المستشار عادل عبدالحميد طلبت لجنة تقصي الحقائق في قتل المتظاهرين السلميين من النائب العام إعادة عرض القضيتين المتهم فيهما مبارك والعادلي ورفاقهما علي محكمة جنايات القاهرة من جديد، علي أساس ان قرار الاتهام كان يضم اتهامات بقتل المتظاهرين والشروع فيه بميدان التحرير و11 محافظة أخري، وكانت المحكمة قد انصرفت في حكمها إلي أحداث ميدان التحرير فقط دون الأحداث الأخري في باقي الأماكن والمحافظات.. وطلبت اللجنة من النيابة الرجوع لذات المحكمة فيما أغفلت الفصل فيه.. وعلي الفور أعلن النائب العام ان اغفال هذه الطلبات كان الأساس في طعن النيابة بالنقض علي الحكم. فهل يجوز للجنة تقصي الحقائق ان تطلب إعادة المحاكمة؟.. وهل يتم الاستجابة لطلبها؟ يشدد وزير العدل السابق المستشار عادل عبدالحميد علي انه لا يجوز لأي جهة ان تناقش مرة أخري احكاما صدرت بالفعل بعد محاكمة عادلة أو تتعرض لها علي أي نحو. ولما كانت لجنة تقصي الحقائق لجنة إدارية لا تمارس أعمالا أو تحقيقات قضائية فهي لا تملك طلب إعادة أية محاكمة، ولكن يمكن لها إذا توافرت لديها أدلة جديدة ووقائع لم تكن متوصلا إليها من قبل مع حقائق لم يسبق عرضها علي المحكمة، ان تتقدم بها إلي النائب العام بمثابة بلاغ منها لكي تجري فيه النيابة التحقيق القضائي، فإذا اتضح لها ان في ذلك كله أو بعضه ما يفيد القضية فعلا فيمكن لها ان تقدمه بالطرق القانونية للمحكمة حيث ان النيابة لها حق الطعن بالنقض في الحكم إذا برأت المحكمة المتهم أو عاقبته بعقاب أقل مما هو منصوص عليه في القانون، كما ان للمتهم كذلك حق الطعن طالبا البراءة أو تخفيف العقاب إذا كانت المحكمة قد ادانته. المستشار مجدي شرف المحامي العام الأسبق والمحامي بالنقض يشير إلي أن الحكم الذي أصدرته محكمة جنايات القاهرة بإدانة مبارك والعادلي وتبرئة رفاقه، لم يصبح حكما باتا حتي الآن لأن النيابة العامة والمتهمين طعنوا عليه ولم تقل محكمة النقض كلمتها بعد، والمبادئ القانونية والأعراف القضائية تقضي بأن القضية مادامت منظورة أمام المحاكم ولم يفصل فيها بحكم نهائي بات فلا يحق لأي شخص أو جهة ما مهما علا شأنهما مناقشة موضوع القضية أو الحكم الصادر فيها. وطبقا لنص المادتين 11 و21 من قانون الإجراءات الجنائية فإن من حق محكمة الجنايات فقط وأثناء نظر القضية إقامة الدعوي الجنائية علي المتهمين، أو متهمين غيرهم، إذا رأت وقائع أخري أو جرائم مرتبطة بالتهمة المعروضة عليها، وتحيل هذه الوقائع والجرائم للنيابة العامة للتحقيق فيها أو ندب أحد أعضاء المحكمة للقيام بإجراء التحقيق. وهذا الحق مكفول أيضا للدائرة الجنائية بمحكمة النقض عند نظرها الموضوع بناء علي الطعن للمرة الثانية. ويري الدكتور غنام محمد غنام عميد كلية الحقوق بجامعة المنصورة واستاذ القانون الجنائي بها أن ضغوط الشارع المصري والغضب الجماهيري دفع البعض إلي محاولة اكتساب شعبية بامتصاصهما بطرق غير صحيحة منها الادعاء بأنه يمكن إعادة محاكمة المتهمين في قضايا قتل وإصابة المتظاهرين السلميين بالاستجابة لطلبات تكون في بعض الأحيان مخالفة للقواعد الدستورية المستقرة ومبادئ القانون الطبيعي والمحاكمات الجنائية، ذلك انه لا يجوز إعادة محاكمة المتهم عن ذات التهمة إذا كانت الواقعة واحدة، أما إذا اختلفت الواقعة وكان الاتهام عن أحداث أخري فيجوز إعادة المحاكمة. ويضيف لا يجوز للجنة تقصي الحقائق ان تطلب من النيابة ان تخاطب محكمة جنايات القاهرة لتعيد المحاكمة لأنها لم تقدم لها أدلة أو وقائع جديدة، كما ان النيابة من تلقاء نفسها - كما أعلنت - أقامت طعنها بالنقض علي أساس أن محكمة الجنايات لم تفصل في جميع الاتهامات التي تضمنها قرار الاتهام الذي أحالت بموجبه النيابة المتهمين للمحاكمة حيث اقتصرت علي النظر في بعض الاتهامات دون الأخري، كما أنه كان عليها ذكر الإدانة والبراءة ولاتصمت، وهذا سبب قوي لقبول النقص وإعادة المحاكمة أمام دائرة جنايات جديدة. ونحن نري أن طلب لجنة تقصي الحقائق بإعادة المحاكمة غير مجدي والأجدر أن تقدم وقائع وأحداث جديدة للنيابة العامة لتحقق فيها وتتخذ فيها الشأن الذي تراه مناسبا.