اليوم نحن علي موعد مع المرحلة الثانية من الاستفتاء علي الدستور.. وسواء كانت النتيجة "نعم" أو "لا"، فإن الإجراءات معروفة لدي الشارع المصري، فالخطوات المقبلة معلن عنها.. ولكن الشعب مازال يعاني "غمة"عدم وضوح الرؤية نحو تحقيق أهداف ثورته، فما نعيشه الآن علي الساحة السياسية من أحداث وصراعات تتصاعد حتي تصل لدرجة التناحر الممجوج!، والذي يروح ضحيته أبناء الشعب المصري من خيرة شبابه، ممن يصابون أو تزهق أرواحهم تضحية لأجل رفعة الوطن.. ولكن يظل السؤال مطروحا: متي يكون وضوح الرؤية؟!.. تساؤل يتجرعه المواطن البسيط مرارة ألم، ليظل غارقا في بحثه عن شاف لغليله، ولكن دون فائدة!، وتزداد حيرته عندما يتذكر أنه بطل ثورة 52 يناير 1102 السلمية، التي انطلق بها من أجل الخلاص، ويزيده حزنا أنه تبقي قرابة شهر وتكمل الثورة عامها الثاني، لتبدأ عامها الثالث في ضبابية تسيطر علي المشهد تتوه معها مقدرات الوطن؟! عيش، حرية، عدالة اجتماعية.. مازالت شعارات لم تجد سبيلها إلي التحقيق علي أرض الواقع، في الوقت الذي تفرض فيه المبارزات بين أطراف الصراع السياسي كلمتها في استقواء، يحرص فيه كل فصيل علي تأكيد قوته باستعراض قدرته علي الحشد التظاهري، والحشد المضاد، ليظل الشعب الضحية، فلا يجد تحسنا لأوضاعه المعيشية، بل تزداد المعاناة والخوف مما تنذر به الأزمات من سوء للأحوال الاقتصادية، تزيد معها أعباء المواطنين، إضافة إلي تفاقم الديون المحلية والخارجية!.. في ذات الوقت الذي نجد فيه القوي السياسية مشغولة بحشد المليونيات، وما أدراك من تكلفة منصرفة علي هذه المليونيات ، ليظل الصراع محتدما سعيا لاعتلاء منصة الحكم، في إصرار غريب علي تغييب حق الشعب في تحقيق مكاسب ثورته التي يساوره الشك في ضياعها. ما يدور الآن من مجريات، وما تؤكده من انعدام لوضوح الرؤية، يتحمل مسئوليتها الرئيس محمد مرسي، ويشاركه فيها حكومة د. هشام قنديل، وكافة القوي السياسية مجتمعة، سواء كانت حاكمة أو معارضة، فالجميع مسئول عن تحمل واجبه نحو حماية مقدرات هذا الوطن، وكلهم مسئولون أمام شعب مصر العظيم، ولن يرحمهم التاريخ.. ورغم أن تحمل المسئولية متفاوت بقدر المواقع، وهذا ما يدركه الشعب، فإنني أري أن د. محمد مرسي الرئيس المنتخب بإرادة حرة، ليكون أول رئيس مدني لمصر، يتحمل النصيب الأكبر من المسئولية، من منطلق كونه ممثلا للإرادة السياسية لهذا البلد، وهو ما يتطلب منه تفعيلا كاملا لإرادته السياسية - بمنأي عن أيه مؤثرات - لتحقيق طموحات المصريين - كل المصريين - دون تغليب فصيل علي آخر.. في الوقت ذاته واجب عليه تصحيح المسارات ووضع الخطط العاجلة للإنقاذ، حتي يكون لنا السبيل الحقيقي لتفادي الأزمات التي تلاحقنا دون هوادة. الشعب يريد وضوح الرؤية في تحديد ملامح المشاركة المجتمعية لجميع المصريين في بناء مصرنا الجديدة، دون إقصاء لأحد أو تغليب لفصيل.. وخاصة أن التجربة الآنية التي اعتركناها منذ انتخاب الرئيس وحتي الآن، وما أصابها من إخفاق للتجربة، يؤكد لنا باليقين القاطع حتمية إعلاء معيار الكفاءة والقدرة في اختيار قيادات المرحلة من أبناء هذا الوطن، ممن يملكون مهارات القيادة، ولديهم إدراك فاعل علي طرح حلول لصياغة تنمية حقيقية قادرة علي تحقيق العدالة الاجتماعية، نعالج بها سلبيات ما تم اختيارهم في المرحلة الحالية، وما جانبه من صحيح اختيار، وما كشف عنه من سوء أداء، أصاب الشارع المصري بالحيرة التي يعيشها الآن، وهو الذي مازال يبحث عن الخير الذي انتخب رئيسه من أجله. وها نحن وقد أوشكنا علي الانتهاء من الاستفتاء علي الدستور، فإن الشعب ينتظر من د. مرسي ثورة تصحيح، يعيد بها اختيار القيادات القادرة علي معاونته في الحكم، بدءا من اختيار مستشاريه وحتي قيادة أصغر مؤسسة في الدولة، يكون التفضيل فيها للمحترفين بعيدا عن الهواة، ويكون معيار التقييم القدرة علي تحقيق التنمية حتي تتحقق العدالة الاجتماعية، بعيدا عن تحميل الموازنة أعباء إضافية، وبذلك نكون قد أدركنا بداية الطريق السليم.. وتحيا مصر.