حزب العدل يشارك في قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    عيار 21 بكام بعد الارتفاع الجديد؟.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأحد 5 مايو 2024 بالصاغة    بعد معركة قضائية، والد جيجي وبيلا حديد يعلن إفلاسه    أسعار السمك اليوم الأحد 5-5-2024 بعد مبادرة «خليها تعفن»    بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ والبيض اليوم الأحد 5 مايو 2024 بعد الارتفاع    هل ينخفض الدولار إلى 40 جنيها الفترة المقبلة؟    حملة ترامب واللجنة الوطنية للحزب الجمهوري تجمعان تبرعات تتجاوز 76 مليون دولار في أبريل    عاجل.. رعب في العالم.. فيضانات وحرارة شديدة ومئات القتلى بسبب تغير المناخ    تظاهر آلاف الإسرائيليين بتل أبيب للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة    علي معلول: تشرفت بارتداء شارة قيادة أعظم نادي في الكون    أحمد مصطفى: نُهدي لقب بطولة إفريقيا لجماهير الزمالك    العمايرة: لا توجد حالات مماثلة لحالة الشيبي والشحات.. والقضية هطول    الأرصاد: انخفاض مفاجئ في درجات الحرارة.. وشبورة مائية كثيفة صباحًا    تشييع جثمان شاب سقط من أعلي سقالة أثناء عمله (صور)    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الأحد 5 مايو    كريم فهمي: لم نتدخل أنا وزوجتي في طلاق أحمد فهمي وهنا الزاهد    تامر عاشور يغني "قلبك يا حول الله" لبهاء سلطان وتفاعل كبير من الجمهور الكويتي (صور)    حسام عاشور: رفضت عرض الزمالك خوفا من جمهور الأهلي    ضياء رشوان: بعد فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها لا يتبقى أمام نتنياهو إلا العودة بالأسرى    عمرو أديب ل التجار: يا تبيع النهاردة وتنزل السعر يا تقعد وتستنى لما ينزل لوحده    مصطفى بكري: جريمة إبراهيم العرجاني هي دفاعه عن أمن بلاده    البابا تواضروس يصلي قداس عيد القيامة في الكاتدرائية بالعباسية    حسب نتائج الدور الأول.. حتحوت يكشف سيناريوهات التأهل للبطولات الأفريقية    مختار مختار ينصح كولر بهذا الأمر قبل نهائي إفريقيا أمام الترجي    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    محافظ الغربية يشهد قداس عيد القيامة بكنيسة مار جرجس في طنطا    مصرع شاب غرقا أثناء الاستحمام بترعة في الغربية    إصابة 8 مواطنين في حريق منزل بسوهاج    رئيس قضايا الدولة من الكاتدرائية: مصر تظل رمزا للنسيج الواحد بمسلميها ومسيحييها    كاتب صحفي: نتوقع هجرة إجبارية للفلسطينيين بعد انتهاء حرب غزة    احتجاج مناهض للحرب في غزة وسط أجواء حفل التخرج بجامعة ميشيجان الأمريكية    الزراعة تعلن تجديد اعتماد المعمل المرجعي للرقابة على الإنتاج الداجني    اليوم.. قطع المياه عن 5 مناطق في أسوان    مكياج هادئ.. زوجة ميسي تخطف الأنظار بإطلالة كلاسيكية أنيقة    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    عاجل.. مفاجأة كبرى عن هروب نجم الأهلي    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    عبارات تهنئة بمناسبة عيد شم النسيم 2024    تساحي هنجبي: القوات الإسرائيلية كانت قريبة جدا من القضاء على زعيم حماس    رئيس جامعة دمنهور يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكاتدرائية السيدة العذراء    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    نميرة نجم: حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها غير موجود لأنها دولة احتلال    سعاد صالح: لم أندم على فتوى خرجت مني.. وانتقادات السوشيال ميديا لا تهمني    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    صيام شم النسيم في عام 2024: بين التزام الدين وتقاطع الأعياد الدينية    بعد الوحدة.. كم هاتريك أحرزه رونالدو في الدوري السعودي حتى الآن؟    عوض تاج الدين: تأجير المستشفيات الحكومية يدرس بعناية والأولوية لخدمة المواطن    لطلاب الثانوية العامة 2024.. خطوات للوصول لأعلى مستويات التركيز أثناء المذاكرة    محافظ بني سويف يشهد مراسم قداس عيد القيامة المجيد بمطرانية ببا    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    نجل «موظف ماسبيرو» يكشف حقيقة «محاولة والده التخلص من حياته» بإلقاء نفسه من أعلى المبنى    شديد الحرارة ورياح وأمطار .. "الأرصاد" تعلن تفاصيل طقس شم النسيم وعيد القيامة    المنيا تستعد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    مهران يكشف أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في التأمين    من القطب الشمالي إلى أوروبا .. اتساع النطاق البري لإنفلونزا الطيور عالميًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. حلمي الحديدي وزير الصحة الأسبق بعد صمت ربع قرن في حديث للأخبار:
لا صلة لي بالحزب الوطني.. ولم أكن عضوا فيه تعييني به كان أكبر عملية تعذيب لي..!
