رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 15-5-2024 في البنوك    انخفاض طفيف في أسعار الدواجن والبيض اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    وزارة المالية تعلن تبكير صرف مرتبات يونيو 2024 وإجازة عيد الأضحى تصل إلى 8 أيام    أسعار تذاكر واشتراكات مترو الأنفاق لمدة 3 شهور.. «طلاب وكبار سن»    موعد اجتماع البنك المركزي المصري الثالث خلال 2024.. اعرف الموعد والتفاصيل    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن عن مقتل جندي خلال معارك غزة    واشنطن تخطط لتسليم إسرائيل أسلحة جديدة بمليار دولار رغم التحركات في رفح    فلسطينيون في إسرائيل يطالبون بحق العودة في ذكرى النكبة    عاجل.. وفاة والد نجم الزمالك قبل أيام من نهائي الكونفدرالية    موجة حرارة قياسية تجتاح البلاد وتستمر لعدة أيام    «تغيير تاريخي واستعداد للحرب».. صواريخ زعيم كوريا الشمالية تثير الرعب    حكم طواف بطفل يرتدي «حفاضة»    بسبب الدولار.. شعبة الأدوية: نطالب بزيادة أسعار 1500 صنف 50%    مرصد الأزهر يستقبل وزير الشؤون السياسية لجمهورية سيراليون للتعرف على جهود مكافحة التطرف    تقسيم الأضحية حسب الشرع.. وسنن الذبح    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    الإعلان عن أول سيارة كهربائية MG في مصر خلال ساعات    "بنكنوت" مجلة اقتصادية في مشروع تخرج طلاب كلية الإعلام بجامعة جنوب الوادي (صور)    امرأة ترفع دعوى قضائية ضد شركة أسترازينيكا: اللقاح جعلها مشلولة    عرض فيلم Le Deuxième Acte بافتتاح مهرجان كان السينمائي    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15 مايو في محافظات مصر    «تنمية وتأهيل دور المرأة في تنمية المجتمع».. ندوة لحزب مستقبل وطن بقنا    أفشة: سأحقق البطولة الرابعة إفريقيا في تاريخي مع الأهلي.. واللعب للأحمر نعمة كبيرة    أمير عيد يكشف موعد ألبومه المُقبل: «مش حاطط خطة» (فيديو)    أحمد حاتم بعد انفصاله عن زوجته: كنت ظالم ونسخة مش حلوة مني (فيديو)    نانسي صلاح تروج لأحدث أعمالها السينمائية الجديدة "جبل الحريم"    سمسم شهاب يترك وصيته ل شقيقه في حال وفاته    وليد الحديدي: تصريحات حسام حسن الأخيرة غير موفقة    اجتياح رفح.. الرصاصة الأخيرة التي لا تزال في "جيب" نتنياهو    عاجل - مبTHANAWYAاشر.. جدول الثانوية العامة 2024 جميع الشعب "أدبي - علمي"    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة "فتاة التجمع"    بسبب الخلاف على إصلاح دراجة نارية .. خباز ينهي حياة عامل دليفري في الشرقية    الهاني سليمان: تصريحات حسام حسن تم تحريفها.. والتوأم لا يعرف المجاملات    شوبير: الزمالك أعلى فنيا من نهضة بركان وهو الأقرب لحصد الكونفدرالية    مصطفى الفقي: معادلة الحرب الإسرائيلية على غزة تغيرت لهذا السبب    نشرة أخبار التوك شو| تصريحات هامة لوزير النقل.. وترقب لتحريك أسعار الدواء    الأزهر يعلق على رفع مستوطنين العلم الصهيوني في ساحات المسجد الأقصى    وزير الرياضة: نمتلك 5 آلاف مركز شباب و1200ناد في مصر    كاف يهدد الأهلي والزمالك بغرامة نصف مليون دولار قبل نهائي أفريقيا | عاجل    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    أثناء عمله.. مصرع عامل صعقًا بالكهرباء في سوهاج    مواعيد الخطوط الثلاثة لمترو الأنفاق قبل ساعات من بدء التشغيل التجريبي للمحطات الجديدة    تحرير 31 محضرًا تموينيًا خلال حملة مكبرة بشمال سيناء    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    تعليق يوسف الحسيني على إسقاط طفل فلسطيني لطائرة مسيرة بحجر    نقيب الأطباء: مشروع قانون المنشآت الصحية بشأن عقود الالتزام تحتاج مزيدا من الضمانات    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    هل سيتم تحريك سعر الدواء؟.. الشعبة توضح    وزارة الهجرة تشارك احتفال كاتدرائية العذراء سيدة فاتيما بمناسبة الذكرى 70 لتكريسها    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    «أفريقية النواب» تستقبل وفد دولة سيراليون في القاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقال الخميس
التفوق الأخلاقي أم الانحطاط والجنان الرسمي؟!
