سعر الحديد والأسمنت اليوم في مصر الثلاثاء 7-5-2024 بعد الانخفاض الأخير    مصر تستعد لتجميع سيارات هيونداي النترا AD الأسبوع المقبل    الصين تصدر إنذارا باللون الأزرق لمواجهة السيول الجبلية    وصول بعض المصابين لمستشفى الكويت جراء استهداف الاحتلال حي التنور شرق رفح    4 شهداء جراء استهداف إسرائيلي لمنزل عائلة "الهمص" في حي الجنينة شرق رفح    وسائل إعلام أمريكية: القبض على جندي أمريكي في روسيا بتهمة السرقة    ميلكا لوبيسكا دا سيلفا: بعد خسارة الدوري والكأس أصبح لدينا حماس أكبر للتتويج ببطولة إفريقيا    خبير لوائح: أخشي أن يكون لدى محامي فيتوريا أوراق رسمية بعدم أحقيته في الشرط الجزائي    شبانة ينتقد اتحاد الكرة بسبب استمرار الأزمات    للمرة الثانية في ليلة واحدة، زيندايا تتصدر الترند بإطلالتها الجديدة ب الميت جالا    رامي صبري يحيي واحدة من أقوى حفلاته في العبور بمناسبة شم النسيم (صور)    بمناسبة شم النسيم| خبير آثار يكشف مفاجأة غير متوقعة: الفراعنة أكلوا الفسيخ    العاهل الأردني: الهجوم الإسرائيلي على رفح يهدد بالتسبب في مجزرة جديدة    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    كاسونجو يتقدم بشكوى ضد الزمالك.. ما حقيقة الأمر؟    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه: نفسي يبقى عندي عيلة    أمين البحوث الإسلامية: أهل الإيمان محصنون ضد أى دعوة    وكيل صحة قنا يجري جولة موسعة للتأكد من توافر الدم وأمصال التسمم    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الثلاثاء 7 مايو بالصاغة    لا تصالح.. أسرة ضحية عصام صاصا: «عاوزين حقنا بالقانون» (فيديو)    صندوق إعانات الطوارئ للعمال تعلن أهم ملفاتها في «الجمهورية الجديدة»    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    4 ساعات فارقة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم وتكشف أماكن سقوط الأمطار في مصر    عملت عملية عشان أخلف من العوضي| ياسمين عبد العزيز تفجر مفاجأة.. شاهد    مصرع سائق «تروسكيل» في تصادم مع «تريلا» ب الصف    التصالح في البناء.. اليوم بدء استلام أوراق المواطنين    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    وفد قطري يتوجه للقاهرة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس اليوم    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يحقق أكبر عدد هزائم في موسم واحد لأول مرة في تاريخه    النيابة تصرح بدفن 3 جثامين طلاب توفوا غرقا في ترعة بالغربية    ياسمين عبدالعزيز عن بدايتها الفنية: «مكنتش بحب التمثيل.. وكان حلمي أطلع ظابط»    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في حادثين منفصلين بإدفو شمال أسوان    الزمالك: تعرضنا للظلم التحكيمي أمام سموحة.. والأخطاء تتكرر في المباريات الأخيرة    عاجل - تبادل إطلاق نار بين حماس وإسرائيل قرب بوابة معبر رفح    القومية للأنفاق تبرز رحلة بالقطار الكهربائي إلى محطة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية (فيديو)    العمل العربيَّة: ملتزمون بحق العامل في بيئة عمل آمنة وصحية كحق من حقوق الإنسان    "يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وأجمل عبارات التهنئة بالعيد    سؤالًا برلمانيًا بشأن عدم إنشاء فرع للنيابة الإدارية بمركز دار السلام    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    عملية جراحية في الوجه ل أسامة جلال    فيديوهات متركبة.. ياسمين عبد العزيز تكشف: مشوفتش العوضي في سحور وارحمونا.. فيديو    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    مصر للطيران تعلن تخفيض 50% على تذاكر الرحلات الدولية (تفاصيل)    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل كل قضاء قضيته لنا خيرًا    برلماني يطالب بإطلاق مبادرة لتعزيز وعي المصريين بالذكاء الاصطناعي    في 7 خطوات.. حدد عدد المتصلين بالراوتر We وفودافون    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    بالأسماء، إصابة 16 شخصا في حادث الطريق الصحراوي الغربي بقنا    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    كيفية صنع الأرز باللبن.. طريقة سهلة    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
صراع الأجيال.. ولعب العيال
نشر في أخبار اليوم يوم 13 - 04 - 2016

يحسب الظالمون أن سيسُودون وأن لا يؤيَّد الضعفاءُ قوةُ الله إن تولّت ضعيفا.. تعبت في مراسه الأقوياءُ
وعدتكم المرة اللي فاتت اني ح اكلمكم النهاردة عن الفرق بين الجيل اللي كان بعض عطاءاته الإبداعية ليالي الحلمية، والجيل اللي بيعمل اليومين دول ليالي الحلمية الجديدة، وده مش من باب صراع الأجيال ولا حتي السجال بين الأجيال، لأني مش من أنصار فكرة صراع الأجيال، لكن من المهم جدا فهم الظرف التاريخي والإنساني اللي طلعت فيه ليالي الحلمية، والظرف التاريخي والإنساني اللي احنا فيه النهاردة، واللي أثار القضية دي جوايا هو اني تابعت في الشهور اللي فاتت المناقشات الدايرة حوالين القضية دي، في الصحف والمجلات وشاشات التليفزيونات ومحطات الإذاعة وصفحات التواصل الاجتماعي، وشاركت في بعض هذه النقاشات، وكان فيها حاجات أزعجتني، وحاجات ضحكتني، وحاجات تستاهل التوضيح زي حكاية صراع الأجيال دي. من الحاجات اللي أزعجتني الكلام اللي قالته بنت الكبير أسامة أنور عكاشة، واللي اتهمتني فيه بإهانة عائلتها، وعايز اقول لها ببساطة : ينقطع لسان مين يتجرأ ويهين أسرة الكبير أسامة، ومستحيل تصدر مني مثل هذه الإهانة، وانا واثق انها لو راجعت كل اللي قلته بخصوص الموضوع ده، مش ح تلاقي فيه أي إهانة للأسرة الكريمة، وإيه الإهانة في إصراري علي الدفاع عن حقي في ملكيتي الفكرية لتترات ليالي الحلمية ؟!!.
ومن الحاجات اللي ضحكتني كلام خايب قاله واحد من المشاركين في كتابة المسلسل الجديد، وهو ابن ممثل كبير بنحترمه وبنجله ومصر كلها بتقدر عطاءه الكبير في فن التمثيل، قال انه سأل والده ووالده قال له انه ما عندوش مانع شخصيا ان الأجيال الجديدة تستخدم تراثه في إبداعاتها، وانا بصراحة أشك ان الأب الكبير اللي بنحترمه يكون قال الكلام الفارغ ده، لأنه أول من يعرف ان حقوق الملكية الفكرية لا تشمل فن التمثيل. وان عبقرية التمثيل متصلة بشخص الممثل ولا تترتب عليها حقوق ملكية فكرية تورث للأجيال التالية.