نشر في الأخبار يوم 26 - 06 - 2011

بعد حوالي ربع قرن من الغياب عن العمل السياسي.. عاد اسم د.حلمي الحديدي الناشط السياسي كوكيل مؤسسي حزب النصر العربي المصري.. ود.الحديدي يكتنف رحلته السياسية الكثير من الغموض والارتباك .. فقد دخل مجلس الشعب بداية السبعينات نائبا عن حزب العمل وسرعان ما أصبح أمينا مساعدا له.. وترك حزب العمل فجأة ليبرز اسمه في الحزب الوطني عام 4891 ويصبح أمينا مساعدا للحزب ووزيرا للصحة.. وفجأة أيضا تم إقصاؤه عن الترشح لمجلس الشعب عن الحزب الوطني في نفس العام وترك الوزارة..!
ومع بداية التسعينات أصر علي دخول الانتخابات مستقلا عن دائرة الزرقا.. لكنه لم يصب نجاحا.. فأدعي تزوير الانتخابات لتمرير مرشح الحزب الوطني..ورفع دعواه للقضاء ضد وزير الداخلية ورئيس مجلس الشعب طاعنا بتزوير الانتخابات لصالح مرشح الوطني.. وتفجر وقتها محكمة الاستئناف حكما كان أشبه بالقنبلة بتعويضه مائة ألف جنيه في دعواه ضد رئيس مجلس الشعب ووزير الداخلية.. ومع ذلك تم اختفاء د.الحديدي من المجلس والمسرح السياسي ما يقرب من الربع قرن حتي برز من جديد بعد أحداث 52 يناير..!
وما بين رحلة الظهور والاختفاء والعودة ثانية الكثير من الأسرار التي لم يبح بها د.الحديدي.. من هنا حاولنا في حديثنا معه استنطاقه قدر ما استطعنا لمعرفة سر الارتباك في مسيرته السياسية -كما ندعي- وسر الاختفاء ومبررات العودة ثانية.. وهو كما عرفته الساحة السياسية شخصية حادة كتومة تنظر دائما للمستقبل بتفاؤل ولا تحب استرجاع الماضي حتي ولو من باب أخذ العبرة.. !
مابين انضمامك لحزب العمل حتي وصلت إلي منصب مساعد أمين الحزب ودخولك مجلس الشعب نائبا عنه ثم رحيلك إلي الحزب الوطني ووصولك إلي منصب مساعد أمين الحزب أيضا وتعيينك وزيرا للصحة اكثر من علامة استفهام؟
لا أظن ان هناك علامات استفهام في مسيرتي.. ففي بداية السبعينات انضممت لحزب العمل مؤمنا بمبادئه ودخلت مجلس الشعب نائبا عنه ووصلت لأمين مساعد الحزب..لكني اختلفت مع الحزب ولا حرج في ذلك.. لأنني لم أجد مبادئ الحزب تطبق ولايعمل من أجلها وهي المبادئ التي انضممت للحزب من أجلها فآثرت الابتعاد.. أما الحزب الوطني فلم انضم إليه ولم أكن يوما منتميا إليه ولا توجد لي استمارة عضوية به وليس لي صلة به.. فقد صدرت أوامر من الرئيس بتعييني به فقط.
