مطلوب مجلس قومي لنهر النيل والأمن المائي المصري لقد ابتليت مصر بداء عضال.. إنتاب حكوماتها السابقة والمتعاقبة.. هو أن تولد المشكلات.. تنمو.. وتترعرع.. تتضخم.. ثم تنذر بالخطر الداهم الوشيك.. وحكوماتنا السنية تغط في سبات عميق.. لا تستيقظ أو تفيق إلا حين تقع الكارثة لتهوي بنا مع الريح في مكان سحيق.. هذا هو شأننا مع الحكومات المتعاقبة التي أغفلت أو تغافلت عن قضية القضايا. وأكثرها إلحاحا وأشدها أهمية وخطرا.. الا وهي قضية الأمن المائي.. ومن ثم فقد أصبح حتما مقضيا أن تتجمع الاختصاصات بنهر النيل والمسئوليات عنه في جهة واحدة ولنكن «المجلس القومي لنهر النيل والموارد المائية» ولأن نهر النيل يستمد ماؤه من خارج حدودنا فقد كان قدر مصر أن توافي بحصة سنوية قدرها 55.5 خمسة وخمسون ونصف مليار متر مكعب.. وهي حصة محدودة وثابتة منذ عام 1959 حين كان تعداد مصر لا يتجاوز 22 اثنين وعشرين مليونا، ورغم مضي خمسة وخمسين عاما وتضاعف عدد السكان أربع مرات كما تضاعف الطلب علي المياه ستة أضعاف فإن حصة مصر من المياه لم تزد قطرة واحدة مما أصبحت هذه الحصة قاصرة تماما عن تلبية احتياجاتنا من المياه.. ورغم ذلك فقد تتعرض هذه الحصة للنقصان إذا ما أقامت اي من دول منابع النيل علي اقامة منشآت من شأنها التأثير علي تدفق المياه الي مصر!! ولما كان المقرر عالميا ان نصيب الفرد من المياه لجميع الاغراض ينبغي الا يقل عن 1000 الف متر مكعب سنويا، وحيث وصل نصيب الفرد في مصر الي نحو ستمائة متر مكعب سنويا فإن مصر تكون بذلك قد تجاوزت حد الفقر المائي، وإذا استمر الحال علي ما هو عليه ولم تزد موارد مصر المائية فإنها ستواجه عما قريب حالة الندرة والشح المائي، أو قل هي حالة المجاعة المائية!. مما يستدعي عملا فوريا شاقا ودؤوبا علي الساحتين الداخلية والخارجية.. وعلي النحو التالي.. ففي الداخل.. نتمني علي السيد الرئيس أن يلبي نداء ويحقق أملا ورجاء طالما نادينا به ونادي به معنا كثير من العلماء والخبراء المتخصصين في المياه.. بأن يتفضل باصدار قراره بتشكيل المجلس القومي لنهر النيل والأمن المائي المصري.. تتجمع لديه جميع الاختصاصات بنهر النيل. يسهر علي حراسته وصيانته وتنمية موارده.. وحمايته من التعديات.. وترشيد استهلاك مياهه، ووقف الاستخدام الجائر لها، وتجفيف منابع تلويثها، كما يختص المجلس بمد المزيد من جسور الثقة بين مصر وشقيقاتها دول حوض النيل، وتحقيق التواصل بين شعب مصر والشعوب الشقيقة في جميع المجالات. واقتراح ودراسة المشروعات المشتركة التي تعود بالنفع علي الدول جميعا، ومتابعة تنفيذ هذه المشروعات، ويكون المجلس متحررا من الروتين الحكومي اغلبية اعضائه من العلماء والخبراء ومنظمات المجتمع المدني المعنية، بالامن المائي، ومعهم ممثلون عن الوزارات والهيئات والمؤسسات ذات الصلة، ويكون المجلس برئاسة السيد الرئيس شخصيا، وكيف لا.. وهو أهم المجالس وأعلاها قدرا لانه يختص ويعني بشريان حياة مصر والمصريين!.. أما بالنسبة للخارج.. أي في شأن دول حوض النيل.. وإذ استهل السيد الرئيس عهده الميمون باستعادة الثقة التي فقدت في العهود السابقة بين مصر ودول حوض النيل، وشرع في التواصل مع إخوته قادة دول حوض النيل وفي طليعتها اثيوبيا والسودان. فإنني أتمني علي السيد الرئيس أن يواصل هذه المسيرة الوطنية المباركة بما يأتي.. الدعوة الي مؤتمر قمة لقادة دول حوض النيل تستضيفة القاهرة لتأكيد الثقة المتبادلة ولترسيخ قيم حسن الجوار، وتدارس القضايا الملحة، والتخطيط للمشروعات المشتركة التي تعود بالنفع علي الدول جميعا، وتقرير موعد دوري للقمة لتنعقد بالتناوب كل مرة في احدي الدول. تعظيم التجارة البيئية والتبادل التجاري بين دول حوض النيل، وإزالة القيود الجمركية، والازدواج الضريبي، والتمهيد لإقامة السوق المشتركة بين دول الحوض، في سبيل تحقيق أمل التكامل الاقتصادي بين دول الحوض. طرح ومناقشة اقتراح انشاء مجلس للتعاون بين دول حوض النيل.. اطلاق أو علي الاقل مضاعفة المنح الدراسية من الجامعات المصرية لأبناء دول حوض النيل أسوة بمبادرة الازهر الشريف الذي اطلق المنح الدراسية لابناء دول حوض النيل وبغير حدود. استحداث وزارة لشئون دول حوض النيل بخاصة والشئون الافريقية بعامة كما تختص الوزارة بشئون نهر النيل، والامن المائي. فلكم هي بعض الخواطر والآمال التي ابسطها، بين يدي السيد الرئيس علها تخفف من وطأة الخطر الذي يهدد الامن المائي المصري، بل الأمن القومي المصري. رئيس جمعية حراس النيل