الجزار: مسئولو المدن الجديدة في جولات موسعة لمتابعة مشروعات رفع الكفاءة والتطوير والنظافة    غدا.. مجلس الشيوخ يناقش ملف جودة التعليم العالي    غدا.. مجلس الشيوخ يفتح ملف التصنيع الزراعي    السيسي: مصر تتمتع بموقع متميز ومحور رئيسي لنقل البيانات بين الشرق والغرب    روسيا تعلن تدمير 17 مسيرة أوكرانية    جدول مباريات اليوم.. الزمالك لحجز مقعد بنهائي الكونفدرالية.. ديربي لندن.. وترقب تريزيجيه    الأقباط السودانيون يتصدرون المشهد بقداس أحد الشعانين بدير الأنبا سمعان (صور)    42 عاما على تحريرها تنمية سيناء رد الجميل لشهداء الوطن    سعر الدولار اليوم الأحد 28 أبريل.. وقائمة أبرز العملات العربية والأجنبية    وزير الاتصالات يستعرض أمام السيسي محاور وأهداف استراتيجية مصر الرقمية    جولات لمسئولي المدن الجديدة لمتابعة مشروعات رفع الكفاءة والتطوير والنظافة    العودة في نفس اليوم.. تفاصيل قيام رحلة اليوم الواحد للاحتفال بشم النسيم    انطلاق دورة دراسات الجدوى وخطط الصيانة ضمن البرنامج التدريبي للقيادات المحلية    فرنسا تتهم زوجة قيادي في داعش بارتكاب جرائم ضد الإنسانية    غدا.. «بلينكن» يزور السعودية لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن    أنا وقلمى .. القادم أسوأ    افتتاح معرض أنشطة المدارس الرسمية لغات بالبحيرة    48 ساعة فارقة للأهلى والزمالك.. خطة «كولر وجوميز» لعبور نصف نهائى القارة السمراء    حالة الطقس اليوم.. الأحد حار نهارًا على أغلب الأنحاء والقاهرة تسجل 31 درجة    مصرع شخص وإصابة 23 آخرين في حادث تصادم بصحراوي أسوان/القاهرة    «تعليم مطروح» تنهي استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني    بعد اتهامها بالزنا.. عبير الشرقاوى تدافع عن ميار الببلاوى وتهاجم محمد أبو بكر    وداعًا المبهر العظيم صلاح السعدنى    الليلة الكبيرة - عيلة تايهة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : شكرا سيدى على الدعوة00!؟    نصائح هامة لتنظيم ساعات النوم مع التوقيت الصيفي    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    ننشر أسعار الريال السعودي في البنوك المصرية الأحد 28 أبريل 2024    مواعيد مباريات اليوم الأحد 28- 4 -2024 والقنوات الناقلة لها    انتوا بتكسبوا بالحكام .. حسام غالي يوجّه رسالة ل كوبر    خلال شهر مايو .. الأوبرا تحتفل بالربيع وعيد العمال على مختلف المسارح    تحرير 7 محاضر مخالفة ضد أصحاب مخابز بالأقصر    تزامنًا مع قضية طفل شبرا.. الأزهر يحذر من مخاطر Dark Web    عاجل.. مدحت شلبي يفجر مفاجأة عن انتقال صلاح لهذا الفريق    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    لا بديل آخر.. الصحة تبرر إنفاق 35 مليار جنيه على مشروع التأمين الصحي بالمرحلة الأولى    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    لتضامنهم مع غزة.. اعتقال 69 محتجاً داخل جامعة أريزونا بأمريكا    عاجل.. قرار مفاجئ من ليفربول بشأن صلاح بعد حادثة كلوب    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    مصرع 5 أشخاص وإصابة 33 آخرين في إعصار بالصين    رفض الاعتذار.. حسام غالي يكشف كواليس خلافه مع كوبر    آمال ماهر ل فيتو: مدرسة السهل الممتنع موهبة ربانية ومتمرسة عليها منذ الطفولة    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    تملي معاك.. أفضل أغنية في القرن ال21 بشمال أفريقيا والوطن العربي    العالم الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة ويكشف عن مكانه    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آخبار اليوم «.. تفتح أوراق قائد إعداد الدولة للحرب
د. محمد عبدالقادر حاتم: الدروس المؤلمة للنكسة .. گانت ضربة البداية للإنتصار

د. محمد عبدالقادر حاتم .. رجل دولة وسياسى ماهر وإعلامى قدير
السادات تأكد من نجاح خطة تضليل أمريكا .. قبل ساعات من المعركة
السادات يشيد يوم 01 أكتوبر بنجاح خطة الإعداد للحرب
خدعنا إسرائيل مرتين فأعلنا التعبئة ولم نحارب ثم كانت صدمة أكتوبر
د. عبدالقادر حاتم ارتبط بصداقة قوية مع الرئيس أنور السادات
لم تكن حرب أكتوبر عام 3791 مجرد معركة عادية تخوضها قواتنا المسلحة بعد نكسة 7691 المريرة بل كانت صفحة مضيئة في تاريخ مصر وأمتها العربية.. واليوم وبعد مرور 93 عاما علي زلزال اكتوبر الذي تميز بالمفاجأة الاستراتيجية التي أذهلت العالم نتيجة لخطة التعتيم الاعلامي المحكمة التي أسهمت في إعداد الدولة للحرب دون أن يشعر أحد بذلك علي المستويين الداخلي والخارجي وهي ما جعلت الرئيس الأمريكي الاسبق ريتشارد نيكسون يصفها بأنها وضعت بذكاء ونفذت بكفاءة كبيرة ومثلت خيبة أمل لجهاز المخابرات الأمريكية والإسرائيلية حيث لم يكن يتصور أحد أن حرب 6 أكتوبر سوف تندلع إلا قبل ساعات قليلة من إندلاعها وعبور قناة السويس
في كتابه »حرب يوم الغفران« قال الجنرال إيلي زعيرا رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية عام 3791 أن كل موضوعات الإعلام المصري كانت حملة خداع من جانب الرئيس أنور السادات أو شخص ما بجواره وأن ذلك ليعتبر أكبر نجاح لمصر في حرب يوم الغفران.