نشر في أخبار اليوم يوم 07 - 10 - 2015

الحقيقة التي نسيناها مختصرها أن الحفاظ علي حدود وروادع أخلاقية والإبقاء عليها مرعية ومقدسة أثناء ممارسة أفعال المقاومة والثورة، هي ضرورة عملية وليست مجرد التزام معنوي بقيم ومبادئ سامية
لسنا «.. حيوانات مثلكم، فنحن لانقتل الأطفال كما فعلتم أنتم في (قرية) دوما مع عائلة دوابشة.. تلك هي الرسالة التي أراد الفلسطينيون الذين نفذوا العملية إرسالها إلينا»!!
هذا الكلام قاله يوم السبت الماضي محلل عسكري إسرائيلي شهير يدعي شبتاي بنتد في سياق تعليق بثته القناة الثانية في تليفزيون العدو علي عملية فدائية كانت نفذتها في اليوم السابق (علي خلفية تصاعد العربدات والجرائم الصهيونية مؤخرا في القدس والمسجد الأقصي) مجموعة من المقاومين الفلسطينيين واستهدفت سيارة تحمل عددا من سكان مستوطنة «إيتمار» المزروعة في قلب الضفة الغربية المحتلة، وقد انتهت العملية بقتل اثنين من الركاب.
أما لماذا اعتبر هذا المحلل العسكري الصهيوني تلك العملية «رسالة» تحمل في طياتها إشارة بليغة إلي «حيوانية» العدو وهمجيته؟! فالسبب (حسب الرواية التي أجمعت عليها وسائل الإسرائيلية) أن المقاومين الذين نفذوا عملية «إيتمار» تحلوا بقدر كبير من الانضباط و»التفوق الأخلاقي»، إذ كان بمقدورهم قتل أضعاف ما قتلوا، لكنهم بعدما نجحوا في إصابة سائق سيارة المستوطنين وإيقافها ومن ثم صار جميع الركاب في قبضتهم، تعمدوا الحفاظ علي سلامة أربعة أطفال كانوا بصحبة الصهاينة الكبار وتجنبوا إلحاق أي أذي بهم.
لقد أغاظ هذا النقاء الأخلاقي الذي ميز عملية «إيتمار»، الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية إذ حرم آلتهم الدعائية من استغلالها في الشوشرة علي جرائم يندي لها الجبين (من نوع قتل أغلب أسرة دوابشة في قرية دوما الفلسطينية حرقا بمن فيهم طفل رضيع) وتحويل الضحية الفلسطيني إلي «جاني». هذا بالضبط مضمون ما قاله شبتاي.
غير أننا لابد أن نقول لأنفسنا بهذه المناسبة، كلاما مهما يعيد تذكيرنا بحقيقة خطيرة تآكل وجودها في وعينا رويدا رويدا حتي صارت الآن نسيا منسيا (تقريبا) بعدما مرت علينا عقود وسنين طويلة أكتوينا فيها بجمر التخلف المريع والتأخر العقلي الشنيع، فضلا عن تشوهات روحية وأخلاقية مؤذية جدا بقدر ما هي مخجلة لدرجة الوجع.