الرفض والإيذاء
ألم تكن لديكم القدرة علي رفض التعيين للحزب الوطني إذا لم يكن ذلك متوافقا مع قناعتك السياسية؟
بالتأكيد كان لدي القدرة علي الرفض.. لكن رفضي لأمر صدر من الرئيس مبارك شخصيا لتعييني بالحزب يعني الكثير وكلنا نعرف ذلك جيدا وأنت اعلامي وتعلم ذلك أكثر مني .. الرفض معناه الإيذاء في السمعة وفي لقمة العيش وفي العمل والأسرة..!
وكلنا نتذكر ما تعرض له الشيخ الباقوري حين رفض الانضمام للحزب وما قيل في سمعته وأسرته وما تعرض له هذا الشيخ الجليل وهو رجل فاضل وعالم جليل ومجتهد عصري.. وأظن أن تعييني بالحزب ربما كانت محاولة لتحسين صورة الحزب.. ومع ذلك عملت بالحزب بقناعاتي الشخصية كمشاغب سياسي ومعارض لسياساته.. وسأظل كذلك بقية عمري.. وعلاقتي بالحزب انتهت بخروجي منه ومن الوزارة طواعية.. ولم أسلم من الصف الثاني في الحزب الوطني الذين لم يرتاحوا لي ولتوجهاتي السياسية.. فكنت غريبا طوال الوقت داخل الحزب.. تستطيع أن تقول دخولي الحزب الوطني بالتعيين كانت عملية تعذيب لي.. !
لكن كيف وأنت غير مقتنع بالحزب ومعارض تصل إلي منصب أمين مساعد الحزب الوطني؟
انا كنت معارضا دائما بالحزب وتاريخي يشهد بذلك.. وكل تاريخي بالحزب الوطني يدوبك سنة واحدة فقط أو تقريبا سنة وشهرين مثلت داخله صوت المعارض.. وقضيت السنة كلها استنزافا في معارك داخل الحزب ورحلت.. يعني دخلت الوطني 84 وتم حرماني من دخول الانتخابات في نفس السنة..ولا تفسير عندي لذلك واتركه لكم.. !
وتركت الحزب بعد سلسلة من المؤامرات ضدي نتيجة معارضتي لكثير من سياساته.. ويؤكد ذلك ما مارسه كوادر الحزب الوطني من "زنب" ضدي حتي في الترشيح لانتخابات مجلس الشعب لم يتم ترشيحي عبر الحزب الوطني.. فكانوا لا يعتبرونني واحدا منهم.. وحين خضت الانتخابات مستقلا تم تزوير الانتخابات ضدي لصالح مرشح الحزب الوطني.. وما حدث بعد ذلك معروف.
الطعون الانتخابية
أرجو أن تذكرنا بما تعتبره معروفا وما حدث فربما الأجيال الجديدة لا تذكره حاليا؟
ما حدث بعد الانتخابات وكان الانحياز ضدي لصالح مرشح الوطني وتم التزوير بأشكال متعددة..لم استسلم وأقمت دعوي ضد الحزب الوطني والحكومة اتهمهما بتزوير الانتخابات لصالح مرشح الحزب الوطني.. وصدر حكم لصالحي من محكمة الاستئناف يقضي بتعويض د.حلمي الحديدي مائة الف جنيه في دعواه ضد رئيس مجلس الشعب ووزير الداخلية.. وفجر ذلك الحكم في حينه ملفا كاملا يرقد داخل لجان وخبراء محكمة النقض تحت عنوان ضخم هو »الطعون الانتخابية«..!
ولماذا الاختفاء بعد ذلك عن العمل العام بعدما كنت ملء السمع والبصر؟
أنا لم اختف عن العمل العام أو العمل السياسي طواعية لكن تم إخفائي عمدا.. فقد حاولت بعد ذلك في العديد من المجالات العامة والسياسية.. مثلا مع المرحوم الكاتب الكبير احمد بهاء الدين وعبد الرزاق صدقي وكان وزيرا للزراعة منذ فترة طويلة وكان معنا مجموعة من خيرة مثقفي الأمة عمل ملتقي فكري تحت عنوان »منتدي الفكر المصري« في حدود عام 1984 هنا في عيادتي.. لكن مبارك بعث برسالة لنا مع »بطرس غالي« بضروة فض هذا المنتدي أو أي تجمع بيننا أو أي فكرة تلمنا مع بعض.. !