والذين عاشوا هذه الفترة يتذكرون كيف كانت الحالة في مصر والعالم العربي كله وكيف كانت حالة الاحباط في امكانية استرداد الارض واستعادة الحق بعد هزيمة 76 وكيف خرج الشباب في القاهرة يهتف بسقوط المسئولين بل وأجتمع كبار المثقفين وأصدروا بيانا ينتقدون فيه الاوضاع في الدولة وبقاء حالة اللاحرب واللاسلم.
أما الرجل الذي أشار اليه الجنرال إيلي زعيرا بأنه شخص ما يقف بجوار الرئيس السادات والذي لعب دورا كبيرا في عملية التعتيم الإعلامي التي اخفت موعد الحرب والعبور للحاجز المائي الصعب لقناة السويس يوم 6 أكتوبر المجيد عام 3791 فهو الدكتور محمد عبدالقادر حاتم رجل الدولة والسياسي والاعلامي البارز ومهندس إعداد الجبهة الداخلية ليوم الثأر العظيم والذي كان يشغل في ذلك الوقت منصب نائب رئيس الوزراء في وزارة الحرب التي كان يرأسها السادات بنفسه.. وقد حصلت »أخبار اليوم« علي الكثير من الاوراق الخاصة التي كتبها الدكتور حاتم، وفيها مالم ينشر من قبل، ومع صور نادرة.. وسمح بأن نقلب في هذه الاوراق وتقديمها إلي القارئ في ذكري النصر.
الورقة الأولي
يقول د.محمد عبدالقادر في الورقة الاولي من أوراقه عن حرب أكتوبر التي يشهد من خلالها علي العصر.
عندما كلفني الرئيس الراحل أنور السادات قبل حرب أكتوبر 3791 بأن أكون مسئولا عن الحكومة وأن أنوب عنه في رئاسة مجلس الوزراء بجانب مسئوليتي عن وزارة الاعلام كان أول شئ فكرت فيه هو تحليل الموقف الدولي بصفة عامة والرأي العام بصفة خاصة وأنعكس ذلك علي قراري الاول في مجلس الوزراء.. وهو عدم الإدلاء بأي تصريح مباشر أو تلميح عن الأداء أو الاستعداد للحرب وانطبق ذلك علي العسكريين والسياسيين أيضا وكنا في هذا نستفيد من الدروس السابقة نتيجة التصريحات غير المسئولة والتهديدات الجوفاء التي طالما ترددت وأستغلتها إسرائيل لمصلحتها حتي حدثت هزيمة يونيو 7691 وبالتالي كانت بداية خطة العمل الاستفادة من الدروس المؤلمة للنكسة.
وكانت إحدي أولوياتي هي استعادة ثقة الشعب في الحكومة وفي وسائل الاعلام الوطنية.. وعلي هذا الاساس جري الاعداد والتخطيط الذي حقق النصر، وكان أعلام اكتوبر سندا وعونا في نجاح الجهد الدبلوماسي والأداء العسكري في تحقيق النصر النهائي، وأذكر انني قلت عندما ألقيت بيان الحكومة امام مجلس الشعب بأن مصر مصممة علي تحرير الارض واستشهدت بالآية الكريمة »كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم«.
ثم بدأت إدارة الدولة بسرية تامة والتخطيط السليم التي اتسمت بهما أعمال حكومة 37 ولعل من أبرز ملامحها النغمة الجديدة التي لم يألفها الشعب من المسئولين من قبل. حينما أعلنا ان مصر تسعي لتحرير ارضها المغتصبة لأن هذا حقها وكلمة التحرير مقبولة لدي جميع اجهزة الاعلام الغربية بعكس كلمة الحرب، بعد ان كانت النغمة السابقة يغلب عليها التهديد بالحرب والتدمير للعدو وبدأ هذا المنهج الاعلامي بعد تشكيل الحكومة مباشرة والذي اتسم بالواقعية والمصارحة والنغمة الهادئة حتي اصبحت اجهزة الاعلام في العالم كله تتبع ما تذيعه وتنشره مصر.
وكان هذا في الواقع جزءا من الخطة التي وضعتها لسياسة الحكومة ووافق عليها الرئيس الراحل أنور السادات، بعد أن أعلن أن مقره سيكون في القيادة العامة للقوات المسلحة، وتم تشكيل لجنة عمل عليا برئاستي لتولي ادارة الحكومة وكانت تضم نواب رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب ورئيس المخابرات و وزير الخارجية وكانت هذه اللجنة في حالة انعقاد دائم طوال ايام حرب اكتوبر، كذلك كانت اجتماعات مجلس الوزراء تستمر ساعات طويلة وصلت في بعض الأيام إلي تسع ساعات.
وكان أحد اهتماماتنا الرئيسسية توفير متطلبات المواطنين من السلع الغذائية والتموينية فقد كنا وضعنا تخطيطا استراتيجيا لاحتياطي التموين في كل محافظة بل لكل مدينة وقرية الامر الذي جعل الشعب لا يلجأ لما تفعله الشعوب الاخري وقت الحرب من محاولة تخزين السلع الغذائية خوفا من نفادها.. هذا إلي جانب توفير جميع المواد الضرورية للقوات المسلحة وتأمين احتياجاتها بالرغم من الحصار البحري وظروف المعارك.
