ربما لأننا شعوب لا تقرأ فأغلب صراعاتنا قبلية.. متحمسون لآرائنا الآتية من عصور سحيقة.. لا ندري كيف غيرت القراءة الأرض وعلمتنا ان اغلب صراعاتها لا تحل بالسلاح.. لكننا مازلنا متحمسين للسلاح وبفض نزاعاتنا بالسلاح .. نرفع السلاح ضد الكلمة لا ضد الإنسان .. كل حروبنا ليست بين الإنسان والسلاح بل هي حروب بين السلاح والكلمة بالدرجة الأولي وأي طلقة تتجه إلي إنسان فإنها لا تتجه إلي جسده قدر ما تتجه إلي كلمته. من فك لغز الأرض واستطاع تمهيدها للعيش عليها كان يقرأ.. القراءة تعزز السلم لدي القاريء ومن عزز السلم ضد الحرب كان يقرأ.. ولا نقرأ وحياتنا كلها حروب في حروب.. شبابنا لا يتعلم بمدارسنا القراءة لكنه يتعلم كيف يفلت من القراءة بالمذاكرة حتي ينجح ويتجمد ثم يتعصب. لم نتساءل يوما لماذا نحارب.. لأننا لم نتعلم القراءة فلم نتعلم السلم.. القراءة أحالت حياة الإنسان الفقيرة إلي حياة غنية .. القراءة خلقت الحياة ثانية ..جعلت لنا حياة موازية بصرتنا بما مضي.. والاكيد انها تخبرنا بما هو آت لكننا مازلنا لا نقرأ .. ويذكرنا البعض «أن في البدء كانت الكلمة» : ..ويتلو اخرون «اقرأ».. لكن يبدو اننا في سبات عميق يطغي علي اسماعنا صوت البنادق ويسد الغبار عيوننا عن القراءة. حديثنا الجاد هراء غث دون قراءة .. نردد ما سمعناه من آلاف السنين وكان يمكن حفظه علي آلات التكنولوجيا الحديثة ونصمت أفضل لنا .. حديثنا خرافة وأحلامنا أضغاث أحلام.. سمعنا كلام أجدادنا ومللنا منه ونعيده وننمقه ثانية كأنه اكتشاف الحيران لكنه حديث غابر الزمان لو سمعه أجدادنا ثانية لظلوا يضحكون علي خيبتنا الثقيلة. يذكر احد مفكرينا وهو من القلائل الذين قرءوا وانقرضوا «القراءة تضيف إلي عمر الإنسان أعماراً أخري»، هي أعمار العلماء والكتاب والمفكرين والفلاسفة. القراءة تحولنا من كائن يحارب الي كائن يفهم.. حروبنا بين السلاح والكلمة بين كائن يقرأ وكائن لايقرأ.