وفكرت بعد ذلك في تأسيس »حزب الجبهة« مع المستشار ممتاز نصار.. ولا أعرف كيف وصلت الأخبار لمبارك سريعا.. فاستدعاني علي عجل وحين ذهبت إليه وجدت المستشار ممتاز نصار خارجا من عنده مكفهرا..ودخلت للرئيس بعده فطلب مني بلهجة حادة عدم تأسيس الحزب ونسيان الفكرة تماما.. وقال: »انا مش عايزكم تعملوا حزب ولا أي تجمع.. ماشي«.
وبالطبع عرفت بعد ذلك أنه قال للمستشار نصار نفس الكلام.. ماذا كنت تنتظر مني بعد ذلك أن أعمل؟!..
فكرت واشتريت قطعة أرض من وزارة الزراعة وأخذت كل الموافقات وسددت ثمنها وكانت في الصحراء عشرة أفدنة وأعطيتها لابني حتي يعمل عملا منتجا وكذلك اخواتي أخذ كل واحد عشرة أفدنة واستصلحنا الأرض الصحراوية وزرعناها زيتون كلها بدون ان نكلف الدولة مليما واحدا..وفجأة استولي د.يوسف والي عليها بحجة مشروع مبارك لشباب الخريجين وتم طردنا منها وتجريفها..قلت للجنزوري وقتها أليس هناك قرار جمهوري من السادات بأن من يستصلح ارضا في الصحراء يتملكها.. ولم يفعل د.الجنزوري شيئا..!
أليست كل الأمور تجبرني علي الاختفاء القسري.. وأشياء كثيرة منعتني من العمل العام لا أريد تذكرها الآن فهي أشياء مريرة.. المهم ما نحن فيه حاليا!
زيت »الشلجم«
هل أثر وجودك بالحزب الوطني علي عملك وأنت وزير للصحة؟
بالتأكيد ليس بالسلب ولا بالإيجاب.. أنا كنت اعمل وزيرا لصحة كل المصريين..وقد تزامن توليتي للوزارة أن حدثت كارثة تشرنوبيل.. أحمد الله أنني استطعت منع دخول أي طعام مشع في ذلك الوقت وقد منعت تماما أية مواد غذائية تأتي من كل هذه المنطقة.. وكلنا نذكر معركتي مع زيت الشلجم..فقد قلت بالصوت العالي وداخل مجلس الشعب: لن يدخل بطون المصريين زيت الشلجم.. رد عليا د.يوسف والي قال: أنا سأزرع 600 ألف فدان لزيت الشلجم ..!
قلت له ازرع ما تشاء أنت وزير الزراعة..وأنا وزير صحة مصر سأمنع ما أراه ضررا علي صحة المصريين..وعملت دراسة علي زيت الشلجم بمنحة من كندا واتضح أن له أضرارا عديدة مع البيئة المصرية..ولم يدخل مصر نقطة من زيت الشلجم وقت ان كنت وزيرا للصحة..وخرجت من الوزارة ودخل زيت الشلجم..!
وتم خلال توليتي الوزارة بناء أهم وأجمل مستشفيات مصر.. مستشفي معهد ناصر اللي قعد عشرين سنة طوب احمر.. ومستشفي الهلال للعظام.. ومستشفي الهرم علي مدخل مصر الصحراوي وكان له فلسفة تخدم المدخل الزراعي والصحراوي..وخرجت من الوزارة مديونا بحوالي 70 ألف جنيه سددتها كلها الحمد لله..فكان راتبي من الوزارة 400 جنيه وبدل جلسات زيهم..والحمد لله علي كل شئ.
هل وراء قصة خروجك من الوزارة اعتراضاتك المستمرة خاصة في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة قبل رحيلك من الوزارة واعترضت فيها علي السياسات الزراعية؟!