الورقة الثانية
وفي الورقة الثانية يذكر د. حاتم أن الخطوات التي اتخذها قبل الحرب سنه 2791 كان القرار الخاصه بالسماح بكل الكتب والمطبوعات التي تتضمن معلومات عن اسرائيل بدخول مصر، وكان هذا في الواقع ردا غير مباشر علي ما قاله موشي ديان في اعقاب هزيمة 7691 »إن العرب لا يقرأون، فلو كانوا قرأوا ما كتب عن عام 6591 لعرفوا كيف يواجهوننا« ولذلك عندما شرعت هيئة الاستعلامات في ترجمة الكتب الاجنبية عن اسرائيل وكتبت في تقديم اول اصدار »بل إننا نقرأ يا ديان« فعلي عكس ما كان عام 7691 كنا نعرف في عام 3791 ماذا نريد.. كان الاعداد والتخطيط علي أعلي مستوي علمي شاملا الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية والاعلامية.
ولم يكن غائبا عن التخطيط والاعداد للحرب، قيود وحدود ظروف العصر وضوابط التوازن وسياسة الوفاق بين القوتين العظميين واللتين فرضتا الاسترخاء العسكري.. لذلك ان التزام السرية وعنصر المفاجأة أحد الاسس الرئيسية للتخطيط لذلك لم يعرف توقيت بدء الحرب أو ما يعرف بساعة الصفر الا عدد محدود من القيادات العليا العسكرية.
ومن هنا ركزت الخطة الاعلامية قبل المعركة علي الايحاء ان مصر تتجه نحو العمل و النضال السياسي.. مثال ذلك عندما زار كورت فالدهايم سكرتير عام الأمم المتحدة المنطقة تم تسريب أخبار لاجهزة الاعلام العالمية بأن مصر اكدت لفالدهايم إيمانها بضرورة التسوية السلمية بالشرق الاوسط كما بدأت وسائل الاعلام المصرية في ترويج أنباء مفادها ان اسلحة مصر وسوريا ليست علي مستوي الحرب وأن معدات الدفاع الجوي والصواريخ المضادة لا تقدر علي التصدي أو مواجهة اي هجوم بعد خروج المستشارين السوفيت عام 2791.
بينما الحقيقة ان كل الخطوات والاجراءات التي تم اتخاذها سواء قبل أو أثناء المعركة كانت مدروسة بعناية لتحقيق الاهداف الموضوعة وعلي رأسها ان القرار قرار مصر وأنها تعتمد علي نفسها وأبنائها في استعادة الكرامة الوطنية ورد الاعتبار للجندي المصري. ولعبت الكلمة المنطوقة من خلال الاغنية الوطنية في الاذاعة والتليفزيون دورا كبيرا في تحقيق تلك الاهداف بجانب تعميق القيم الروحية ومشاعر التفاني والتضحية بين المواطنين بصفة عامة والجنود بصفة خاصة.
الورقة الثالثة
ويقول د. حاتم في الورقة الثالثة كان من اهم العناصر التي وضعتها في اعداد الدولة للحرب دون التحدث عنها هو عنصر المفاجأة وكيف أننا سربنا أخبارا بأننا سنقوم بحالة طوارئ ونشر الخبر في لبنان وبعض اجهزة الاعلام العالمية وقام ديان بحشد قواته وتكلف ثلاثة ملايين دولار وبعد ذلك عرف بأننا لم نقم بحالة الطوارئ وأعدنا الخبر بعد شهر فاعاد اعلان حشد قواته ولم تقم بالقيام بحالة الطوارئ.. وبعد ذلك قال ديان في تصريحاته وفي مجلس الوزراء الاسرائيلي ان هذا كله للاستهلاك المحلي المصري ولما تم حشد القوات المسلحة فعلا لم يحشد قواته الا يوم 4 اكتوبر بعد فوات الاوان أما الإعلام الذي كنت أتحمل مسئولياته إلي مسئولية الوزارة أمام مجلس الشعب فقد كان له دور مهم لعبه بكفاءة عالية في تلك الفترة حيث اعتمدنا في سياستنا الإعلامية علي تقديم الحقائق للشعب وللعالم برزانة وموضوعية.. والابتعاد عن المغالاة أو المبالغة في تقدير قوتنا وانتصاراتنا، وكذلك الامتناع عن الاستخفاف بقوة العدو.. وانتهاج أسلوب هدفه تقديم الحقائق بعيدا عن الانفعال.. والالتزام بمبدأ الإيحاء بالأعمال وليس بالكلام.
وبهذا تجنب الإعلام المصري الارتجال، وردود الأفعال الانفعالية التي تجلب من الضرر أكثر مما تأتي بالنفع وكان الهدف الرئيسي للاعلام الخارجي هو التركيز علي رغبة العرب في السلام للتفرغ لاعمال البناء والتعمير والتقدم، وتوضيح الحقائق التي تؤكد أن حكام اسرائيل لا يؤمنون بالسلام لأن مجدهم الشخصي قائم علي شن الحروب واكتساب البطولات الزائفة علي جثث الضحايا من شعبهم، ودليلنا علي ذلك العدوان المتكرر الذي مارسوه منذ عام 8491.
الورقة الرابعة
ويتحدث د.محمد عبدالقادر حاتم في الورقة الرابعة عن عناصر تنفيذ خطة الاعلام التي حققت المفاجأة الاستراتيجية فيقول:
قدمت للرئيس السادات دراسة عن المفاجأة الاستراتيجية: وكان من بين ما قدمته دراسة تاريخية منذ عام 9391 حتي عام 0791 وجدولا يبين الحروب التي قامت علي اساس المفاجأة الاستراتيجية وكلها نجحت وأهمها:
غزو المانيا للنرويج عام 0491، وغزو المانيا لروسيا 1491.. وغزو اليابان لبيرل هاربور 1491.. وغزو اليابان للملايو واحتلال سنغافوره عام 2491.. ومهاجمة كوريا الشمالية لكوريا الجنوبية 0591.. واسرائيل تهاجم مصر يونيو 7691.. والغزو السوفيتي لتشيكوسلوفاكيا 8691.
