العائد من سوريا إلى اوروبا، مدان حتى تثبت براءته بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة التي ضربت قلب أوروبا في بروكسل وقبلها في باريس ونفذها شباب أوروبيون أمضوا فترة في سوريا.. ووسط تهديدات داعش بتنفيذ المزيد.. أصبح التعامل مع الآلاف من الشباب العائدين من سوريا ومناطق الحروب الاخري في الشرق الاوسط، يمثل أكبر التحديات التي تواجه الحكومات والأجهزة الأمنية. وفي أجواء تشبه ما شهدته الولاياتالمتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر تعطي أوروبا الآن المخاوف الأمنية وزنا أكبر من الحريات المدنية وتصارع فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية حول المدي الذي يمكن أن تذهب إليه في تشديد القوانين لملاحقة ومراقبة العائدين من سوريا. ويدور النقاش حاليا حول اتخاذ إجراءات قانونية وقائية ضد هؤلاء الذين سافروا إلي سوريا وربما تلقوا تدريبات في معسكرات داعش لكنهم لم يرتكبوا أعمالا إرهابية.. وحتي الآن عاد نحو 1300 مقاتل إلي أوروبا لكن هناك عددا كبيرا من الأشخاص لم تتمكن الشرطة من تحديدهم من بينهم فؤاد العقاد أحد منفذي هجمات باريس الاخيرة. هناك صعوبة في بناء قضية ضد المشتبه بهم وحتي في حال تقديمهم للمحاكمة تظل مراوغاتهم وتنصلهم من الأفكار المتطرفة تحديا آخر أمام المحققين للتأكد من مصداقيتهم. هذه التحديات يمكن توضيحها من خلال قضية «خلية ستراسبورج» التي تضم 10 شباب مسلمين - بينهم فؤاد العقاد - ملوا «الحياة الدنيوية» ووقعوا فريسة للشعور «بعدم الجدوي» فاستقطبهم داعش في 2013 وسافروا لسوريا لكنهم فروا من النظام القاسي هناك وعادوا إلي ستراسبورج حيث اعتقلتهم السلطات علي الفور في مايو 2014 وينتظرون الآن المحاكمة. وخلال استجوابهم أنكر المشتبه بهم ارتكابهم أية مخالفة وأصروا علي أنهم سافروا إلي سوريا لأسباب إنسانية وشددوا علي رفضهم لأيديولوجيات داعش وأوضحوا أن الهرب من هناك كان صعبا وأن حياتهم كانت في خطر كما أكدوا أنهم لا يعتزمون إلحاق الضرر بأوروبا. لكن المحققين يدركون جيدا أن داعش يدرب مقاتليه علي «التقية» اي ان يظهروا عكس ما يبطنون لإخفاء المعلومات.. وفي قضية ستراسبورج وجد المحققون صورا للمشتبه بهم وهم يرتدون ملابس عسكرية ويرفعون علم داعش ويحملون أسلحة كما وجدوا صورا لجثث مقطوعة الرأس كذلك فإن جميع المشتبه بهم تم تجنيدهم بواسطة نفس الشخص وهو مراد فارس المسجون حاليا في فرنسا والذي قال في حوار عام 2014 إنه المسئول عن تجنيد كل المتطرفين الذين يتحدث عنهم العالم. إذا كان الفقهاء الليبراليون في فرنسا يرفضون ما أسموه «تجريم النوايا» فإن فرنسا مازالت تحت حكم حالة الطوارئ منذ هجمات 13 نوفمبر ويؤكد الخبراء أن أي شخص يعود من سوريا ستتم ملاحقته وأن النهج العام حاليا هو محاولة إدانة هؤلاء.