هذه القصة حدثت بالفعل ففي آخر جلسة لمجلس الوزراء حضرتها بصفتي وزيرا للصحة وعرض رئيس المجلس علي الوزراء تقريرا عن السياسة الزراعية لمناقشته وأعلن أحد الوزراء السابقين عدم وجود اعتراضات علي التقرير.. وطلب الموافقة عليه.. لكني اعترضت علي غلق باب المناقشة.. وأعلنت وجود انتقادات كثيرة لدي وطلبت عرض هذه الانتقادات في جلسة مجلس الوزراء القادمة وطرح التقرير للمناقشة الجادة.. لكن حدث التغيير الوزاري وتركت الوزارة.
لكني خرجت من الوزارة بطلب مني.. يعني دخلت الوزارة في سبتمبر85 وخرجت في نوفمبر 86 السنة التالية.. المدة كلها حوالي عام واحد فقط.. ففي مارس طلبت من الرئيس الخروج من الوزارة فقال لي: »انتظر حتي يتم التعديل الوزاري في نوفمبر«.
وأستطيع أن أقول انني كنت غريبا عن هذا الجو.. خاصة داخل وزارة الحزب الوطني.. وكنت الوحيد في الوزارة الذي يعلم بأن تغييرا وزاريا سيحدث في نوفمبر.. ولا أظن أن القصة السابقة لها بتاعة السياسات الزراعية لها علاقة بخروجي من الوزارة.. لأنني خرجت بإرادتي فلم أكن أستطيع التحمل أكثر من ذلك.. فأنا كنت متحررا كثيرا..وذلك لايرضي الكثيرين!
كيف وانت معارض تذهب ضمن وفد لقصر الرئاسة لترشيح الرئيس مبارك منتصف الثمانينات؟
صحيح كنت ضمن وفد اللجنة العامة بمجلس الشعب المكلفة بالذهاب للرئيس في القصر الجمهوري لترشيحه حسب القواعد المعمول بها.. وكنت عضوا باللجنة رغم أني من المعارضة من حزب العمل في الثمانينات.. وكنت الوحيد الذي تكلم وابدي شروطه لترشيح مبارك.. وقد أذيعت الشروط عبر التليفزيون المصري وأنا ألقيها أمام الرئيس مبارك ثلاثة أيام متتالية.
وقلت الشروط التي نرشح الرئيس تحتها ونطالبه بالعمل من أجلها وقلتها أمامه وأنا مع اللجنة العامة هي الحرية والديمقراطية.. والأمن والأمان للمواطن داخل مصر وخارجها.. ووضع أسس ديمقراطية للحياة السياسية في مصر..وقلت لمبارك: عبد الناصر عمل السد العالي.. والسادات صنع نصر أكتوبر.. وما تستطيع عمله ياريس هو بناء الديمقراطية الحقيقية في مصر..!
وتم نقل وقائع اللجنة العامة التي ذهبت إلي قصر الرئاسة برئاسة سيد زكي عبر التليفزيون.. وقال لي الريس : أنا باسمع عنك كتير لكن أنا ما اعرفكش.. !
وعلي فكرة أنا قدمت استقالتي من الوزارة لأن الشروط لم تتحقق التي قلت له عليها ولم أجد أحدا يعمل من أجلها.
كيف تري ما حدث في 25 يناير علي ضوء ما نعرفه عن طبيعة الشعب المصري ؟
ما حدث في 25 يناير جديد علي الشعب المصري خاصة في طريقته وإلحاحه وعناده وإصراره علي مواصلة ما خرج من أجله.. فالشعب المصري أراه كالجمل يتحمل ويتحمل ويصبر وحين يفيض به الكيل يهب حتي في وجه صاحبه.. لكن خروج الشعب المصري علي الحكم ليس جديدا فقد حدث شيء مصغر من 25 يناير مثلا في هبات المصريين أبان الحملة الفرنسية وأثناء ثورة 19 وفي حريق القاهرة وفي 17و18 يناير أيام السادات.. لكن تم لمها سريعا وفي حركات سابقة لكن في يناير الوضع مختلف تماما فقد تراكمت مساوئ غير مسبوقة ومن الصعب تحملها فكان الإصرار غير المسبوق ومبادلة الحاكم »عناد بعناد«.. ولذلك كان من الصعب بل من المستحيل رجوع الشعب بعد خروجه هذه المرة.. وأظن أننا نحتاج وقتا طويلا لدراسة واستيعاب ما حدث.
