اودعت المحكمة الدستورية العليا والخاصة بمنع مزودجي الجنسية من الترشح في الانتخابات اسباب حكمها بعدم دستورية الفقرة الأولي من المادة (8) من قانون مجلس النواب.. وهو ما يترتب عليه تأجيل الانتخابات لحين تعديل المادة المقضي بعدم دستوريتها. واكدت المحكمة برئاسة المستشار أنور رشاد العاصي النائب الأول لرئيس المحكمة وعضوية المستشارين الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد عبدالعزيز الشناوي ومحمد خيري طه النجار وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم.. وبولس فهمي إسكندر نواب رئيس المحكمة وحضور المستشار محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين وامانة سر محمد ناجي عبدالسميع. شروط الترشح وقالت المحكمة إن نص المادة (102 ) من الدستور قد حسم أمر الشروط المتطلبة في طالب الترشح لمجلس النواب بلا لبس أو غموض، وأورد في المادة الشروط الرئيسية والجوهرية، بحيث لا يجوز للمشرع العادي الخروج عليها، سواء بتقييدها أو بالانتقاص منها بما يهدرها أو يفرغها من مضمونها، ومن بين هذه الشروط حمل الجنسية المصرية علي نحو مطلق من أي قيد أو شرط، خلافا لما قرره نص المادة ( 141 ) من الدستور من أنه يشترط فيمن يترشح رئيسا للجمهورية أن يكون مصريا من أبوين مصريين، وألا يكون قد حمل، أو أي من والديه، أو زوجه جنسية دولة أخري، وكذلك ما قرره نص ( المادة 164 ) من الدستور من أنه يشترط فيمن يعين رئيسا لمجلس الوزراء أن يكون مصريا من أبوين مصريين، وألا يحمل هو أو زوجه جنسية دولة أخري. وأضافت المحكمة أن نص المادة 102 «يشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن 450 ينتخبون بالاقتراع العام السري المباشر، ويشترط في المرشح لعضوية المجلس أن يكون مصريا، متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، حاصلا علي شهادة إتمام التعليم الأساسي علي الأقل، وألا تقل سنه يوم فتح باب الترشح عن خمس وعشرين سنة ميلادية ويبين القانون شروط الترشح الأخري، ونظام الانتخاب». الجنسية المصرية وأوضحت المحكمة انه يتبين مما تقدم أن المشرع الدستوري قد غاير في شرط حمل الجنسية المصرية بالنسبة للمترشح لمنصب رئيس الجمهورية، ومن يعين رئيسا لمجلس الوزراء، باشتراطه ألا يكون أيهما يحمل جنسية دولة أخري، وإسقاط هذا الشرط بالنسبة للمترشح لعضوية مجلس النواب.. مؤكدة انه كان علي المشرع العادي الالتزام بحدود وضوابط ممارسته التشريعية وبمراعاة مراتب التدرج التشريعي، فإذا ما خرج عنه وأحل نفسه موضع المشرع الدستوري وأضاف للنص المطعون فيه قيدا وشرطا جديدا بالانفراد بالجنسية المصرية، فإنه يكون قد انطوي علي مخالفة لنصوص المواد (87) و(88) و(102) من الدستور، و أخل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص وحرم مزدوجي الجنسية من الترشح، مما يستوجب القضاء بعدم دستوريته في النطاق المحدد سلفا. وقالت المحكمة الدستورية العليا – في أسباب حكمها – إن ما تضمنه نص المادة 102 من تفويض للمشرع العادي في تحديد شروط الترشح الأخري، فيما جاء بالمادة من (.. ويبين القانون شروط الترشح الأخري) لا يغير من الأمر شيئا.. موضحا أنه طبقا لقواعد التفسير السليم لنصوص الدستور فإن تلك العبارة لا تنصرف إلي الشروط التي أوردها النص الدستوري حصرا، وإنما