وهناك ملحوظة بأن خطة الامن الاسرائيلي بنيت علي عقيدة الهجوم ولم تتدرب اسرائيل علي وسائل الدفاع، لذلك اذا اتبعت مصر وسائل واساليب الاعلام لخداع وتضليل اسرائيل بحيث تأخذ مصر زمام المبادأة متبعة مبدأ المفاجأة الاستراتيجية المبنية علي السرية التامة بين رئيس الجمهورية وشخص واحد فقط لينفذها، سيكون النجاح حليف مصر بعون الله.. اما عناصر تنفيذ خطة الاعلام التي حققت المفاجأة الاستراتيجية فقد شملت:
وضع هدف استراتيجي له شروط سرية للغاية لتحقيقه: ويقصد بالهدف الاستراتيجي هنا قرار الحرب وسرية تحقيقه لاتنبع من وجود أو عدم وجود نية الحرب فظروف ما بعد 7691 تقود إلي طريق واحد هو الحرب ولكن السرية تكون في الاعداد لهذه الحرب من ناحية واقناع اسرائيل بعدم قدرتنا علي الحرب من ناحية ثانية.
وضع هدف مخادع لتحويل الانظار اليه بعيدا عن الهدف الاستراتيجي: ويقصد بالهدف المخادع عنا اقناع اسرائيل والعالم بإقتناعنا أو بالاحري بتسليمنا ان لا سبيل امامنا سوي التسوية السلمية وتكثيف الانشطة التي تخدم هذا الهدف فمثلا إشاعة ان مصر تريد تحرير الارض المحتلة وليس العدوان علي اسرائيل وهي عبارة تجد في الغرب صدي افضل من الاستعداد للحرب.
التحكم المركزي والسرية التامة والسيطرة علي المعلومات الصادرة عن مصر وذلك من خلال المركزية المطلقة بحيث لايذاع أو ينشر اي خبر أو تصريح او مقال او معلومة ما الا بموافقة الرقابة عليها: والرقابة هنا في يد شخص واحد هو المسئول عن تنفيذ خطة المفاجأة الاستراتيجية وهذا ما حدث فعلا فقد كنت احتفظ بمنصب وزير الاعلام والرقيب العام علي كل البرقيات الصادرة من مصر وعلي كل ما تنشره الصحافة المصرية وعلي ما يذاع او يبث في الاذاعة والتليفزيون وكنت المسئول عن تحديد ما ينشر ومالاينشر ومسئولا عن تحديد المعلومات التي تعلن والشخصيات التي تنسب اليها هذه المعلومات والتوقيت الذي يتم فيه ذلك.
استخدام اساليب الخداع والتمويه الإعلامي: فعلي سبيل المثال كنا نركز علي معلومات بعينها ونضخمها وفي المقابل نهون من معلومات اخري وفي بعض الاحيان كنا نقدم معلومات متناقضة وتقديرات متعارضة وندفع اسرائيل للانشغال بتفسيرها، وكنا نستخدم المعلومات المضللة وتسريب اخبار معينة والاعتماد علي مصادر متعددة واماكن مختلفة لممارسة عملية الخداع والتمويه فعلي سبيل المثال كنا نصدر معلومات عن مصر من القاهرة ومن اماكن اخري كبعض العواصم العربية بل والاوروبية أو من خلال مسئولي بعض الدول الذين يتظاهرون بالصداقة لنا في حين انهم يبغون التعرف علي نوايانا لابلاغ اسرائيل.
المتابعة المستمرة لمعرفة تأثير اساليب الخداع والتموية علي العدو: وذلك من خلال متابعة المعلومات والتصريحات الصادرة من او عن اسرائيل فيما يتعلق بالانباء والمعلومات التي استخدمناها في اعمال الخداع والتمويه وتحديد مدي ما حققته من نجاح أو فشل ومراجعة هذه الاساليب اولا بأول وابتكار اساليب جديدة بسيطة أو معقدة استنادا إلي تجارب ونتائج الاساليب القائمة.
استخدام اساليب الحرب النفسية: وكانت وسيلتنا في ذلك الاذاعة العبرية التي انشأناها وجعلناها تبث من القاهرة ناطقة بالعبرية دون أن يعرف احد بوجودها وتستهدف الشعب الاسرائيلي خاصة شريحة الشباب منه، وكانت الرسالة الاعلامية للاذاعة العبرية تقول ان الحرب اثم كبير حرمته الاديان المختلفة وان اليهودية والمسيحية والاسلام اديان سماوية موحدة ترفض الحرب والقتل والدم وان السبب فيما يحدث في الشرق الاوسط ليس بسبب العرب وليس بسبب الشعب الاسرائيلي بل بسبب قلة من المسئولين والقيادات الاسرائيلية التي تري في استمرار حالة الحرب وضعا معززا لمكانتها حتي لو كان ذلك علي حساب دماء الابرياء وقادة اسرائيل منذ بن جوريون حتي جولدا مائير عددهم قليل وهدفهم البقاء في الحكم ومن ثم آن الاوان للعيش في سلام والتنديد بالحرب وقد نجحت هذه الاذاعة العبرية في ايجاد شريحة ليست قليلة من المستمعين الاسرائيليين وكانت تذيع احدث الموسيقي والاغاني التي يحب سماعها الشباب.
