درجت مكتبة القاهرة الكبري علي الاحتفال برموز الفن والأدب والعلم في ذكري ميلادهم أو رحيلهم وأخبرني محمد حمدي مدير المكتبة أنه يعد قاموسا لتواريخ الاحداث والمناسبات المهمة علي قاعدة بيانات الكترونية لتنبيه أجهزة الاعلام مسبقا بهذه المناسبات حتي يتسني إعداد برامج او موضوعات تسجيلية عنها وتوثيق أدوار هذه الرموز وإبداعاتها وإبرازها أمام الاجيال المتعاقبة. وهذا الاسبوع انفردت المكتبة بالاحتفال بمرور 05 عاما علي رحيل محمود بيرم التونسي الشاعر الشعبي والغنائي العبقري في لقاء ثقافي تحدث فيه الدكتور حسام عقل أستاذ النقد الأدبي بكلية التربية جامعة عين شمس ألقي فيه الضوء علي مشوار كفاحه الوطني والفني.. المصاحب لتشريده وتغريبه وطرده من مصر.. ولد محمود بيرم التونسي في 4 مارس 3981 بحي الأنفوشي بالاسكندرية لأب من أصل تونسي والتحق بالكتاب حيث تعلم مبادئ القراءة والكتابة ثم بالمعهد الديني حيث قضي فترة من حياته ولكن لم تتح له دراسة منتظمة فلم يتم تعليمه، فقد نشأ في أسرة فقيرة تشتغل بالتجارة ولكنه عوض ذلك بموهبته النادرة وحدة ذكائه فقد شغف بالقراءة فكان يلتهم كل ما يقع تحت يده من الصحف والمجلات والكتب كما اختلط بأهل البلد وعاش حياتهم وتطبع بطباعهم حتي تكونت له روح شعبية أصيلة. وأعجب بيرم بمن سبقه من الكتاب والشعراء الذين استعملوا اللغة المصرية الدارجة في كتاباتهم مثل عثمان جلال وعبد الله النديم وغيرهما واشتغل بالصحافة فكان ينشر أزجاله في الصحف الفكاهية التي كانت تصدر في مصر في ذلك الوقت وفي أحد أزجاله عرض بالملك فؤاد وتناقل الناس ما في الزجل من نقد ساخر لاذع فما كان من الملك فؤاد الا ان أمر بطرده من البلاد فرحل الي باريس واضطر ان يشتغل في أعمال تافهة حتي انه اشتغل في مارسيليا (شيالاً).. وكان يرسل مقالاته وأزجاله فتنشرها له الصحف الفكاهية في مصر مقابل أجر ضيئل وكان يعبر في كتاباته وأزجاله عن شدة حنينه الي مصر والمصريين وأنه يعيش في الغربة ويقول متحسرا »لا سطل خروب يسعفني - ولا ابن نكتة يكيفني«. وبعد عشرين سنة من النفي والتشرد عاد بيرم الي مصر سنة 8391 خلسة متسللا من سفينة راسية في بورسعيد. وتوسط الممثل القدير سليمان بك نجيب للصلح بين القصر وبيرم. أما لقاء كلمات بيرم التونسي بأم كلثوم فقد بدأ أثناء الحرب العالمية الثانية حينما أثرت الطبقة الشعبية من التجارة والتوريد.. والتقطت أم كلثوم الظاهرة بذكاء والتمست لأغانيها الروح الشعبية لترضي جمهورها الجديد في تلك الفترة ومن هنا أقبلت علي بيرم التونسي.. فقد كتب لها في الفترة من 2491 حتي 0591 مجموعة رائعة من الاغاني جمعته والملحن القدير الشيخ زكريا أحمد منها: الأمل، أنا في انتظارك، أهل الهوي، حبيبي يسعد أوقاتك، والآهات.. كما كتب بيرم لأم كلثوم جميع أغاني فيلم سلامة: غني لي شوي شوي.. والفوازير، رضاك يا خالقي.. وبينما غنت أم كلثوم لبيرم 23 أغنية غني عبد الوهاب أغنية واحدة من كلماته هي محلاها عيشة الفلاح عام 0491 ومن أجمل الأغاني التي شدت بها أم كلثوم في الستينيات: »شمس الأصيل.. والقلب يعشق كل جميل.. هو صحيح الهوي غلاب«.. ومنح بيرم التونسي الجنسية المصرية سنة 4591 وكرمته الثورة فقلده الرئيس عبد الناصر وسام الفنون من الدرجة الأولي ورحل عن الحياة في 51 يناير 1691 بعد ان سجل اسمه بحروف من نور في سجل المبدعين الخالدين.