هل يعقل أن يغيب الحب عن المصريين؟!.. وهل يعقل أن يلاحقنا العنف، في غيبة من الأمن والأمان؟!.. وهل يعقل أن تسود الفرقة بين أبناء أرض المحروسة؟!.. وهل يعقل أن نترك لفصائل المجتمع علي اختلافها بث سموم الأحقاد والكراهية بين أوصال الوطن؟!.. وهل يعقل أن تتغير ملامح مصر، بعد مضي عامين علي ثورتنا العظيمة في 25 يناير، لتصبح علي شاكلتها التي هي عليها الآن، من تردي الأوضاع وسوء الأحوال؟!. في الماضي القريب.. عانينا من نظام قهر الشعب ثلاثين عاما مضت ، اتخذ من إثارة الأزمات نهجا لإدارة البلاد.. مما جعل شباب هذا الشعب ينتفض ويثور متوجا بعظمة حب الوطن ليصحح المسار، فتحقق له ما أراد من خلاص.. وما كاد يتلمس عودة وطنه إليه، حتي بدا للشارع المصري ملمح جديد هو الأسوأ في توابع ثورته.. استشعر به المصريون أن غمامة ضبابية ملؤها الصراع علي السلطة كادت أن تخفي شمس ثورة يناير، ولم لا؟!.. ألسنا الآن نعاني أزمات كثيرة، أعادت سياسة إثارة الأزمات إلي ما قبل الثورة! وللأسف الشديد، ورغم بداية العام الثالث لثورتنا، إلا أن الثورة مازالت في الميدان، تتشح بملامح مغايرة لما انطلقت به!.. فبعد أن كانت انطلاقتها تحمل حبا يملأه إرادة شعبية خالصة، نجد الآن الشارع المصري في غيبة من الأمن والأمان، ويزيد عليه عنف غير مبرر، يرسم ملامح صراع علي السلطة، يغلب فيه كل فصيل ثورة الشك والتشكيك في الآخر.. مما جعل الشعب يزداد تمحيصا لما يحاك حوله بكامل وعي.. فالمصريون بفطرتهم قادرون علي كشف صدق النوايا، وإخلاص المقصد، والذي لا يرتضون بغيره بديلا.. فقناعاتنا تزداد يقينا بإعلاء قيمة الحب بين أواصر الوطن، فهو السلاح الحقيقي لإعلاء زعامة الشعب - دون غيره - والتي أكدها بانطلاق ثورته في 25يناير.. ومنذ ذلك الحين، والمصريون لا يقبلون منازعات أو مزاحمات من أي فصيل لفرض سيطرته ووصايته علي مقدرات البلاد.. وما يدور من أحداث علي أرض الواقع، جعلت من الشعب علي اختلاف طوائفه وأطيافه يعي حقيقة المشهد، ويجعله عازما في الانتخابات القادمة للبرلمان أن يتحري الدقة في اختيار نوابه، وأن يعد العدة لاختيار ممثليه ممن لديهم القدرة علي المشاركة المجتمعية، ويملكون أدوات للنهوض بالوطن، تحت راية إعلاء مصلحة الوطن والمواطن.. وحينئذ يتحقق الخير، بعيدا عمن يغلبون مصالحهم الشخصية علي مصلحة الوطن. حقا.. " إن الحب إرادة.. لا تنتظر قرارا سياسيا".. هذا ما يجعلني أتذكر مشهد يوم أن ذهب الرئيس محمد مرسي إلي ميدان التحرير، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، ليصبح أول رئيس مدني منتخب لمصر، حيث إعتلي مقاليد الحكم بانتخاب حر.. ومازلت أذكر امتلاء الميدان في مليونية أكثر صدقا وشفافية، شارك فيها المصريون جميعا بقلوب مفعمة بإيمان وعزيمة علي بناء المستقبل لجميع المصريين، دون تفرقة أو تمييز.. لتكون مظاهرة حب اجتمع فيها الجميع علي أمل تحقيق أهداف الثورة من عيش وحرية وكرامة وعدالة اجتماعية. ولكن الأحداث والمجريات ما لبثت أن بدلت المشهد، خاصة بعد ان بدا قصور واضح في الأداء للحكومة نتج عن سوء اختيار لقيادات المرحلة، مما جعل المتربصين من الثورة المضادة ومن شابههم، يعاودون الظهور بقوة، متخذين من إثارة الفوضي سلاحا لتحقيق مآربهم، ليصبح المشهد أكثر عبثية، ويكون الشعب الضحية، ليظل يعاني من سوء الأحوال، وتزداد معه آلام المصريين، إضافة لتزايد أعداد الشباب الذين يتساقطون بين شهداء ومصابين، مع استمرار حشد المليونيات في ميادين مصر.. ليبقي الحال علي ما عليه!.. وهو ما يلزم أن يجلس الرئيس مرسي إلي نفسه في محاسبة مع النفس للوقوف علي أسباب الإخفاق وما أدي إليه، قبل الدعوة للحوار مع باقي القوي السياسية.. وليكن تحقيق ما أدعو إليه عن قناعة صادقة - وأنا أحسبه علي ذلك - وقتها يكون الخروج من المأزق الذي نحن فيه.. ويكون إعلاء إرادة الحب هو الخيار الأمثل بعيدا عن المبارزات السياسية.. وتحيا مصر.