د. حاتم يرأس اجتماع مجلس الوزراء نائبا عن الرئيس السادات
الورقة الخامسة
يتساءل د. حاتم ماذا فعلنا في المفاجأة الاستراتيجية من خلال الورقة الخامسة ؟
- كان تحقيق المفاجأة الاستراتيجية يمثل قلب خطة اعداد الدولة للحرب ومن ثم كان التعامل مع الدعاوي والمزاعم الاسرائيلية في ضوء هذا الهدف، ومن ثم توجه عملنا نحو تأكيد هذه الدعاوي لدي الاسرائيليين انفسهم، بمعني اقناعهم تدريجيا بأن ما يقولونه ويصفون به العرب هو واقع حقيقي وما يقولونه عن قوتهم وقدرتهم هو ايضا أمر حقيقي.
التعميم علي الصفقات التي تعقدها مصر مع دول العالم لشراء احتياجاتنا من الخارج، وبالنسبة لاحتياجات القوات المسلحة كان يتم ذلك التعتيم من خلال تحرك مسئولي الجيش يشاركهم مسئولون ينتمون لوزارة من الوزارات وكلهم يظهرون باعتبارهم مدنيين يمثلون هذه الوزارة وفي بعض الحالات نعلن نحن عن عقد صفقات للوزارة المدنية هذه أو تلك في حين انها كانت تتوجه للقوات المسلحة.
استخدام بعض الاخبار العسكرية عن اسرائيل في تحقيق المفاجأة الاستراتيجية، فبعد ان كنا نرفض ان تنشر صحافتنا واعلامنا اي اخبار عن صفقات السلاح الاسرائيلية أوعن تقدير موقف لصالح اسرائيل، بدأنا نستخدم هذا الاجراء في القدرات الكبيرة التي تمتلكها اسرائيل، وعما يقال عن ان اسرائيل قادره علي تحويل القناة إلي مقبرة حارقة أو عن خط بارليف وعلي الرغم من تأثير ذلك علي الجبهة الداخلية من اصابتها بالاحباط، الا انه كان ذا تأثيركبير في توصيل الرسالة الاساسية التي نريد ان تصل لاسرائيل وهي ان مصر غير قادرة علي الحرب ومن ناحية اخري يزيد من الغرور والغطرسة الاسرائيلية بما في ذلك من اثر علي استعداداتهم اي يحقق الهدف الاستراتيجي وهو تحقيق المفاجأة.
معالجة الحساسية الاسرائيلية بإعلان التعبئة كأول رد فعل: ونظرية الامن الاسرائيلية تحتم اعلان التعبئة العامة واستدعاء الاحتياط عند اي انذار باقدام أي دولة عربية علي القيام بعمل عسكري غير تقليدي سواء كان هذا العمل عسكريا قتاليا مباشرا أو كان مجرد نقل أو اعادة توزيع قوات واسرائيل تطبق هذه المسألة بشكل كامل ولذلك فلقد تربي لدي المسئولين الاسرائيليين حساسية شديدة من وجود اي انذار وهذه الحساسية تدفعهم إلي رد فعل واحد لا يتغير هو اعلان التعبئة العامة والوقوف في حالة استعداد قد تتطور إلي حالة مبادأة هجومية وكان هناك عنصرمهم موجه اساسا إلي مسئولي اسرائيل هذا العنصر هو جعل مسألة اعلان التعبئة العامة و استدعاء الاحتياط مسألة ثقيلة علي كاهل المسئولين وجعلها خيارا تاليا لخيارات اخري وليس هو الخيار الاول كما كان وتم تنفيذ هذا الامر من خلال الاستفادة مما حدث في عامي 1791 و2791 فيما يخص المناورات المصرية أو التدريبات أو أي انشطة مصرية لقيت اهتمام ولفتت انتباه اسرائيل مع البناء علي هذه الامور لتدعيم ما نريد توصيله إلي المسئولين في اسرائيل. ويمكن في هذا المجال الاشارة إلي عام 3791 فقد استطعنا خلاله ان نوصل إلي اسرائيل معلومات عن نوايانا بأننا سنحارب في وقت معين وهو ما حدث في شهر مايو ثم في شهر اغسطس 3791 وفي الحالتين اسرعت اسرائيل بإعلان التعبئة العامة والاستدعاء الكامل لقوات الاحتياط في حين كانت القوات المصرية يبدو عليها حالة الاسترخاء شبة التام. وكان يتم توصيل هذه المعلومات إلي إسرائيل من خلال وسائل غير مباشر سواء من خلال مسئولي بعض الدول، الذين يتظاهرون بمظهر الصداقة لنا في حين اننا نعرف انهم يبغون التعرف علي النوايا المصرية وابلاغها إلي اسرائيل أو من خلال بث انباء متفرقة مختلفة المصادر في عواصم عربية واجنبية عن استعداد مصر في شهر مايو للحرب أو اعلان ذلك في شهر اغسطس وكان اعلان التعبئة العامة في اسرائيل في هذه الفترة التي كانت خطة المفاجأة الاستراتيجية الخداع الاعلامي قد بدأت تحقق نجاحا في اقناع العالم واسرائيل شعبا ومسئولين سياسيين بأن مصر لن تدخل الحرب علي الاقل في المستقبل القريب كان امرا من الصعب تقبله في المجتمع و السياسة الاسرائيلية، خاصة ان تكلفتها عالية اذ كان تنفيذ التعبئة العامة يكلف اسرائيل عشرة ملايين دولار في كل مرة، إلي جانب نجاحات باقي جوانب خطة الخداع والتمويه في جعل مسألة اعلان التعبئة العامة مسألة ثقيله علي المسئولين الاسرائيليين للحد الذي استدعي ان تجتمع رئيسة الوزراء الاسرائيلية جولدا مائير مع ووزير الدفاع موشيه ديان وابلغته بأن تكلفة تنفيذ التعبئة العامة المالية والمعنوية علي الشعب الاسرائيلي تكلفة عالية وعلي العسكريين ان يتيقنوا من جدية ما يدفعهم إلي إعلان التعبئة يعني وقف كل الاعمال في إسرائيل واسراع كل فئات الشعب بحمل السلاح والسفر إلي وحداتها العسكرية.
