الازمة تشتد، طوابير، مشاجرات، قتلي في سبيل الحصول علي السولار، ورغم ان الحل الامني لم يعد مطلوبا ومحببا في مواجهة مشاكلنا الا ان جهود هذا الرجل وزملائه بشرطة التموين مطلوبة اكثر من اي وقت لاقتحام مغارة علي بابا لمطاردة لصوص السولار والبنزين الذين ابتكروا منظومة الفساد للاستيلاء علي ملايين اللترات المدعمة تحقق لهم ثروات اكبر من عائد تجارة المخدرات وليبق المواطن صاحب الحق محروما منه في ازمة لا تريد ان تنتهي. اللواء احمد موافي مدير الادارة العامة لشرطة التموين يشرح المواجهة الشرسة مع مافيا السولار والبنزين مؤكدا رغم حدة الموقف ان الازمة في طريقها للحل خلال ايام معدودة. لماذا لم تختف ازمة السولار حتي الان رغم كل الوعود التي اطلقت؟ هي لم تختف تماما ولكنها تذهب بالتدريج يوما بعد آخر فهي لم تعد في ذروتها مثلما كانت يوم »الاحد الاسود«. ولماذا فشلتم منذ البداية في منع الازمة من الظهور وهو مجرد جزء من المشكلة؟ نحن لم نفشل فنحن نمثل الحل الامني والذي يحارب انحرافا عن المسار في وصول السولار او البنزين الي مستحقيه.. هناك وجوه كثيرة للاسباب التي ادت لظهور الازمة وكلها ميراث منظومة فاسدة لتداول ونقل السولار والبنزين وتوزيعه موجودة منذ سنوات بغرض التهام مئات الملايين شهريا هي الفارق بين سعر المنتج الفعلي وبين السعر المدعم المخصص لاستهلاك المواطن المصري البسيط. لماذا لم تواجه شرطة التموين كجهة امنية هذه المنظومة قبل استفحالها وبالتالي حدوث الازمة التي هزت مصر؟ لم تكن هناك ازمة من قبل تستدعي قيامنا بالتنقيب والبحث للوصول الي شبكة الفساد المتعددة وسوء التخطيط والعشوائية التي تحكم منظومة تداول منتجات حيوية مثل السولار والبنزين خاصة ان هناك قضايا حيوية وخطيرة تمس الحياة اليومية للمجتمع فهناك ازمة رغيف الخبز ومن قبل كانت اسطوانة البوتاجاز وغش السلع واحتكارها ورفع الاسعار. ولكن لماذا ظهرت الازمة او زادت بشكلها المفزع مؤخرا؟ ربما ما زاد من حدتها عدة امور اولها: اننا علي ابواب موسم حصاد القمح ثم ما حدث من تخفيض نسبة ضخ السولار للسوق بنسبة ليست كبيرة في فترة قصيرة جدا وبمجرد الشعور بها جعل القلق يستبد بالمستهلكين وبدأ التكالب علي التخزين ووجدت شبكة الفساد ضالتها في الاستيلاء علي الحصص مما ادي الي تجفيف السوق رغم زيادة الضخ بل ومضاعفته، فوزارة البترول تضخ يوميا 83 ألف طن سولار رغم ان الاستهلاك الطبيعي لا يزيد بحال عن 23 ألف طن ثم يظهر السبب الثاني الذي فجر الازمة مؤخرا وهو سعر الدولار حيث زاد فارق المبلغ بين السعر المدعم وسعر التكلفة الحقيقي مما شجع مافيا التهريب علي زيادة نشاطهم لجني مزيد من الارباح. وهل يعني ذلك ان تهريب السولار وراء الازمة الحالية؟ التهريب للخارج رغم الخسائر والاضرار الناجمة عنه فهو للواقع لا يمثل سوي جزء او نسبة من اسباب ازمة السولار، اما الاسباب الفعلية والمؤثرة فهي نتاج سوء العمل بمنظومة النقل والتداول وعشوائية التوزيع!! كيف ذلك؟ الدولة خصصت المليارات لدعم سعر السولار والبنزين ليصبح في متناول المواطن العادي بسعر مناسب وحددت للمشروعات التجارية والصناعية باعتبارها مشروعات تحقق دخلا في اسعار اخري للسولار والبنزين غير المدعوم ولكن ما حدث إن الجميع ممن لا يستحقون الدعم سعوا للحصول عليه وحرمان صاحب الحق منه بل اصبح الامر وكأن صنابير الدعم مفتوحة لتحقق مقولة المال السايب بعلم السرقة. كيف تتسرب عشرات الملايين المدعومة لغير مستحقيها؟ منذ شهور بدأنا نبحث عن اسباب المشكلة فاكتشفنا ان هناك مافيا هي غير مترابطة او متفقة مع بعضها لنهب الدعم المستحق علي السولار والبنزين وكل ذلك كان بسبب سوء التخطيط وعدم وضع نظام حضاري منذ البداية ينظم عملية النقل والتداول فقاعدة التوزيع بين الشركات والوكلاء تعتمد علي تسليم المنتج لتوزيعه دون الاهتمام بوصول هذا المنتج الي الجهة المخصصة لها من المحطات او الوكلاء كان الاهتمام ينصب علي سداد قيمة الحمولة فقط وهو ما اوجد الثغرة بحيث كان الوكيل او المعتمد الذي يحصل علي حموله عدة شحنات ربما مليون لتر يوميا يتصرف فيها كما شاء فيقوم ببيعها لمصنع او شركة او لمهربين ولا يحق لاحد ان يسأله عن مصير الشحنات.. اكتشفنا ايضا ان هناك العديد من المحطات الوهمية التي لا وجود لها سوي علي الورق تصرف مافيا الفساد ملايين اللترات يوميا يتصرفون فيها لنفس المصادر السابقة.. ووضعنا برنامجا لتتبع خطوط سير الشاحنات المخصصة لنقل حمولتها الي محطات وقود معينة اكتشفنا انها خرجت بالحمولة ولم تصل المحطة هدفها، وزاد الطين بلة ان بعض اصحاب المحطات ابتكروا وسائل جهنمية للاستيلاء علي حصصهم وحرمان المواطنين والسائقين مثل اقامة خزانات سرية بجوار خزانات المحطة الحقيقية التي تظل خاوية امام قائدي السيارات ثم يتصرفون في الحصص في السوق السوداء باختصار كلهم تآمروا علي حق المواطن البسيط. وجوه أخري للأزمة هل سوء المنظومة فقط وراء ما حدث من ازمة؟ بالطبع لا فبجانب الفساد هناك اسباب اخري مثل العشوائية في التوزيع الجغرافي للمحطات فيمكن ان تتكدس عدة محطات في مساحة ضيقة بينما تبقي مسافات شاسعة تعاني من فقر في المحطات. هناك عشوائية في تحديد حصص المحافظات بحيث لا تعبر الحصة المقررة لمحافظة ما عن حاجتها الحقيقية. اكتشفنا ايضا ان هناك منافذ تخصص لها حصص بنزين وهي لا تستحق مثل احد موانيء الصيد التي تضم محطة لتزويد المراكب بالسولار ولكنه يحصل علي حصة كبيرة من البنزين دون معرفة مصير هذه الكميات الضخمة التي صرفت له، يصمت اللواء موافي قائلا: لقد اكتشفنا ان معدات معامل التكرير المحلية لم تمتد اليها يد التطوير منذ عشرات السنين والنتيجة ان عائد السولار من نسبة التكرير اقل من النسبة العالمية بكثير وهذا امر يحتاج اعادة نظر. واين انتم مما ذكرته؟ نحن اصلا الذين وضعنا ايدينا علي هذه الاسباب ومن خلال مشاركتنا في اللجان المسئولة بدأنا نقترح المعالجات في اعمال اللجنة العليا للبترول وللحق هناك اذن صاغية ونوايا حقيقية للاصلاح والعلاج واعتقد ان هناك من الاجراءات التي اتخذتها وزارة البترول وهيئاتها تعبر عن الرغبة في التصحيح. ولكن هناك من يؤكد قيام البعض بالقاء السولار او البنزين في العراء لصنع الازمة؟ هناك وقائع حقيقية وراء تردد هذه الشائعات ففي اطفيح وبعد قيام قائدي سيارتين بالحصول علي كميات من السولار بدون وجه حق من السوق السوداء وعندما شعر قائدا السيارتين بتنبيه المواطنين الذين كانوا يتزاحمون في المحطات اسرعا بالهرب وقاما بافراغ ما حصلا عليه علي ارض صحراوية حتي لا يتم ضبطهما، وهناك سيارات فناطيس في وقائع اخري كانت تقوم بالتخلص من ناتج غسيل سياراتهم الذي يتم بصفة دورية وهذا الناتج عبارة عن المياه مخلوطة ببقايا المواد البترولية فساد الاعتقاد بعمليات وهمية بالقاء السولار او البنزين في العراء لصنع الازمة. لكننا سنواجه ازمة حادة مع بدء موسم الحصاد وايضا مع ارتفاع درجة الحرارة ستحتاج الزراعات لمزيد من المياه التي تجلب بماكينات السولار؟ تنبهنا جميعا ضمن النظر للمستقبل لمشكلة موسم الحصاد ولهذا بدأت عملية حصر للاراضي المزروعة بالقمح حيث سيتم تحديد حاجتها الفعلية من كميات السولار وسيتم تسليمها للجمعيات الزراعية لتوزيعها علي المستحقين. وتبقي مشكلة البلطجة التي يقوم بها تجار السوق السوداء للاستيلاء علي حصص المحطات بالقوة؟ هي مشكلة موجودة بالفعل ولكننا نواجهها بالفعل حيث نرصد المحطات التي تتعرض لسيطرة البلطجية ونقوم باصطحاب قوات اضافية معنا تقوم بضبط هذه العناصر وهو ما حدث في العديد من الحالات. هل لتعاون المواطنين معكم يمثل جانبا ايجابيا في القيام بدوركم؟ بالطبع.. بل انه لولا المعلومات التي نحصل عليها طوال الوقت من بلاغات المواطنين الشرفاء اصحاب الحس الوطني لما حققنا شيئا يذكر في مواجهة مافيا الاستيلاء علي السولار والبنزين ولولا مساعدة المواطنين ومعلوماتهم لما اكتشفنا وسائل التحايل الجهنمية لاصحاب المحطات وفساد منظومة النقل والتداول.