واظن 25 يناير أعطت للمصريين وضعا جديدا بالرغم من عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية وكسرت حاجز الخوف والرعب من السلطة وأجهزة الأمن.. وأحدثت حالة من الحراك السياسي الذي لم تشهده البلاد منذ فترة من قبل ثورة يوليو 2591 يكفي أنها ألغت مبدأ الإقصاء الذي اتبعته السلطة في مصر مع التيارات الإسلامية.
ألم تلحظ عدم تعاطف المصريين مع الرئيس المخلوع حتي مع أنباء مرضه والإلحاح فيها؟
أظن لأن مبارك لم يستطع طوال تاريخه كسب تعاطف المصريين حتي في خطبه الأخيرة..ولم يكن يحرص علي مصالح الجماهير.. ومارس العناد مع شعبه إلي أقصي درجة.. ثم الذين قاموا بالثورة لا يملكون قدرا من التعاطف بقدر ما يملكون طاقة من الغضب..فهم من جيل الشباب الذين حرموا من الحياة الكريمة.. لا تعليم جيدا ولا عمل متوافر ولا قيادة تشعر باحتياجاته كشباب وصعوبات الحياة أمامهم في تزايد مستمر نتيجة سياسته المستمرة التي لا يريد التخلي عنها من منطق »العناد« طبعا.
بعد الاستفتاء علي المواد الدستورية المنظمة لخارطة البناء السياسي للدولة..نجد التفافا علي نتيجة الاستفتاء والمطالبة بالدستور أولا.. ما رأيكم في ذلك؟
أولا لا يوجد التفاف كما تدعي.. والديمقراطية لا تعني التمسك بالخطأ..وتسمح بالرجوع فيما يتبين انه مناف للعقل والمنطق والديمقراطية السليمة.. صحيح جري استفتاء وقالت الأغلبية نعم.. وبناء عليه تجري الانتخابات البرلمانية.. ثم نبدأ في وضع الدستور.. !
لكن كلنا نعلم أن الاستفتاء جري في أجواء كأننا نستفتي علي المادة الثانية وليس علي خارطة البناء السياسي للدولة.. مع أن المادة الثانية لم تكن مطروحة للاستفتاء.. وهنا تم التغرير بالغالبية وكأننا نستفتي عليها والنوازع الدينية هي التي تحكمت في نتيجة الاستفتاء.. وأؤكد لك ان الغالبية لم تكن تدرك أن الاستفتاء يتضمن الانتخابات أولا ثم الدستور بعد ذلك !
واحكي لك واقعة حين ذهبت للجنة الاستفتاء وكان أمامي شيخ كبير دخل وراء الستارة ليدلي بصوته.. لكنه غاب كثيرا.. فطلبت من المراقب في لجنة الانتخابات ان يراه ربما حدث مكروه للشيخ.. وحين دخل وراء الستارة وجده واقفا.. سأله لماذا تأخرت قال:"إنه يبحث عن الهلال في الورقة ولم يجده.." بالله عليك كيف يمكن أن يستفتي هذا الشيخ المغرر به بتغييب وعيه..وهذا مثل بسيط.
الإخوان وساويرس
يعني د.حلمي الحديدي يري الدستور أولا وقبل أي شئ؟
بالعقل والمنطق العقد شريعة المتعاقدين يعني لابد من دستور نتوافق معا عليه.. لماذا نسير بالمقلوب ومع احترامي للاستفتاء اللي حصل فهو ليس قرآنا ولا إنجيل ويمكن الرجوع فيه.. والتعلل بدستورية الاستفتاء لا مجال له.. المنطق يقول أن شركة مثلا تقوم لابد من وجود عقد تقوم علي أساسه الشركة.. لابد من علاقة صحية بين الشعب ورئاسته.. علاقة واضحة يعني دستور ينظم هذه العلاقة!
