تقترب أيام عام 2016م من نهايتها؛ لنودع عامًا امتلأ بكثير من الأحداث التي فقد فيها الوطن كثيرًا من أبنائه شهداء، انتهت بتفجير »الكنيسة البطرسية» بالعباسية واستشهاد ستة وعشرين من أبنائها، جريمة أدمت قلوب المِصريِّين جميعًا، وهي إحدي وسائل الإرهاب لاغتيال المحبة والتآزر بين الشعب الواحد، في محاولة لتعطيل مسيرة المِصريِّين، في وقت حرج يحتاج إلي تكاتف الجميع من أجل العُبور بالوطن من أزماته. إلا أن الأمور قد جاءت علي عكس ما يخططون، فالوطن لن ينقسم ويُفقد وسْط أحداث لن تؤدي إلا إلي مزيد من التماسك؛ إن وطننا واحد، ومصابنا مشترك، وكل منا يحمل في أعماقه مشاعر إنسانية نحو كل إنسان، وما تزال تحكم المبادئ السامية التي تعلمها وتبُثها الأديان، والمبادئ يا صديقي »لا تتجزأ». المبادئ لا تتجزأ في حياة الإنسان بمعني أنه يستخدمها في وقت ولا يعود فيتركها جانبًا في وقت آخر، فإن أحب أو أخلص أو عدَل أو تفاني في عمله فهو هٰكذا في جميع مواقف حياته. فلا تجده يومًا متفانيًا في عمله، ويومًا آخر لا يعبأ بالأمر تاركًا شئون عمله. كذٰلك فإنّ صاحب المبادئ يمارسها مع الجميع غير مفرِّق بين إنسان وآخر، فالمبادئ طريق حياة اختاره الإنسان لارتياده في رحلة الحياة. وقد اختار المِصريُّون قبل زمن سحيق قبل أن يعرف العالم الحضارة أن يعملوا ويبنوا من أجل الحياة؛ فكما ذكر »چيمس هنري بريستيد» وهو من أهم الأكاديميِّين الأمِريكيِّين: أن الحضارة القديمة بدأت حول »نهر النيل»، وأن قدماء المِصريِّين هم أوائل من كونوا »أقدم مجتمع عظيم علي الأرض استطاع أن يضمن لنفسه غذاءً ثابتًا»؛ وذٰلك في عصر ما قبل التاريخ الذي عرَفه العالم. ولم يتوقف دَور »مِصر» بأبنائها علي تقديم نظام المجتمعات للإنسانية، بل كانوا من الفطنة والذكاء والمهارة أن يهبوا للعالم أقدم نظام كتابيّ تقدموا به ركب الحضارة الإنسانية. وهٰكذا لم يعُد المِصريُّون مجرد صيادين أو فلاحين بدائيِّين، بل نبغ منهم المهندسون والصناع والأطباء الذين أذهلوا العالم الذي كان ما يزال غارقًُا في ظلمات العصر الحجريّ!! ولا أعتقد أن المِصريِّين الحقيقيِّين سوف يتنازلون عن مبادئهم ودَورهم نحو ازدهار بلادهم والعالم. أيضًا المبادئ لا تتجزأ في حياة الإنسان: بمعني أنه لا يكون عادلًا وغير أمين معًا، أو محبًّا للآخرين دون إخلاص في الوقت نفسه!! فالمبادئ تتكامل لتقدم لنا شخصيات متميزة ناجحة، قادرة علي تخطي أزمات طريق الحياة وتحدياته. ومع اقتراب عام جديد، علي كل إنسان أن يجد إجابة: أين هو من المبادئ في الحياة؟