بدائع الزهور في وقائع الدهور لمحمد بن اياس الحنفي المصري، أحد أكبر المؤرخين المصريين في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، حقق الكتاب الدكتور محمد مصطفي، صدر في ستة مجلدات عن الهيئة المصرية للكتاب 1976. وعن سلسلة الذخائر 1999. خُلق السلطان وفيه قبض السلطان علي بدر الدين بن الانبابي كاتب جيش الشام، فضربه بالعصا بين يديه وأمر بقطع لسانه حتي شفع فيه من ذلك، ولم يكن له ذنب يوجب ذلك ولكن خرج خلق السلطان في ذلك اليوم جدا. ربيع الآخر 899 حريق الخيام وفي جمادي الآخرة كان الحريق الهول بالقلعة في حواصل السلطان، التي عند قاعة البحرة وكان فيهم خيام كثيرة. فاحترق غالبها ولعب فيها النار، فلم يسلم منهم سوي خيمة المولد الشريف فقط، فقومت الخيام التي احترقت فكانت بنحو من مائتي الف دينار، وقيل بل أكثر من ذلك، ولا يعلم سبب وقوع النار هناك. فقام السلطان بنفسه وبقي يطفي الحريق مع المماليك، فأقامت النار تعمل هناك ثلاثة أيام، فلما طلع النهار صعدت الأمراء إلي القلعة وصاروا يسلمون علي خاطر السلطان بسبب ذلك، وقد تأثر السلطان لذلك وشق عليه حرق تلك الخيام، وشرع كل من طلع إليه من الأمراء يشكو له بأن لم يبق عنده من الخيام شيء، فصارت الأمراء كل من كان عنده خيام جدد يقدمها للسلطان، ففعل ذلك الكثير من الأمراء والمباشرين. ثم أشيع بعد ذلك أن النار كانت من مطبخ بيت الخليفة وكان الخليفة ساكنا بالقلعة داخل الحوش بجوار قاعة البحرة، فعند ذلك رسم السلطان للخليفة بأن ينزل من القلعة وأن يسكن بالمدينة. وما حصل خير علي الخليفة بسبب ذلك ونزل هو وعياله من القلعة وسكن في القاعة التي بطريق مشهد السيدة نفيسة رضي الله عنها. رجب سنة 899 خسوف وفيه خسف جرم القمر خسوفا تاما حتي اظلمت الدنيا، وأقام في الخسوف نحوا من ثلاثين درجة، وفيه جاءت الاخبار من مكة بأن وقع بها الغلاء الهول حتي مات من أهلها نحو من خمسين وخمسمائة انسان من شدة الجوع، وأكلوا الجيف والميتات. رجب سنة 899 طوبة ومن النوادر أن الملك الظاهر برقوق لما انشأ هذه المدرسة فبينما هو جالس بها، إذ دخل عليه شخص من الفقراء المجاذيب. فدفع اليه طوبة، وقال له: ضع هذه الطوبة في مدرستك فما دامت بها فهي عامرة. فوضعها الملك الظاهر في قنديل، وعلقه في المحراب، فهي باقية في القنديل إلي الآن، ولقد فحصت عن أمر هذه الطوبة فوجدت القول في ذلك حقا، فهي باقية إلي الآن في القنديل. فستق وفيه ارتفع سعر الفستق، حتي بلغ كل رطل بخمسة وثلاثين درهما، ولم يعهد بمثل ذلك فيما سلف من الزمان. الزمكحل وفيه كانت وفاة الكاتب المجيد الشيخ مجد الدين اسماعيل، المعروف بالزمكحل، وكان فريد عصره، ووحيد دهره، غاية في الكتابة بقلم الغبار، حتي قيل كان يكتب سورة الاخلاص علي ارزة، ونقرأ لكل أحد واضحة، وكتب عدة مصاحف حمايلية بقلم الغبار، وكان علامة في فن الكتابة. لعب وفي ربيع الآخر، ابتدأ السلطان بلعب الرمح، بعد الظهر. وأمر المماليك أن ينزلوا من الطباق، ويلعبوا الرمح إلي بعد العصر، وهو أول من أحدث ذلك من الملوك ورسم لهم أن يلعبوا في الحوش السلطاني من الظهر إلي العصر، واستمر ذلك بعده إلي الآن. فلوس وفيه ضرب السلطان فلوسا جددا وجعل بها دائرة فيها اسمه، فتفاءل الناس بأنه تدور عليه الدوائر ويسجن، وكان الأمر كذلك. مذنب وفي جمادي الآخرة، ظهر في السماء كوكب من جهة الشمال إلي جهة الغرب، وكان غريب الصفة، له ثلاث شعب، في احداها ذنب طويل قدر رمح، وله ضوء زائد مثل ضوء القمر، فأقام مدة ثم تحول من جهة الغرب إلي جهة الجنوب، فلما تحول سمع له صوت شديد مثل الرعد، وكان ذلك بعد العشاء. تهتيك وفي ربيع الأول منع السلطان قراء القرآن من التهتيك في القرآن. ادعاء النبوة وفيه، في يوم الثلاثاء خامس عشرة، قبض علي رجل ادعي النبوة، وزعم أن حروف القرآن تنطق له. وان الوحي يأتيه علي لسان جبرائيل تارة، وعلي لسان ميكائيل تارة وزعم أنه من أهل مضر، وأنه قد أرسل بقتل الكفرة، وزعم أنه أنزل عليه قرآن يختص به. فضرب بالمقارع. وسجن عند المجانين بالمارستان وأقام مدة طويلة في السجن. ثم رجع عن قوله وأفرج عنه. خنزير وفيه قدمت الأخبار من حلب بأن شخصا قام يصلي في الجامع فعبث به شخص وهو في الصلاة.. فلم يتماد في صلاته، ولم يقطعها حتي فرغ من الصلاة، فحول الله تعالي وجه ذلك الشخص العابث بالمصلي فصار وجهه وجه خنزير في الحال. فتنة بركة وبرقوق فإنه كان خشداشة وكلاهما من مماليك الأتابكي يلبغا العمري، وكان برقوق ينام مع بركة علي مخدة واحدة، وكانا يسكنان في اصطبل واحد. وهما اعظم من الاخوة الاشقاء، فلما اقبلت عليهما الدنيا افتنت بينهما واوقعت العداوة، كما قيل سئل بعض الحكماء كيف يمكن ان تستحيل الصداقة عداوة، ولا يمكن أن العداوة تستحيل صداقة؟ فقال: لا خراب العامر اسهل من عمارة الخراب وتكسير الزجاج اسهل من تصحيحه اذا تكسر.