ثم كيف تكون الانتخابات في سبتمبر وحتي الآن لم نتفق علي طريقة الانتخاب ولا الدوائر.. وأنت تعلم جيدا انه في أيام الانتخابات تعم الفوضي والفلوس ويظهر البلطجية.. والآن نعيش انفلاتا أمنيا هل يجوز بعد ذلك عمل انتخابات في هذا الجو.. والبلطجة المنظمة تحدث ووصلت إلي المحاكم والمستشفيات!
من اجل مصر لابد من تأجيل الانتخابات.. أظن لا يمكن إجراء انتخابات في ظل هذه الظروف..كل الأمور تملي علينا الدستور أولا.
نريد انتخابات برلمانية يشارك فيها القوي الجديدة للشباب التي قامت وضحت من أجل الثورة.. وأظن لم يتح لهذه القوة الوقت حتي تتبلور وتظهر مؤثرة.. والإصرار علي الانتخابات البرلمانية أولا يعني أننا نعطي فرصة للقوي المضادة للثورة وللإخوان وجماعة ساو يرس.. وهي الجماعات المنظمة وصاحبة المال..!
وخوفي من »الإخوان ومن ساويرس« فالاثنان عندي يمثلان شيئا واحدا.. وكأنني أعطي فرصة وحيدة لهؤلاء أصحاب التنظيم والمال وهما القوي الحقيقية المتواجدة ومعهم بقايا الحزب الوطني.. ومن قاموا بالثورة ليس عندهم التنظيم ولا الفلوس.. ليس عندهم غير الأمل.. والأمل محتاج ما يدعمه..!
ثم كان من مطالب الثورة حرية تكوين الأحزاب والتنوع.. وجاء قانون الأحزاب بنفس طريقة من عملوا الاستفتاء ..وأصبح تكوين الأحزاب أصعب من النظام القديم.. فمطلوب الحصول علي عضوية خمسة آلاف فرد من 10 محافظات وإذا ما تم جمع هذا العدد المطلوب من الأعضاء لتأسيس الحزب فستكون المسائل المادية بعد ذلك.. ولكي أنشر أسماء خمسة آلاف عضو في الصحف اليومية، فهناك تكلفة عالية، لأننا لسنا مليونيرات، ولا نقدر علي القرارات التي هبطت علينا بدون إعداد، ولم تكن الإجراءات مثل ذلك، فكانت لجنة شؤون الأحزاب تنشر أسماء مؤسسي الأحزاب الجديدة علي نفقتها، وليس نفقة الأحزاب، ولها سعر مخفض، والسؤال لماذا نتكفل بذلك؟
وما المصلحة من أن الحزب يدفع للصحف مليون جنيه.. حرمت من إنشاء حزب أيام مبارك لأسباب سياسية واحرم منه بعد 25 يناير لأسباب مادية. وكنا ننتظر تيسيرات في قانون الأحزاب الجديد لكن وضعت قيود مجحفة أمام تشكيل كيانات حزبية جديدة..مثلا لا أعرف كيف نطلب هذا العدد الضخم حتي نكون حزبا حتي راجت تجارة التوكيلات علشان نسدد خانة ..يعني التوكيل بالفلوس هذا إهدار لفكرة إنشاء الأحزاب نحن في حاجة إلي نشطاء ..لماذا لايستطيع خمسة إنشاء حزب؟
الذي أجري هذه التعديلات علي قانون تأسيس الأحزاب يفترض أن مؤسسي الأحزاب الجديدة مليونيرات، وإذا حدث ذلك بالفعل فهنا حدث زواج باطل بين السياسة والمال، ومعني ذلك أننا سنعود إلي الفترة الماضية.
أين المعلومات؟!
هل كونت رأيا عن مرشح الرئاسة المحتمل من وجهة نظرك؟
ليس بعد.. والغريب أن نجد الآن حوالي تلاتين أو أربعين رئيسا محتملا.. وليس عندنا مرشح واحد لمجلس الشعب والمفترض أن انتخابات المجلس ستجري قبل انتخابات الرئاسة.. والعجيب أن نسمع من أجهزة الإعلام تقول الرئيس المحتمل وليس المرشح المحتمل للرئاسة.. !
