دائما ما تغيب ثقافة التسامح في المجتمعات النامية وتنمو وتزدهر في المجتمعات المتحضرة وغياب ثقافة التسامح في المجتمعات النامية يظهر بوضوح أكثر عند من يتصور أفرادها أنهم من المثقفين أو من أصحاب الرأي، علي حين يبدو البسطاء والعامة أكثر تسامحاً، والتسامح سمة ميزت المصريين عبر التاريخ وعلي مر العصور فماذا حدث لنا هل بالفعل فقدنا أبرز سمة فينا كمصريين وهي التسامح؟ هذا السؤال يراودني منذ ثورة 52 يناير وأنا أري وأسمع إتهامات بالتخوين لكل صاحب رأي مخالف للثورة فاذا كانت أبرز مطالب الثورة المصرية »الحرية والديمقراطية« فكيف يصبح من يطالب بالديمقراطية وثار من أجلها هو من يمنعها عن الآخرين؟ وخلال الأيام الأخيرة انقسم السينمائيون المصريون لفريقين أفراد الفريق الأول يصفون أنفسهم بالثوار ويصفون أفراد الفريق الاخر بالمناهضين للثورة فأي حرية أو ديمقراطية التي قامت من أجلها الثورة ؟ ومنذ أيام قليلة قام عشرات السينمائيين المصريين بالتوقيع علي بيان يرفض مشاركة عدد ممن وصفوهم بأنهم من »الفنانين المناهضين للثورة« في فعاليات الدورة ال 46 لمهرجان »كان« السينمائي الذي اختار مصر ضيف شرف الدورة، بحجة انهم من مؤيدي النظام السابق، فيا دعاة الحرية والديمقراطية أنشروا ثقافة التسامح التي ميزتنا كمصريين عن بقية البشر ولكم في رسولكم الكريم القدوة الحسنة فعندما عاد رسول الله - صلوات الله عليه - الي مكة منتصراً لم ينتقم من أهلها الذين أذاقوه صنوف الهوان، وإنما سامحهم وعفا عنهم وأمنهم في ديارهم، بل إنه جعل دار أبي سفيان ملاذاً آمنا لمن يلجأ إليه.