ست سنوات تفصل بين رحيل النجم أحمد زكي وقيام ثورة 52 يناير فقد رحل في 72 مارس 5002.. ولو أن العمر امتد بأحمد زكي لكان من أوائل الفنانين الذين سيبادرون بالوقوف في ميدان التحرير مع الشباب ليطالب معهم بالتغيير ومحاربة الفساد ورفع الظلم عن المجتمع.. وكل المطالب والمبادئ التي نادت بها ثورة الشباب. لا نقول ذلك من منطلق أنه صاحب رصيد كبير من الأفلام التي تصدت للفساد وتمردت علي الواقع فقط ولا لأنه أيضا أحد أبناء الطبقة المتوسطة التي تآكلت وتوارت خلال السنوات الماضية.. لقد ذاق أحمد زكي طعم الفقر والحرمان والظلم في حياته وقبل ان يشق طريقه إلي النجاح والنجومية.. بل لأن أفلامه أيضا كانت تعكس في أغلبها صورة قريبة لنا.. بل أن أحمد زكي الذي استطاع أن يحطم مقاييس نجومية السينما التي كانت تعتمد علي الوسامة فيصبح نموذجا عاديا لأشخاص عاديين نقابلهم يوميا في الشوارع والأزقة ورأي فيه كثير من الكادحين صورة مجسدة لهم.. يعد زكي الذي تحل ذكراه هذه الأيام أبرز نجوم فترة الثمانينيات في السينما.. وفي استفتاء أقامته مجلة الفنون عام 69 بمناسبة الاحتفال بمئوية السينما المصرية فازت ستة أفلام لعب بطولتها أحمد زكي ضمن أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية.. وهي زوجة رجل مهم، البرئ، اسكندرية ليه، أبناء الصمت، أحلام هند وكاميليا، والحب فوق هضبة الهرم.. وقد جاءت أهم أفلام أحمد زكي لتحمل روح الثورة والتمرد علي الواقع ففي فيلم »زوجة رجل مهم« الذي كتبه المبدع رؤوف توفيق وأخرجه ببراعة محمد خان وشاركت في بطولته النجمة مرفت أمين رصد الفيلم تجاوزات أحد ضباط الشرطة الذي يستغل نفوذه للتنكيل بالآخرين وإلصاق التهم بالأبرياء حتي تأتي أحداث 81 و91 يناير فتطيح به في حركة تطهير تؤكد أنه لا يصح ألا الصحيح لتنتهي حياته نهاية مآساوية.. وقد واجه الفيلم تعنتا رقابيا وتدخل أجهزة أمن الدولة التي رأت فيه وقتها اساءة لجهاز الشرطة لكن الفيلم أصبح بعد ذلك مادة تدرس لطلبة أكاديمية الشرطة كنموذج لتجاوز مرفوض من ضابط الشرطة.. وفي فيلمه »البرئ« الذي قدمه مع الثنائي الرائع وحيد حامد وعاطف الطيب قدم أحمد زكي أروع أدواره من خلال شخصية المجند القروي البرئ الذي ينفذ تعليمات رؤسائه بمحاربة السجناء أعداء الوطن وبعد فترة من التنكيل بهم يكتشف من بينهم ابن قريته الشاب المثقف فيدرك أنهم لم يكونوا أبدا أعداء الوطن.. وحتي فيلم »الحب فوق هضبة الهرم« المأخوذ عن قصة للأديب الكبير نجيب محفوظ والذي شاركته بطولته آثار الحكيم وأخرجه الراحل عاطف الطيب يرصد الفيلم كثيرا من أزمات جيل الشباب من ندرة فرص العمل وصعوبة الحصول علي شقة لاتمام زواجه واحساسه بالقهر مع الفشل الذي أحاط بحياته من جميع النواحي.. أما في فيلم »معالي الوزير« الذي قدمه مع وحيد حامد والمخرج سمير سيف فيشير إلي فساد النظام الذي يدفع بوجوه لا تستحق إلي مقدمة الصورة فتعيث فسادا علي فسادها.. كان أحمد زكي يؤمن بالسينما الواقعية ويري أنها »ليست السينما التي تنزل فيها الكاميرا إلي الشارع فقط بل هي التي تخترق مشاكل وأزمات البشر«.. وأحمدزكي الذي جاء من الشرقية محملا بمرارة اليتم والخوف من المدينة الكبيرة التي كادت تبتلعه لولا إصراره وإيمانه بموهبته التي تميزت بقدرة عجيبة علي رصد الوجوه لتنطبق في ذهنه بطريقة عجيبة فتدخل في ثنايا مشاعره فيعبر عنها كما لو كان هو والشخصية التي يؤديها نسيجا لا ينفصل.. رحم الله أحمد زكي..