أما بقي الكلام اللي يستاهل الرد بجد، فهو الكلام اللي صور المسألة كلها علي انها صراع أجيال، وان فيه جيل بيحاول يحرم جيل من حقه الطبيعي في الإبداع، والكلام ده مش صحيح، لأن فكرة صراع الأجيال دي خرافة ما اعرفش مين اللي عملها وعمل منها قانون يؤسس لحركة التاريخ، والعلوم اللي بتكلمنا عن حركة التاريخ زي علوم الاجتماع والاقتصاد وعلم التاريخ نفسه والفلسفات، ممكن تتكلم عن دور الفرد البطل في التاريخ، وممكن تتكلم عن صراعات الأفكار والمصالح بين الطبقات أو الشعوب، لكن عمرها ما تتكلم عن صراع الأجيال ده، لأن أصلا مفيش حاجة اسمها جيل ميه واحدة أو كله مصبوب في قالب واحد، كل جيل مليان تناقضات في المواقف والاتجاهات والتيارات والمصالح، ويمكن ببعض التلخيص والتبسيط غير الممل نقول ان في كل جيل تلات توجهات رئيسية، شوية شايفين ان الفردوس المفقود كان في الماضي اللي لازم نسترجعه (وده التوجه الرجعي)، وشوية شايفين ان الحال عال، وميت فل واربعتاشر، وليس في الامكان أحسن مما كان، وبوس ايدك وش وضهر، والرضا بالمقسوم عبادة، وحافظ ع النعمة اللي انت عايش فيها احسن تزول (ودول طبعا المحافظين)، وشوية شايفين اننا لازم ناخد الدروس م الماضي والحاضر، عشان نعمل جنة مستقبلنا، ودول دايما قلة، وساعات بيسموهم قلة مندسة، وأحيانا بيسموا نفسهم طليعة أو تقدميين، يعني ببساطة في كل جيل أقلية واخدة الدنيا جد وهمه اللي بيتقدموا بمجتمعاتهم وبالدنيا، وجنبهم شوية همه الأغلبية، بعضهم شوية عيال بيلعبوا في التراب، وبعضهم غرقان في أوصال الماضي اللي بيحاولوا يرجعوه، خد عندك مثلا حال المغني في زماننا، فيه جيل من المغنواتية فيه أوكا واورتيجا ومطربي المهرجانات والليثي وابو الليف، وفيه مغنواتية صنف تاني زي مسار إجباري ومشروع كورال ويسرا الهواري ودينا الوديدي وهبة مجدي ومحمد عزت وياسر المناوهلي، وبغض النظر عن رأيي أنا واللي زيي مين في دول فنان بجد ومين فيهم مش النظرية، لاشك ان ماحدش فيهم زي التاني برغم انهم ولاد نفس الجيل !! وزي ما بيقول لنا عمنا سارتر ان الوجود بيحدد الماهية، يعني فيه فرق كبير قوي في نفس الجيل بين أولاد الريف وبين أولاد المدينة، وبين ولاد الطبقة العاملة وولاد الطبقة المتوسطة وولاد أصحاب رءوس الأموال، وأكيد المصلحة اللي بتربط بين عامل من ولاد الجيل ده وعامل عجوز من أجيال قبله، أكبر بكتير من المصلحة اللي بينه وبين العواطلي من اولاد اللصوص الفاسدين اللي من نفس جيله.
وفي مجالات الفكر والإبداع، ولأن المعرفة بطبيعتها تراكمية، فالتقدم الإنساني ابن التواصل بين الأجيال، وكل جيل يبني علي الأساسات اللي رمتها الأجيال اللي سبقته، علشان كده مش ح تلاقي شاعر شاب موهوب زي مصطفي إبراهيم مثلا بيسب في أجيال الشعرا اللي سبقوه أو بيهدّ في تاريخهم، ولا ح تلاقي كاتبة سيناريو وحوار موهوبة ومتميزة زي مريم نعوم شايفة ان الأجيال اللي سبقتها بتصادر حقها في الإبداع.
صحيح بتلاقي في كل جيل بعض اللي بيصرخوا « نحن جيل بلا أساتذة»، لكن دول غالبا من العيال اللي بتلعب في التراب، أما الموهوبين والواعدين فعارفين ان اللي مالوش قديم مالوش جديد، وانه عشان يتقدم بنفسه وبناسه وبالدنيا كلها، لازم يحترم إبداعات اللي سبقوه، ولازم يبني علي الأساسات الراسخة اللي أرساها اللي كانوا قبله.
دفاعا عن جيل الستينيات
نيجي بقي للفرق بين جيل الستينيات، اللي انا باتشرف بالانتماء إليه، والجيل الحالي اللي ح يقدم لنا ليالي الحلمية الجديدة، واللي انا بادعي من قلبي ربنا يوفقه، ويقدم لنا عمل يضيف لمقتنيات شعبنا الفنية حاجة عليها القيمة، مع يقيني انها ح تكون مختلفة عن ليالي الحلمية اللي احنا بنعرفها.
