حينما تأتيك الفرصة للتأمل من علي بعد فإنك تكتشف ان أغلبنا لم يتغير بعد!! ولم يعرف ان العقول تغيرت، وأفكار وقدرات الناس تغيرت، ومن ثم توقعات الناس من صحافتهم وإعلامهم بالتبعية تغيرت. لقد تابعت من علي بعد تغطية الصحافة والإعلام لحدثين كبيرين، أولهما زيارة السيد الرئيس لألمانيا.. فماذا رأيت.. إعلامياً وصحفياً بالتحديد.. مانشيتات لا تغني ولا تسمن من جوع. عبارات انشائية فضفاضة.. لا تحليل ولا تفسير ولا تناول لكل الاتجاهات سواء كانت ايجابية أو سلبية. وأنا أراهن أنها تغطية لا ترضي الرأي العام ولا تسعد رئيس الدولة ولأن البحث العلمي في دمي فقد قمت بعمل تحليل كيفي أولي لهذه المعالجة فوجدت ان قراءة جريدة واحدة أو مشاهدة برنامج واحد فكأني قرأت كل الصحف وكل القنوات. لا فرق في عنوان وإن اختلفت الصياغات.. فسألت أين الصحافة والإعلام الذي يحلل ويناقش ويستنتج، ومن ثم يضع كل منا أمام مسئولياته.. ثم جاء الحدث الكبير حجماً وزخماً وحضوراً وهو منتدي الشباب العالمي. لا أنكر الابداع في تصميمه وإخراجه.. ولكنني توقفت كثيراً أمام أقوي واصرح واصدق وأخطر ما جاء في كلمات الرئيس ومداخلاته. سواء كانت معدة سلفاً أو جاءت تلقائية وذلك منذ ان تولي منصب الرئاسة. معان وأفكار وآراء تصنع أجندة تستحق التحليل والمناقشة والتعليق والتحاور بشجاعة ومصداقية، وشاءت الأقدار ان أكون أثناء هذا المؤتمر خارج مصر في دورة تدريبية وفي نهاية كل جلسة كان المشاركون يناقشون ويتحاورون، ويحللون، ويخرجون باستنتاجات بعضها صادق والآخر صادم في تفسيرهم لحوارات ومداخلات الرئيس. وبحكم التكوين المهني والعلمي رحت أطلع علي الإعلام المصري بكل وسائله واقلامه فلم أجد إلا فيما ندر من اجتهد وحلل وفسر المعاني المباشرة وغير المباشرة لأفكار ورؤي الرئيس. لنقل ان أفكار وعادات كبار الإعلاميين ان كان هناك كبار لا زالت اسيرة الفكر التقليدي. ولا زالت متواضعة فكرياً، وسياسياً، ومهنياً. فماذا عن مراكز البحوث والدراسات الموجودة في أغلب الصحف والمؤسسات الإعلامية؟ هل حللت؟ هل ناقشت؟ هل صارحت بما يمكن ان تحدثه كلمات السيد الرئيس؟ للأسف لم يحدث حتي الآن!! والنتيجة تركنا الرأي العام المصري يحلل ويري ما يشاء وربما ذهب بها بعيداً عن المقصود منها ؟ وتركنا الإعلام المضاد والمتربص يفسر ويستنتج بما قد يضر وحتما لا يفيد.. من هنا وبكل الصدق مع النفس فالعمر بيد الله والرزق بيد الله أقول هل تطور ونضج إعلامنا بما يكفي، هل يدرك إعلامنا ان العالم يتغير تماماً ونحن لازلنا محلك سر بل احياناً نتراجع ونستعيد أساليب إعلامية بآلية منذ الستينيات. وتستمر تساؤلاتي الصادقة مع الله ومع النفس ما هي معايير اختيارنا للقيادات الإعلامية التي تتبوأ مكانة في التنظيمات الإعلامية الجديدة اسماً، والقديمة فكراً وأسلوباً. ويتبقي ان أسأل السيد الرئيس وصناع القرار هل أنتم راضون عن الممارسات الإعلامية حالياً وان لم تكونوا راضين فماذا أنتم فاعلون ؟!! وأخيراً ومن منطلق سياسي واقتصادي وتسويقي نعم لقد أصبح منتدي الشباب العالمي علامة تجارية فهل فكرنا في ان يأتي عام ونمنح دولة أفريقية حق تنظيم المؤتمر في السنوات القادمة ليصبح كل عام منتدي الشباب العالمي المصري في نيجيريا، في اثيوبيا، في جنوب افريقيا، ولكن قبل كل ذلك هل فكرنا في أساليب ممارساتنا الإعلامية؟ هل فكرنا وبعد ان انتهي زخم المؤتمر ان نعقد حلقات إعلامية عبر كافة الوسائل لنناقش بموضوعية وصراحة ما أسفر عنه المؤتمر من ردود أفعال. لا أدري لماذا تذكرت هنا أسما نختلف أو نتفق عليه لنعرف كيف كانت الصحافة وكان الإعلام بل والمقال وعنوانه.. أنه اسم.. "محمد حسنين هيكل".