مهني يؤهلها للمنصب.. فهل مازالت قوائم أمن الدولة القديمة موجودة ويترشح منها الأقزام وأنصاف الكفاءات من أهل الثقة والمجندين فيها؟! هناك خلل واضح وتراجع إلي الوراء في إدارة عملية التغيير السياسي وإعداد تشريعاته.. فقد كان خطأ كبيراً في مسيرة الثورة ان الدستور لم يعد أولا.. ليرسم لنا صورة الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة لتكون بما يتوافق عليهما المجتمع.. ثم بدا غريبا ذلك الإصرار علي اختيار نظم قوائم انتخابية معقدة.. واقتسامها مع نظام فردي مرفوض شعبيا.. ومعروف أنه يسهل أعمال البلطجة.. ودخول فلول النظام السابق مرة أخري.! الواضح لنا ان المطبخ التشريعي الحالي استعان بترزية القانون السابقين.. فوضعوا نصوصا جعلت المجلس القادم علي غرار من سبقه.. بعد أن احتفظوا بنسبة العمال والفلاحين كما هي دون تعديل في التعريف حتي لا يتم انتهاكها وإفشالها مثلما حدث من قبل، إضافة إلي عودة مجلس الشوري دون منحه دوراً تشريعياً.. ليكون بمثابة ديكور برلماني تضع فيه الحكومة نوابها من أهل الثقة.. ويستنزف أموالا من الدولة! أخيراً أتساءل مثل غيري: من وراء تنظيم أبناء مبارك الذين تظاهروا ورفعوا اللافتات يتأسفون للرئيس عما حدث له.. ونظموا صفوفهم ليتواجدوا بصورة مكثفة أمام مقر المحاكمات.. ويعتدوا علي شباب الثورة واهالي الشهداء.. ثم يحميهم الأمن المركزي.. وتنشر صورهم في الصحف أكبر وأبرز من صور تظاهرات أهالي الشهداء..؟! ألم يكن من الأجدر بهؤلاء المتأسفين أن يتباكوا علي مصر وعلي الفساد الذي دمرها ونهب أموالها وثرواتها؟!