لا أؤمن بشيء اسمه »زواج الصالونات«.. ورغم ذلك لم أغلق الباب أمام الذين تقدموا لي بهذه الوسيلة. فالبنت المصرية مهما بلغت من مستوي ثقافي واجتماعي وعملي تسعي إلي الزواج والاستقرار. وأنا واحدة منهن لأنني بنت مصرية نشأت وتربيت في هذا المجتمع.. وورثت هذا الموروث الثقافي والاجتماعي.. ولا مفر من الاعتراف بذلك. وإليك مشكلتي التي أتمني ان تساعديني في حلها.. أنا فتاة أبلغ من العمر 72 سنة.. أعمل بمركز مرموق بعد تخرجي في احدي كليات القمة. انسانة لي قناعات ورؤية في الحياة. فمثلا لا أؤمن بالزيجات التي تتم عن طريق »الصالونات«. وأشعر انها زيجات معلبة، مصطنعة. فكيف يذهب شاب إلي أسرة لا يعرفها، وبنت لم يرها، ويطلب ان يتعرف عليها وعلي أهلها، ربما يصير هناك تفاهم أو ارتياح أو استلطاف! لا أدري لماذا يتملكني التفكير أن هناك خللا ما في شخصية هذا الشخص الذي يلجأ إلي هذه الوسيلة للزواج، فمن الطبيعي ان يتواصل الشاب مع الناس والمجتمع، وفي وسط اندماجه الطبيعي يلتقي بشابة يحس انها قريبة منه في التفكير والاحساس، وهنا يبدأ التفكير في الارتباط والزواج. المهم.. تقدم لي شخص بنفس هذه الطريقة التي أكرهها، وافقت عليه فقط لأنه طلب أن تكون المقابلات خارج المنزل وفي اطار عائلي. واتخطبنا لكن محصلش نصيب. ومن يومها تأكدت داخلي قناعاتي برفض هذا الأسلوب في الزواج. المشكلة الآن. أنني أواجه موقفا صعبا. فقد تقدم لي عريسان في وقت واحد. أحدهما أوافق علي الارتباط به، لكن أمي لديها تحفظات بشأنه، والثاني لا أطيقه لكن أمي تؤيده وبشدة! الشخص الذي أريده في مركز مرموق لكنه يعاني من اعاقة بسيطة، وهذا لا يشكل أي مشكلة بالنسبة لي، فأنا أحترمه، وارتاح له. أما الثاني فلا أطيقه بالمرة. أنا لا أريد ان أغضب أمي.. وفي الوقت نفسه لا أستطيع أن أتزوج بمن لا أحبه، أو علي الأقل أرتاح وأسكن إليه. ماذا أفعل؟ الحائرة إ. م الكاتبة: أعجبني رأيك في زواج الصالونات. فأنا أيضا أجدها وسيلة غريبة لارتباط شخصين برباط مصيري مقدس، وعشرة عمر طويلة، ومؤسسة من المفترض أن تنتج ابناء وبناتا. أحفادا وحفيدات! لكن المجتمع أحيانا يفرز أنماطا من العلاقات عجيبة بعضها ناتج عن موروث ثقافي واجتماعي كما ذكرت، وبعضها نابع من تعقد الحياة، وارتباكها من حولنا! فمن يصدق أننا في عصر ثورة المعلومات، الإنترنت، والشات، و»البلاك بيري« نذهب إلي خاطبة حقيقية أو إلكترونية لتختار لنا من نتزوجه أو من نتزوجها! انه تناقض حاد لا أجد له تفسيرا غير أننا في حالة فوضي ثقافية وفكرية عارمة، تتصارع داخلنا الأفكار والقيم، ونناقض أنفسنا في اليوم الواحد ألف مرة ربما دون أن يستوقفنا هذا التناقض أو يوقفنا للحظة نتأمل خلالها ما نفعل، ونسأل أنفسنا لماذا نفعل ذلك؟! المهم الآن وقد دخلت في مشكلة أخري وهي الاختيار بين ما تهفو إليه نفسك، وما يختاره عقلك وقلبك، وبين من تتمناه أمك عريسا لك. طبعا الموضوع يحتاج إلي تروي وهدوء. فالزواج ليس نزهة قصيرة، بل هو حياة كاملة، وشركة طويلة المدي، لذلك خذي وقتك لاختبار مشاعرك الحقيقية، لا تتسرعي في الموافقة علي أيهما.. استمعي إلي رأي أمك ولا تغلقي أذنيك عنه، فقد تكون لديها حق في بعض الأمور. لاحظي انها أمك.. أي أنها الإنسانة التي تخاف عليك وتحبك أكثر من كل الناس. لذلك لا تتمردي علي كلامها مثل معظم البنات، بل فكري جيدا فيما تقوله، ولا تتعجلي كما ذكرت بل ضعي كل الأشياء الإيجابية في خانة، وكل الأشياء السلبية في خانة، وحكمي عقلك وقلبك معا دون تسرع أو تمرد. وعندها ستصلين إلي قرار هاديء، عاقل. أما غير ذلك فسيكون مخاطرة غير محسوبة قد تأتي لا قدر الله بنتائج غير طيبة. امنحي نفسك وقتا كافيا حتي ينضج داخلك القرار.. ولا تنسي انه أحد أهم القرارات المصيرية في حياتك.