الورقة السادسة
وفي الورقة السادسة يتحدث د. حاتم عن دراسة الرأي العام المصري دراسة تحليلية عملية: كان قد ضمتها رسالتيه للدكتوراه عن الاعلام والرأي العام الداخلي والعالمي ومن خلال هذه الخبرة العلمية كان تقدير الموقف الاعلامي يرمي إلي الاستفادة من الاوضاع الداخلية في مصر عام 3791 في تحقيق المفاجأة الاستراتيجية.. فقد كانت الاوضاع الداخلية طوال العام السابق علي حرب اكتوبر 3791 صعبة للغاية، فالجميع يشعر بالغضب
يفقد القدرة تدريجيا علي الانتظار أو حتي الاستعداد، والجميع يريد لهذا الوضع ان ينتهي. لذلك كان رد الفعل الجماهيري تجاه تشكيل الحكومة الجديدة في اول عام 3791 سلبيا غاضيا رافضا، وفي احسن ظروفه كان ساخرا منها.. وما حدث عامي 1791 و2791 من الاعلان في كل عام منها انه عام الحسم وانهاء هذا الجمود، جعل الناس يفقدون الثقة تدريجيا في قدرة الحكومة علي فعل اي شئ وهو ما وضح في عدد وحجم المظاهرات الشعبية التي شهدتها مصر طوال عام 3791 وحتي قبل ايام قليلة من اندلاع الحرب.
وكانت هذه المظاهرات تردد هتافات معادية للرئيس السادات والحكومة وتصف المسئولين اما بالانهزامية واما بالخيانة، مع توجيه افظع الشتائم إلي المسئولين.. ويري البعض ان المظاهرات التي شهدتها عام 3791 كانت كبيرة من حيث العدد والحجم، وتم نقل احداثها إلي اعلام بعض الدول العربية والارربية، وهذا كان في الحقيقة جزءا مكملا لخطة الخداع..
وكان الهدف من نقل أخبار هذه المظاهرات الشعبية إلي الاعلام الاجنبي، اقناع الجميع واولهم اسرائيل: ان مصر وان كانت ترفض الوضع القائم وشعبها يغلي من هذاالوضع ولا يطيق تحمله اكثر من ذلك، الا انها عاجزةعن المبادأة بعمل عسكري كبير يعيد اليها ارضها المسلوبة وكرامتها المهدرة، وان المسئولين المصريين يدركون ذلك ولا يستطيعون البوح به صراحة، ولكنهم يكتفون ببعض الشعارات والتصريحات الجماهيرية في البداية، ثم توقفوا عنها هي الاخري في عام 3791، وتوقف اي حديث او تصريح رسمي عن الحرب وبالفعل عبرت وسائل الاعلام الاسرائيلية عن ذلك، وكانت تهلل مع كل مظاهرة في مصر بان بالمسئولين المصريين غير القادرين علي اتخاذ قرار العمل الحربي، لانهم لو كانوا قادرين لما انتظروا وهم يرون ويسمعون مطالب ومشاعر غضب الشعب ثم جاءت صدمة أكتوبر التي زلزلت كيانهم بقرار الحرب وهم في حالة استرخاء.
وقد كان ممنوعا منعا باتا بنص تعليماتي للرقابة الصحفية وكنت الحاكم العسكري المسئول عن الرقابة اي تصريح سياسي عن الحرب كل هذا في نظير توجيه رسالة إلي إسرائيل من اجل نجاح المفاجأة الاستراتيجية.. وهي اننا لا نريد الحرب ونريد تنفيذ قرارات الأمم المتحدة من اجل حل المشكلة.. بل كان الهدف الاسمي المقصود من كل هذا أن نوهم اسرائيل بأن مصر جثة هامدة وهي لاتقوي علي الحرب.. وأن هذه المظاهرات الصاخبة من شباب مصر ومفكريها وسكوتنا عليها معناه اننا غير قادرين علي الحرب.
الورقة السابعة
وفي الورقة السابعة حدد د.حاتم عناصر تنفيذ المفاجأة الاستراتيجية من خلال عدة نقاط.
في كل فترة كنا نجري اختبارا لمعرفة مدي نجاحنا في تنفيذ خطة الخداع والتمويه، ومن ثم نجاحنا في تحقيق المفاجأة الاستراتيجية وكانت اهم هذه النقاط تلك الاخيرة السابقة علي اندلاع حرب السادس من اكتوبر مباشرة واذكر في هذا الشأن انه تم تكليف الدكتور محمد حسن الزيات وزير الخارجية بعقد لقاء مع وزير الخارجية الامريكية هنري كسينجر، وكان ذلك يوم الخامس من اكتوبر علي ان يكون حديثه عن استعداد مصر ورغبتها في التفاوض السلمي لاسترداد الارض وبالفعل قام الزيات بذلك وكانت نتيجة اللقاء كما وصفها الزيات بأنها سيئة للغاية، فقد قال له كيسنجر كلاما معناه: هل تريد ان تختار الوقت الذي تريده للحل السلمي ان مصر ليس لديها القوة ولا هي في مركز يسمح ان تملي شروطا علي اسرائيل ارجو ان نتقابل في اوائل السنة المقبلة.. ولكن كانت نتيجة اللقاء بالنسبة للرئيس السادات وبالنسبة لي ايجابية للغاية لأنها تؤكد ان الولايات المتحدة ليس لديها معلومات عن أن مصر ستهاجم بعد ساعات.
