في نهاية كل عام، اعتاد الإسرائيليون علي الاحتفال بذكري انشاء جهاز مخابراتهم المعروف باسم الموساد في 13 ديسمبر 1949 . هذا العام، كانت الإحتفالات شديدة الاختلاف وسيطرت عليها اجواء الصدمة والحزن والأكتئاب بسبب الهدية التي أرسلتها المخابرات المصرية للمخابرات الإسرائيلية والتي حولت عيد ميلاد الموساد من فرصة لإنعاش مظاهر الكبرياء والعنصرية الإسرائيلية الي حائط مبكي آخر و لكن للتعبير عن مشاعر الخزي والعار. والحقيقة ان هدية المخابرات المصرية للموساد هذا العام كانت لطمة قاسية ومؤلمة عندما كشفت عن أحدث شبكة إسرائيلية للتجسس علي الاتصالات في مصر وبعض الدول العربية وقبضت علي المتهم الأول في هذه القضية وهو مدرب الكونج فو المصري طارق عبد الرازق حسن الذي اعترف بتورطه مع اثنين من عملاء الموساد الإسرائيليين هما إيدي موشيه وجوزيف موديه في أنشطة استخباراتية تشمل التنصت علي الاتصالات وجمع المعلومات وتجنيد عناصر مصرية وسورية ولبنانية لخدمة المخابرات الإسرائيلية . القيمة الكبري لهذه القضية تكمن في حقيقة ان المتهم بدأ علاقته بالموساد في أقصي بقاع الأرض مثل الصين وتايلاند والهند وكان يتواصل مع الإسرائيليين عن طريق موقعه الإلكتروني علي الإنترنت ومن خلال عناوين محددة تابعة للموساد علي شبكة الاتصالات الدولية. ورغم كل الاحتياطات التي اتخذها عملاء المخابرات الإسرائيلية للحفاظ علي سرية اتصالاتهم بشبكة التجسس الجديدة والأجهزة الإلكترونية الحديثة التي اعتمدوا عليها لتأمين هذه الإتصالات، الا ان رجال المخابرات المصرية أثبتوا تفوقهم وفضحوا خيبة الموساد باعتراف وسائل الاعلام الاسرائيلية. لقد جاء سقوط هذه الشبكة ليقدم دليلا جديدا علي اكذوبة الموساد أقوي جهاز مخابرات في العالم وظهر عملاء المخابرات الإسرائيلية علي حقيقتهم كمجرد قتلة تنحصر كفاءتهم في العمليات القذرة التي لا تحتاج لبراعة المحترفين بقدر حاجتها لوضاعة وخسة السفاحين . سجل هذه العمليات الإسرائيلية القذرة حافل بأوسمة العار .. من اغتيال عالم الذرة المصري الدكتور يحيي المشد في غرفته بأحد فنادق باريس إلي تصفية المناضل الفلسطيني محمود المبحوح وهو وحيد أعزل في فندق بدبي .. ومن تفجير سيارة عماد مغنية أحد أبطال المقاومة اللبنانية للاحتلال الإسرائيلي في دمشق وحتي اغتيال العالم الإيراني الدكتور مجيد شهرياري أمام منزله في طهران . وجاءت اللطمة الأخيرة التي وجهتها المخابرات المصرية للموساد لتكون درسا جديدا يعلمهم كيف يعمل الرجال المحترفون ويحققون أكبر النجاحات في صمت بعيدا عن ثرثرة الهواة و إدعاءات المبتدئين . المشكلة أن مسئولي الموساد لا يتعلمون. فقد وصل بهم العجز الي درجة التلهف للعثور علي شخص مارق أو موتور يتقدم اليهم من تلقاء نفسه للعمل كجاسوس ضد بلاده ويرحبون به ويغدقون عليه بالمال ولكن النتيجة التي يصلون اليها دائما هي الفشل والفضيحة. هذا السلوك الأحمق لم يعد غريبا علي المخابرات الاسرائيلية التي كانت مثارا لسخرية العالم خلال حرب اكتوبر عام 1973 عندما استبعدت امكانية ان يهاجم العرب اسرائيل وبعد ساعات كان الزلزال .. وكان العبور المصري الرهيب لقناة السويس. وسوف تتوالي الصفعات علي وجه الموساد و كل اجهزة المخابرات الاسرائيلية مادامت اسرائيل ترفض ان تتصرف كدولة تحترم علاقات الجوار وتلتزم بالقوانين والاعراف الدولية.