قصد بها تفويض المشرع في وضع شروط من طبيعة أخري غير تلك الشروط، فضلا علي أن المادة (92) من الدستور قد أفصحت عن أن الحقوق والحريات اللصيقة، بشخص المواطن – ومن بينها حقا الترشح والانتخاب – لا تقبل تعطيلا ولا انتقاصا، ولا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها أو جوهرها. متعدد الولاء وردت المحكمة الدستورية علي ما أوردته هيئة قضايا الدولة في مذكرتها من أن الشخص الذي يحمل جنسية دولة أخري بجانب الجنسية المصرية، يكون متعدد الولاء، وهو ما حدا بالمشرع أن يتطلب فيمن يُرشح نفسه نيابة عن الشعب أن يكون غير مشارك في ولائه لمصر ولاءً لوطن آخر، وذلك استنادا إلي القسم الذي يؤديه عضو مجلس النواب- كما أن الولاء أمر يتعلق بالمشاعر، والأصل في المصري الولاء لبلده ووطنه، ولا يجوز افتراض عدم ولائه أو انشطاره إلا بدليل لينحل ذلك الفرض، حال ثبوته، إلي مسألة تتعلق بواجبات العضوية التي يراقب الإخلال بها مجلس النواب ذاته. وأضافت المحكمة الدستورية العليا أن المادة (6) من الدستور نصت علي أن «الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية «وهو ما قد يؤدي إلي حمل أولاد الأم المصرية لجنسيتين، إذا كانت جنسية والدهم تقوم علي أساس الدم، فلا يجوز بحال أن يُوصم هؤلاء الأولاد بتعدد الولاء، ومن ثم فلا يجوز حرمانهم من حقهم في الترشح لمجلس النواب، رغم ثبوت حقهم في المشاركة في انتخاب أعضائه. وقالت المحكمة إن المشرع وهو بصدد تنظيم الجنسية المصرية بموجب القانون رقم 26 لسنة 1975 أجاز للمصري أن يحمل جنسية أجنبية بقرار يصدر من وزير الداخلية، ولا يجوز أن يكون استعمال الحق المقرر قانونا سببا في سقوط حقوق أخري، خاصة إذا كانت هذه الحقوق قد قررها الدستور. وذكرت المحكمة أن المشرع عند تنظيمه الهجرة ورعاية المصريين في الخارج بالقانون رقم 111 لسنة 1983 منح المصريين، فرادي أو جماعات، الحق في الهجرة الدائمة أو المؤقتة إلي الخارج، وسواء أكان الغرض من هذه الهجرة مما يقتضي الإقامة الدائمة أو الموقوتة في الخارج، وقرر احتفاظهم بجنسيتهم المصرية طبقا لأحكام القانون الخاص بالجنسية المصرية، ولا يترتب علي هجرتهم الدائمة أو الموقوتة الإخلال بحقوقهم الدستورية أو القانونية التي يتمتعون بها بوصفهم مصريين طالما ظلوا محتفظين بجنسيتهم المصرية، ولم يتنازلوا عنها. نصوص التشريعية من ناحية اخري اكدت المحكمة في اسباب حكمها برفض الدعوي التي تطالب بعدم دستورية المواد (3، 4، 5، 10) من قانون مجلس النواب والمواد (2، 3 4) من قانون تقسيم الدوائر، ان الأصل في النصوص التشريعية هو افتراض تطابقها مع أحكام الدستور.. مؤكدا أن المطاعن الموجهة إلي هذه النصوص لم تكن واضحة الدلالة علي المقصود منها، لا يحيطها التجهيل. واضافت المحكمة ان الدعوة لم تتضمن تحديدًا قاطعًا لما قصده من مخالفة أحكامها للدستور، وبالتالي فإن دعوة هذه المحكمة للخوض في دستورية النصوص التشريعية المطعون عليها، وبحث أوجه عوارها لازمه – وعلي ما تطلبه نص المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر – أن تتضمن صحيفة الدعوي الدستورية، أوجه مخالفة تلك النصوص للنص الدستوري المدعي مخالفته، وإذ خلت صحيفة الدعوي الماثلة من بيان ذلك، فإن القضاء أيضًا بعدم قبول هذا الشق من الدعوي يكون متعينًا.