أكد قانونيون وقضاة أن طعون النائب العام علي أحكام البراءة الصادرة أمس بحق بعض المتهمين في قضايا إهدار المال العام والتربح قانونية فالنيابة خصم يحق له الطعن علي الأحكام, لكن محكمة النقض غير ملزمة بقبوله فهي تحاكم الحكم وليس الأشخاص. وطالبوا بضرورة مراجعة أوامر الإحالة الصادرة من النيابات إلي الجنايات وعدم التسرع في إحالة أي متهم دون إسباغ التهمة عليه. وأكدوا أن الأحكام الصادرة فخر للقضاء المصري, لأنها تكذب الشائعات بأن القضاء يحكم بنبض الجماهير, ويتأثر باتجاه الرأي العام. وقال رجائي عطية المحامي بالنقض إن القانون أعطي للنيابة الحق في الطعن علي الأحكام, باعتبارها خصما وطرفا في الخصومة, ولكن ليس معني ذلك أن يكون الطعن علي الحكم الزاميا بقبوله, ولمحكمة النقض أن تقدر الرفض وتأييد الحكم أو قبول الطعن. وأضاف أن طعن النائب العام علي قرار محكمة جنايات السويس بإخلاء سبيل المتهمين في قضية قتل المتظاهرين أمر يختلف في إجراءاته عن الطعن علي الأحكام الصادرة ببراءة عدد من المتهمين في قضايا إهدار المال العام, وفي هذه الحالة يحق للمحكمة المختصة وهي محكمة جنايات السويس قبول الطعن أو رفضه. وأشار المستشار حسني عبد الحميد مساعد المدعي العام الاشتراكي الأسبق إلي أن كل قضية تقوم بذاتها سواء في نوع الجريمة والاتهام أو العقوبة, وبالتالي لايجوز الإفراج عن أي من المتهمين الصادر بحقهم حكم بالبراءة في إحدي القضايا طالما يخضعون لمحاكمات في قضايا أخري, أما من لم يصدر قرار بحبسهم علي ذمة قضايا أخري, فلا يجوز لأي سلطة احتجازهم وهو ماينطبق علي أسامة الشيخ ومحمد عهدي فضلي. وأضاف أن النائب العام هو الخصم الرئيسي في كل هذه القضايا, ويجوز له الطعن علي أي حكم, لكن السرعة في الطعن غير مقبولة. وأوضح أن الطعن يحاكم الحكم ولايحاكم الشخص ولهذا فإن محكمة النقض لاتراجع وقائع الاتهام بل تراجع الحكم لتري إذا ما كان الحكم التزم صحيح القانون أم لا. وقال إن هذه الأحكام مفخرة للقضاء المصري لأنه يثبت كذب الشائعات التي تدعي أن القضاء المصري يحكم بنبض الجماهير ويؤثر عليه ضغط الرأي العام, ومن شأن هذه الأحكام تعويضنا عما ضاع علينا من استثمارات وتزيد من رقعة الأمن في مصر, لأن المستثمر عندما يوقن أن القضاء لايسير وراء هتافات المتظاهرين لارضائهم وإنما يطبق فقط القانون ويحكم بما أمامه من أدلة ومستندات سيأمن علي استثماراته في مصر. وطالب عبد الحميد بأن يسارع القضاء المصري بالبت في الأحكام فيما أمامه من قضايا لتهدئة الرأي العام الرافض لتأخر صدور الأحكام. كما طالب المجتمع المصري بقبول أحكام القضاء وعدم الانسياق وراء دعوات التظاهر ضدها, لأن الأحكام عنوان الحقيقة وكل حكم قابل للطعن عليه, وأن دائرة التقاضي لها قدسية يجب احترامها. وأكد خالد أبو بكر عضو الاتحاد الدولي للمحامين أن طعن النائب العام علي أحكام البراءة قانوني لكن أوامر الإحالة وأدلة ثبوت الاتهام التي صدرت من مكتب النيابة إلي المحكمة تستحق الدراسة أكثر من ذلك. ودعا أبو بكر النيابة العامة إلي عدم التسرع إطلاقا في إحالة أي من المشكو في حقهم أمام محكمة الجنايات دون التحري من إسباغ التهمة علي المتهم. وأوضح أن المستفيدين من الأحكام التي صدرت بالبراءة هم المتهمون الهاربون ومعهم الوزير الأسبق رشيد محمد رشيد, فقد أقرت الأحكام بالتصالح في القضية لمتهمين آخرين وعلي ذلك يستطيع المتهم الهارب طلب إعادة المحاكمة وأن يستفيد بالمبدأ الذي أقرته المحكمة في التصالح مع بعض المتهمين. ودعا المجتمع المصري إلي أن يتعامل مع من برأته المحكمة علي أنه برئ تماما ومن يوجه له أي اتهام لاحق سيضع نفسه تحت طائلة القانون لأنه أصبح بريئا بحكم محكمة.