وأغرب ما صادفني علي صفحات التواصل الاجتماعي، كلام بيقول ما تسيبوا الجيل الجديد يجرب حظه ويكتب وبعدين احكموا عليه، وضحكت لأن لا حد أصدر حكم ولا حد صادر حق حد، كل اللي اتقال انه العمل ح يكون بالضرورة مختلف عن عمل الكبير أسامة والكبير إسماعيل عبد الحافظ، ودي حاجة مش محتاجة لا انتظار ولا مداولة، هوه الواحد لازم يرمي نفسه من الدور العاشر عشان يعرف ان كان ح يموت ولا لأ ؟!، وافتكرت المثل اللبناني اللي بيقول : اللي يجرب في المتجرب عقله مخرب.
وأكيد ليالي الحلمية الجديدة ح تبقي شيء مختلف عن العمل الأصلي، وبتقول معاني تانية وبتعبر عن مواقف تانية، لأن ده جيل وزمان، وده جيل تاني وزمان تاني، جيل أسامة اتربي في أحضان الحرب الباردة بين المعسكرين، وحركات تحرير شعوب آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية في عزها، والاستعمار القديم بيتراجع لحساب الاستعمار الجديد، وفي الآداب والفنون اتجاهات وحركات ثورية زي مسرح الغضب في بريطانيا ومسرح العبث في فرنسا بكتاب من ثقافات مختلفة، ومسرح الماما في أمريكا، وسينما الموجات الجديدة في فرنسا وايطاليا، وافكار الالتزام وشكله ومشاكله في الأدب والفن مطروحة في الساحة، وزاد الأرواح الشعري متاح من طاغور لأراجوان وايلوار ولوركا وبابلو نيرودا وناظم حكمت وت.س. اليوت وأودن، والبيتلز والبنك فلويد ورولنج ستونز وجون باييز وايما سوماك ومطربي وود ستوك ورافي شنكار وليو فيريه وجاك بريل وجان فيرا وعشرات غيرهم في كل بلاد العالم، بيوصلوا السما بالأرض، وبيغنوا للحرية والحب والسلام وضد الحرب والقهر والعنصرية.
وجيل أسامة بدأ عطاءاته الفنية في أواخر الستينيات من القرن اللي فات، كان المشروع الناصري العروبي ابتدا ينحسر، وكانت الدراما التليفزيونية قبله، هدفها الوحيد التسلية والإمتاع، ومعظمها ميلودرامات فاقعة أو فارسات مسخسخة، وجه جيل أسامة عشان يقدم دراما تليفزيونية مسلية وممتعة لكن في نفس الوقت بتنور العقول والأفهام، كان معظم أبناء جيل أسامة من المبدعين ولاد التجربة الناصرية أو من أبناء اليسار الوطني اللي بينقد التجربة الناصرية بمحبة وتقدير، وكان علي راس الجيل ده من المخرجين الاستاذ الكبير ابراهيم الصحن ومعاه محمد فاضل ويحيي العلمي وإنعام محمد علي واسماعيل عبد الحافظ، وكان علي راس الجيل ده من الكتاب الاستاذ الكبير محفوظ عبد الرحمن ومعاه عاصم توفيق ومصطفي كامل وجلال الغزالي وعصام الجمبلاطي وسيد موسي لغاية ما سطع نجم أسامة أنور عكاشة وتوهجت عبقريته في أواخر السبعينيات، وأصبح كاتب الدراما التليفزيونية الأول في مصر والعالم العربي بلا منازع، وكانت أعمال هذا الجيل من الكتاب والمخرجين والشعراء والملحنين، كأنها دفاع عن الحلم المنحسر، ومقاومة لتيار التبعية والفساد والاستبداد اللي ساد في الأربعين سنة الأخيرة قبل ثورة يناير.