التنسيق مع قواتنا المسلحة للتمهيد للمفاجأة التكتيكية: ويقصد بهذا العنصر ضبط الانباء التي تصدر عن مصر في الايام الاخيرة السابقة علي يوم السادس من اكتوبر فيما يتعلق بقواتنا المسلحة، وكان ذلك بالتنسيق مع القائد العام لقواتنا المسلحة وقد تم تشكيل لجنة سرية من عدد قليل من القادة العسكريين والاعلاميين وقد وافقت والقائد العام المرحوم المشير أحمد اسماعيل علي نشر عدد من الانباء لخداع اسرائيل.
وتجسد هذا العمل في الاعلان عن ان القوات المسلحة المصرية ستقوم باجراء مناورة عامة، وانها بدأت في التجهيز لها واتخذنا مايكفل ان تعلم اسرائيل بهذه المناورة قبل اجرائها بوقت كاف حتي لا تفاجأ قبلها بقليل فتأخذ حذرها.. وتم تسريب معلومات عن هذه المناورة إلي إسرائيل بشكل سريع وكامل بحيث تحقق هدف الخداع الكامل الذي يتحقق من خلال القيام بأعمال خداعية متكاملة مقنعه وتقدم الاجابة عن اي سؤال أو تطور يحدث.
وتضمنت خطة التعامل مع الرأي العام المالي: توصيل رسالة بأننا نريد تنفيذ قرارات الامم المتحدة وانه علي الرغم من رغبتنا في السلام وعلي الرغم من ضعفنا النسبي الوقتي فان لنا حقا حاليا في استرداد اراضينا من خلال التسوية السلمية والوساطة الدولية، أو بعد ذلك من خلال الاعمال العسكرية متي استطعنا في الحالتين نحن علي حق وقد نجحنا في تهيئة الرأي العام العالمي لقبول حق العرب في الدفاع عن مصالحهم واسترداد اراضيهم بكل الوسائل المشروعة بما في ذلك القوة المسلحة كملجأ اخير لازالة العدوان واشاعة السلام والاستقرار في المنطقة مع العمل علي عزل اسرائيل دوليا من خلال ابراز تعنتها وعدم تنفيذها للقرارات الدولية بإعادة الاراضي المحتلة.. لذلك عندما جاء السادس من اكتوبر وبدأ القتال كان الرأي العام العالمي مقدرا لظروفنا التي دفعتنا للحرب ومؤيدا لنا ملقيا كل اللوم علي إسرائيل خاصة بعد اظهار ان مصر استنفذت فعلا كل الوسائل السلمية الممكنة.
الورقة الثامنة
وفي الورقة الثامنة تحدث د.حاتم عن حكومة المعركة ويقول: في يوم الجمعة 5 أكتوبر قبيل ساعة الصفر لمعركة اكتوبر بيوم واحد تمت خطوة دستورية ممتازة تطبيقا لمبدأ تعاون السلطات التنفيذية والتشريعية حينما اصدر الرئيس السادات قرارا بتشكيل لجنة العمل الوطني العليا وكلفني برئاستها وتضم في عضويتها: رئيس مجلس الشعب ونواب رئيس الوزراء ووزير الاعلام ووزير الخارجية ومستشار الامن القومي ومدير المخابرات وكان سكرتير هذه اللجنة شخصية ممتازة يقوم بالاتصالات السريعة التي كلف بها وهو عبدالعزيز الشافعي.
وقد قال الرئيس انور السادات: أنه سيكون في الساعة المحددة يوم السبت في مقر القيادة العسكرية العليا وسيتفرغ نهائيا لهذه المهمة الخطيرة وقال: اما العمل الوطني المدني الخاص بالداخل وتطورات الموقف ورد الفعل الاعلامي ورد فعل الحكومات الاجنبية عن المعارك مع إسرائيل فأنت رئيس لجنة العمل الوطني العليا وعليك ان تتصرف فيها واصدار التعليمات الحاسمة وهذه مسئوليتك الدستورية فأنت رئيس هذه اللجنة التي ستظل في حالة انعقاد دائم ليلا ونهارا.. واراد رحمة الله تشجيعي فقال: أنت مؤهل لهذا العمل الصعب فقد تخرجت في كلية الاركان حرب وحاربت في حرب 84 ولك خبرة سياسية في مراكز الدولة من عام 25 3791 اي 12 سنة وحصلت علي دكتوراه في الحقوق وماجستير في العلوم سياسية ودبلوم اقتصاد سياسي من لندن ووضعت رسالة ماجستير في اقتصاد الحرب لاسرائيل. وحسب الوقائع التاريخية فانه حتي هذا الاجتماع لم يكن يعلم عن ساعة الصفر احد من المدنيين وبعض الوزراء بل ارسلت لهم التعليمات يوم السبت 6 اكتوبر بالتواجد وعدم الانصراف من مكاتبهم وكل منهم يقيم في الوزارة منتظرا التعليمات مع تنفيذ ما سبق ان تقرر في اعداد الدولة للحرب في اجتماعات مجلس الوزراء التي كانت تنعقد اسبوعيا وتستمر تسع ساعات احيانا ونعلن بعد الاجتماع انه تم بحث سياسة وزارة من الوزارات أوحل مشكلة من المشاكل بينما حقيقة الامر هي تخطيط اعداد الدولة للحرب وتوفير كل متطلبات المعركة واحمد الله ان كل شئ نفذ حسب التخطيط الموضوع وبنجاح ولاشك ان الاعداد السليم الناجح يؤدي إلي النصرالمبين واذكر أنه اثناء الحرب ان جاءتني برقية بأن اسرائيل اصدرت تعليماتها إلي كل السفن في البحر الابيض الا تقترب من المواني المصرية وكان بعضها يحمل اسطوانات البوتاجاز وكنا في انتظارها لتكملة احتياطات البوتاجاز من اجل القوات المسلحة وجميع افراد الشعب وكان الرئيس السادات في مقر القيادة ولذلك اصدرت قرارا سريعا بأن تعود هذه السفن إلي اليونان وتستأجر سفنا اخري وتتجه إلي طبرق وارسلت إلي طبرق عددا كبيرا من اللواري لنقل هذه الاسطوانات إلي مصر.