الحقيقة التي نسيناها مختصرها أن الحفاظ علي حدود وروادع أخلاقية والإبقاء عليها مرعية ومقدسة أثناء ممارسة أفعال المقاومة والثورة، هي ضرورة عملية وليست مجرد التزام معنوي بقيم ومبادئ سامية تشي بأن الثوار والمقاومين يناضلون لبناء نموذج حياة إنسانية أرقي وأكثر تحضرا ويسعون لرسم مستقبل بملامح نقيضة تماما للواقع الملوث بالفحش والظلم والقهر والقسوة والاحتلال.
هل تسأل، لماذا التفوق الأخلاقي لأي فعل مقاومة هو ضرورة عملية؟! لسببين اثنين، أولهما الاختلال الفادح في توازن القوي بين المقاومين والثوار وخصومهم إذ دائما وأبدا ما يتمتع العدو بقوة قمع وآلة بطش مادي رهيبة، ومن ثم هناك استحالة مطلقة أن ينجح الثوار في مجاراة عنفه ومواجهته بمثله فضلا عن هزيمته بهذا السلاح، لذلك فإن السبيل الوحيد لتعويض هذا الفارق الفادح في القوة المادية هو تعظيم قوة الأخلاق التي تبدأ بعدالة قضية الثورة ونبل مقاصد الثوار وتصل إلي ذروتها بصرامة الالتزام بالمعايير والروادع الأخلاقية.. عندئذ لاتعود لآلة العدو القمعية أية قيمة سوي أنها تفاقم أزمته وتقرب يوم هزيمته.
أما السبب الثاني فهو أن التوسل بالعنف الأهوج واستباحة الخروج علي معايير الأخلاق واستسهال ارتكابات وممارسات واطية ومنفلتة من عقال القانون والضمير بحجة أن العدو واطي ولا خلاق له ولا ضمير، هو أمر إذا بدأ فلن ينتهي بهزمية الخصوم والأعداء ولكنه سيفتح كل أبواب الجحيم علي مجتمع الثوار نفسه وستطال نيرانه حتما صفوف رفاق الكفاح فيأكلون بعضهم بعضا بحجج وذرائع لا أول لها ولا آخر.. هذا هو درس تاريخ الثورات وحركات المقاومة التي تسامحت مع العنف المجاني والانفلات الخلقي وأطلقت العنان للبنادق العمياء.
و..أختم بملخص مخل لمقطع من مسرحية «العادلون» للروائي الفرنسي ذائع الصيت ألبير كامو.. هذه المسرحية تحكي عن ثلاثة شباب هم إيفان واستيبان وفتاة تدعي دورا، ومن المشهد الأول نفهم أنهم قد كلفوا من قيادة منظمة ثورية فوضوية (روسية أيام حكم القياصرة مطلع القرن الماضي) ينخرطون في عضويتها بمهمة اغتيال واحد من النبلاء يدعي «الدوق سيرج». وفي مشهد آخر يبدو الرفاق الثلاثة كامنين علي طريق سيمر منه موكب الدوق المستهدف ويظهر إيفان متخذا وضع الاستعداد لإلقاء قنبلة علي الموكب، فيما استيبان ودورا يقبعان في الخلفية وهما متأهبان لحماية ظهر زميلهما.. لكن عربة الدوق عندما تأتي متهادية ثم تمر فعلا أمام إيفان فإن هذا الأخير يفاجئ رفيقيه بأنه لم يحرك ساكنا ولم يقذف القنبلة التي يحملها.. لماذا ؟! يسأله رفيقاه بدهشة وغضب شديدين، فيرد عليهما بأن الدوق سيرج كان يصطحب معه في العربة أطفالا، و»لا قضية في الدنيا تبرر قتل أطفال أبرياء»..هكذا قال.
يعاود الرفاق الثلاثة الكَرَة بعد يومين وينجحون هذه المرة في قتل الدوق، ويقع إيفان وحده في قبضة البوليس، وهناك في سجنه تزوره الدوقة أرملة سيرج، وتبلغه بأنها عازمة علي إنقاذه من عقوبة الإعدام (بسبب ما فعله في المرة الأولي) غير أن الشاب يرفض بحزم هذا العرض قائلا للدوقة: «ياسيدتي، إذا لم أدفع حياتي ثمنا لمعتقداتي فسأتحول من ثوري إلي مجرد قاتل أو قاطع طريق».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.