عبقرية أسامة
وانا عرفت أسامة في أول العمر، كان طالب في آداب عين شمس بيهوي كتابة القصة، وكنت طالب هندسة (ما كملتهاش) ودخلت الساحة الأدبية مبكرا فاتنشرت لي بعض القصائد بالفصحي قبل أن يقدمني صلاح جاهين كشاعر بالعامية المصرية في 27 / 7/1961، لقراء صباح الخير في باب كان بيحرره بعنوان «شاعر جديد يعجبني»، وكنا بنتقابل كتير سواء في آداب عين شمس اللي كان لي فيها أصدقاء كتير، أو في الندوات الأدبية اللي كانت بتنعقد يوماتي في القاهرة، واتقابلنا بعد كده في التليفزيون من خلال واحد من أوائل مسلسلات أسامة التليفزيونية : علي أبواب المدينة، واستمرت علاقتنا الإنسانية والإبداعية إلي أن رحل عن عالمنا.
وف أول عمرنا الإبداعي، كانت الساحة الثقافية في القاهرة بتنبض بالحياة وبالحيوية، ندوات، وتيارات، وحركات تجديد، ونوادي سينما، ونوادي مسرح، ومراكز ثقافية أجنبية بتعرض إبداعات شعوبها، ودور نشر حكومية وخاصة بتنشر كتب في شتي المجالات المعرفية، كسلسلة الألف كتاب التي حاولت تقديم أمهات الكتب للقاريء، أو سلسلة المسرح التي كان بيصدرها عبد الحليم البشلاوي، أو سلسلة المسرح العالمي التي كانت بتصدرها وزارة الثقافة، أو معهد الدراسات العربية اللي نشر تراث المسرح الأغريقي والفرنسي، وكان فيه مسارح جيب، وحركة مسرحية رائدة، وحركة سينما جديدة بتتولد، ومجلات أدبية وثقافية من هنا ومن بيروت وحتي من الكويت، ومعاهد فنية وأكاديمية بتتولد وبيتعلم فيها بعض أبناء الجيل ده، وثقافة جماهيرية نشيطة بيشاركوا في فعالياتها، وتليفزيون رائد في المنطقة العربية... إلخ... إلخ.. إلخ..
وكانت الساحة الأدبية مليانة بأساتذة كبار اتعلم منهم أبناء جيلنا، كان فيها طه حسين وتوفيق الحكيم ويحيي حقي ونجيب محفوظ وزكي نجيب محمود وعبد الرحمن بدوي وسلامة موسي ومحمد مندور ولويس عوض وعبد القادر القط وغنيمي هلال وعز الدين اسماعيل ويوسف الشاروني ويوسف إدريس، وكان فيها بعض بقايا شعراء مدرسة أبولو وعبد الرحمن الشرقاوي ومحمود حسن اسماعيل ومحمد الفيتوري وفوزي العنتيل وصلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي مع بيرم التونسي وفؤاد حداد وصلاح جاهين.
وانا واثق ان الموهوبين الكبار من أبناء جيل أسامة، قرأوا كل ما وقع تحت إيديهم من الفنون والآداب العربية والأجنبية المترجمة، وكتير من الكتابات النقدية العربية والمترجمة.
وأسامة أنور عكاشة اللي انا أعرفه كويس، واحد من دول، ومتأكد انه قرا كل ما كتب ونشر بالعربي عن فنون المسرح والسينما والكتابة التليفزيونية، وقرا كل ما نشر من سلاسل المسرح، وكل ما نشر عن الدراما من أرسطو للدراما الشكسبيرية ل «ألاردايس نيكول» وكتابه العمدة حول « فن كتابة المسرحية»، بالإضافة لقراءته لمعظم إبداعات من سبقوه من المصريين والعرب، ومن المؤكد أن عبقرية أسامة اللي تجلت في كتابته للدراما التليفزيونية وبعض الأعمال القصصية، هي نبت خبرات حياته الغنية، ودراسته الجامعية، وقراءاته الموسوعية، ومن المؤكد أيضا أن المواقف الإنسانية والاجتماعية، اللي عبر عنها أسامة في إبداعاته هو وأولاد جيله هي بنت زمان تاني غير الزمن الحالي.
وعلشان كده باقول وبأكد، ممكن تطلع ليالي الحلمية الجديدة عمل جبار وما حصلش ! بس مستحيل تبقي استمرار أو تكملة أو حتي زي العمل الخالد اللي أبدعه أسامة أنور عكاشة واسماعيل عبد الحافظ، ودي كلمتي الأخيرة في الموضوع ده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.