ومازلت منتظر المرشح المنتظر للرئاسة ومن سوف أعطيه صوتي.. ومصر مليئة بالكفاءات التي تصلح للترشح للرئاسة.. وأجهزة الأعلام لابد أن تقدم للناس وجوها جديدة.. ولكن للأسف تقدم المرشحين للرئاسة دون معلومات كافية عنهم.. !
لابد لأجهزة الإعلام المختلفة أن تقدم للجماهير معلومات كافية عن المرشحين للرئاسة..سيرتهم الذاتية أين تعلموا وما قدموه للمجتمع وما يمكن أن يقدموه كرؤساء محتملين.. وظيفة الإعلام كما أراها مساعدة الجماهير لتبني رأي سديد عن طريق توفير المعلومات الوفيرة عن المرشحين.. !
لكن الإعلام للأسف أراه يلمع المرشحين للرئاسة ولا يقدم معلومات عنهم ويغيب عنه تنوير المجتمع وليس التحكم في أرائه.. والمطلوب تقديم معلومات حتي يمكن لي أن أكون قادرا علي اتخاذ القرار.. وليس علي الإعلام اتخاذ القرار بدلا مني لأن هذه ليست وظيفته.
وفي الديمقراطية لا توجد قوانين فوقية.. القوانين تصدر من الناس.. لابد من تغيير مفهوم أن تصدر القوانين كالقدر علي الناس وعليهم الانصياع لها.. القوانين تصدر من مصالح الشعب وآماله.
عودة الروح
كيف تري النظام الرئاسي القادم ؟
أنا أفضل أن يكون النظام القادم برلمانيا شبه رئاسي.. ليس شبيها لإسرائيل أو أمريكا أو مصر في العهود الماضية ..بل أري أن يكون نظاما يعطي للرئيس بعض السلطات وليس كلها.
لماذا عودة د.حلمي الحديدي للحياة السياسية ؟
بداية الثورة هي التي اعادتني للحياة أو مثلت لي عودة الروح..ولأن سني لم يسمح بالجهاد الكبير وأنا مؤمن بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي معناه »إذا قامت الساعة وكان في يد أحدكم فسيلة فليغرسها«.. من هنا فضلت العودة بحزب »النصر العربي المصري« وهو حزب وسط.. ومصر في حاجة ماسة إلي حزب وسط..فالإسلام وسط وكل الأديان وسط .. وحزب النصر يقدس المواطنة الاجتماعية بمعني أن يحكمها السوق الحر بس السوق الحر الاجتماعي..يعني كل واحد يكسب زي ما هو عايز..لكن الدولة تتدخل حين يحدث إضرار بالمجتمع مثل تعطيش السوق من البعض او احتكار البضاعة..ومثلما يحدث في فرنسا والمانيا..
كما نري أنه لابد من تحديد حد أدني للاجور وليس للدخول.. بمعني يكون الأجر مثلا في الحكومة معلوما ولا تفاوت مثلما كنا نسمع عنه واحد ياخد الف والثاني مليون..والدخل يعني سيادتك بتشتغل 12ساعة تأخذ أجرها..مثلا طبيب يعمل ساعات طويلة يزيد دخله..أما الأجر لا. وفي الحزب نحن نؤمن بان التعليم والصحة والإسكان في أولويات اهتمامنا وهي المجالات التي أهملت في العهد السابق..كما ان الثقافة أهملناها وأهملنا اللغة العربية فنري كل لافتات المحلات تكتب بغير اللغة العربية ومعروف ان هذا يضعف الانتماء..ثم الأمية لابد أن تساهم الأحزاب في محو الأمية.
وفي العلاقات الخارجية نري أنه لانقطع علاقاتنا ببعض الدول دون مبرر ولأسباب شخصية أو بإملاءات خارجية مثلا أنا لاأري أي سبب مقنع في قطع علاقتنا بإيران.. سياستنا لابد ان تكون واضحة حتي في القروض لابد ان تكون العصمة في أيدينا.. وحزب النصر لا يرغب في ضم زعامات وأنه يسعي لضم الأغلبية الصامتة التي تريد الدفاع والتعبير عن نفسها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.