كل من يعرفون رئيس قناة "نايل سينما" يعاتبونني كلما انتقدت شيئا أراه علي شاشتها..لا أعرف إن كان هو من يطلب منهم ذلك، أم أنهم يفعلونه من تلقاء أنفسهم! لكن في كل الأحوال أقول لهم إن ما يعنيني فقط هو ما أراه علي الشاشة، ولا علاقة لي علي الإطلاق بشخص عمر زهران رئيس القناة! وما رأيته علي الشاشة طوال الأيام الماضية (أيام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي) شيء مفرح حقا..قد تنقصه أشياء، وتعيبه أشياء أخري، لكن المحصلة في النهاية لصالح القناة ولصالح التليفزيون والإعلام المصري ولا أخفي عليكم أنني تشاءمت من الطريقة التي قامت بها القناة بتغطية حفل الافتتاح، وتوقعت أن تكون تغطيتها للمهرجان علي نفس المستوي الهزيل، لكن مع أولي حلقات البرنامج اليومي تلاشي هذا التشاؤم، واكتشفت أن عنوان "الجواب" ليس دائما يكشف ما بداخله! فموضوعات الحلقات تم اختيارها بعناية، بداية من طرح موضوع مكانة مهرجان القاهرة بين المهرجانات الدولية والعربية، ومرورا علي موضوعات أخري تمت مناقشتها في الحلقات التي أتفق تماما مع مقدمة البرنامج "هند القاضي" في أنها الأعمق والأبسط في نفس الوقت. ولم تكتف قناة "نايل سينما" فقط بمتابعة أحداث المهرجان ولكن أضافت إليها، واستكملت جوانب مهمة في الموضوعات التي تناولتها الندوات.. مثلا، في الحلقة التي تناولت أرشيف السينما المصرية، أضاف برنامج "ستوديو مصر" الكثير إلي ما دار في ندوة المهرجان.. وفي الحلقة التي تناولت السينما الأفريقية التفت البرنامج إلي نقطة شديدة الأهمية وشديدة الخطورة وهي تقسيم قارة افريقيا بشكل عنصري إلي "سوداء" و"بيضاء".. وعرفت عن القناة الفرنسية الألمانية arte من البرنامج ما لم أعرفه من الندوة التي أقامها المهرجان، ولأول مرة أسمع عن المهرجان الذي أقامته القناة علي الهواء ويقوم الجمهور فيه بدور لجنة التحكيم، وهي فكرة رائعة، أدعو قناة "نايل سينما" إلي تقليدها وأضاف ظهور السفير التركي في الحلقة التي تناولت السينما التركية بعدا سياسيا للحلقة، أعتقد أنه كان هو المقصود من الندوة التي أقامها المهرجان. ومما زاد فرحتي هو انفراد القناة بحوار مع النجم العالمي ريتشارد جير أجراه عمر حسن يوسف، وهو كما يتضح من الاسم ابن الصديق العزيز والفنان الكبير حسن يوسف.. وكذلك الحوار الذي أجراه الصديق العزيز والناقد الكبير يوسف شريف رزق الله مع النجمة الفرنسية الأسطورة جوليت بينوش وبينما لم يلتفت أحد إلي شخصيات مهمة تواجدت في المهرجان، أجرت القناة حوارات مع المخرج الأرجنتيني هيكتور أوليفييرا، والفنان المغربي الكبير محمد مفتاح.. وأكثر ما أسعدني هو ظهور الفنان عمرو واكد الذي أكد فيه أنه يتمتع بقدر هائل من الثقافة، وأنه يستطيع أن يطرح بخفة دم وببساطة موضوعات صعبة ومعقدة جدا رغم أنني كنت أتمني أن يكون اللقاء بعد عرض الفيلم الإيطالي "الأب والغريب" الذي يشارك في بطولته، حتي يتمكن المحاور (وهو المخرج أحمد ماهر) من مناقشته في تفاصيل الشخصية التي قام بها.. كما أنه ليس من اللائق أن يعترف المحاور قبل أن يبدأ نقاشه مع الضيف أنه لم يشاهد فيلما من المفترض أن يكون هو السبب الرئيسي في استضافة أحد أبطاله! المهم أن تتاح للمشاهد فرصة التعرف علي وجهات نظر الضيوف، لا وجهات نظر المذيعة..وفيما عدا ذلك فهي نموذج للمذيعة المجتهدة. زوم أوت: أتمني أن تستمر القناة علي نفس المستوي، وألا تكون النظرية التي يعمل بها عمر زهران هي خطوة للأمام.. وخطوتان للخلف!