وهنا اتذكر انه في يوم 01 اكتوبر ونحن في عز النصر ابدي الرئيس شكره علي اعداد الدولة للحرب بنجاح وكيف انه لم تظهر طوابير التموين أو أي ظاهرة قلق من جانب المواطنين كما يحدث للدولة عادة في حالة الحرب بل الاكثر والاغرب من ذلك ان الشعب الذي كان ساخطا يائسا لم تحدث من احد افراده اي جريمة في هذه المدة ولم يقم بالتهافت علي تخزين التموين كما يحدث في الحروب وقال الرئيس السادات انني قررت ان اعينك مساعدا لي وتتولي المجالس القومية المتخصصة وكانت نصا من بين بنود الدستور تنشأ المجالس القومية المتخصصة لمعاونة رئيس الجمهورية في رسم سياسته.. وكانت خطة اعداد الدولة للحرب تتضمن اعداد التموين اللازم للقوات المسلحة وكما يقول نابليون بأن الجيوش تسير علي بطونها فمعني ذلك اننا يجب العمل بكل الوسائل لتوفير مايلزم من احتياطات استراتيجية في اماكن متفرقة من البلاد مع ايجاد وسائل للدفاع الجوي عنها.. وكذلك كان يلزم معرفة احتياجات الشعب اليومية وتوفير المخازن والاماكن الاحتياطية في كل محافظة من المحافظات والكميات الضرورية لاحتياجات كل محافظة علي حدة.. وكذلك تأمين الدفاع الجوي والدفاع المدني علي جميع الكباري ومحطات السكك الحديدة والمخازن الهامة واماكن التجمعات السكانية والمخابئ الضرورية للسكان. كما أن هناك تقريرا يوميا عن حالة البلادالداخلية وتأثير البيانات العسكرية ومجريات الحرب وما يجب عمله بالنسبة للاعلام والخارجي حتي يمكن رفع الروح المعنوية للشعب والرد الفوري علي الدعايات المعادية.
الورقة التاسعة
وفي الورقة التاسعة تحدث د.حاتم عن النبرة الاعلامية اثناء الحرب فقال: طبقت بنجاح خطة الاعلام اثناء الحرب وهي الجزء الثاني من الخطة، فجمعت رجال الاذاعة والتليفزيون الساعة 21 ظهر يوم السبت 6 اكتوبر 3791 وكان البيان الاول قد اعد في قيادة القوات المسلحة وطلبت من المذيعين عمل بروفة لاذاعة البيان ووضعت الخطوط الرئيسية في هذه الخطة علي أساس انه لا خطابة ولا اثاره ولاحماس بالنسبة لكل البيانات العسكرية فالاعلام هو لنقل الاخبار وليس من عمله صنع الاخبار ومن المهم ان يتفادي الاعلام كل اخطاء اعلام 7691.. وان تقتصر اذاعة البيانات علي المذيعين فقط ولاداعي لان تقوم المذيعات بالاذاعة خشية الانفعال، خصوصا وقد تقع الاحداث ليس بها انتصارات فيصعب عليهن التحكم في مشاعرهن وقد سمحت باذاعة المذيعات للبيانات بعد يوم 01 اكتوبر بعد ان تحقق النصر.. وكانت جميع الاغاني هادئة بلا افتعال وبث احاديث عن روعة قواتنا وصلابة الجبهة، وماقامت به دول راقية في الحرب العالمية الثانية من تقييد صرف التموين ببطاقة التموين وقد قدم المرحوم الدكتور يحيي عويس برامج اذاعة ناجحة يوميا عن خبرته في انجلترا ايام الحرب العالمية الثانية.
وقد سئلت هذا السؤال: ما الخطة التي اتبعتها لاستردادالثقة بين الحكومة والشعب؟
وأقول: كانت امامي فجوة عدم الثقة بين الشعب واجهزة الاعلام سببها فقدان مصداقية الحكومة وجهازها الاعلامي منذ 7691، وعندما كانت الاذاعة المصرية اثناء الهزيمة تذيع اكاذيب لذلك كان دستور الاذاعة والاعلام في عام 3791 هو الصدق والسرعة في نقل الخبر بحيث يستمع المواطن المصري أول خبر عن احداث الحرب بسرعة من مصادر الاعلام المصرية اما بخصوص المصداقية وعدم الثقة واستردادها فأذكر علي سبيل المثال ان المشير أحمد اسماعيل رحمة الله ابلغني بأن قواتنا كبدت العدو خسائر في معركة الدبابات 07 دبابة وسمعت في اذاعة اسرائيل خبرا عن هذه المعركة بأن اسرائيل خسرت 05 دبابة فأذاعت انه حدثت معركة بين الدبابات وخسرت اسرائيل 03 دبابة اي اقل مما اذاعته اسرائيل وهنا أخبرت المشير أحمد اسماعيل بعد الاذاعة بأن الهدف من ذلك استرداد الثقة في اجهزة الاعلام فقد نشرت كل اجهزة الاعلام العالمية ان اجهزة الاعلام المصرية لها مصداقية بينما الدعاية الاسرائيلية تذيع الاكاذيب لانها اذاعت بأنها هشمت عظام الجنود المصريين بينما الجنود المصريون يأسرون الجنود الاسرائيليين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.