إن من يلتحق بالعمل الشرطي.. عليه أن يكون متسامحاً مع نفسه أولا حتي يكون متسامحاً مع الوطن والمواطن ما أسرع القوانين التي تصدرها الدولة والتي غالبا ما تكون مجرد رد فعل علي حادث معين.. ويتم التشديد علي تطبيقها لعدةأيام ، ثم سرعان ما تعود الأمور إلي ما كانت عليه.. بل أسوأ من الأول. ولعل القوانين الكثيرة التي صدرت مؤخراً لفرض حالة الانضباط في الشارع خير دليل علي ذلك.. لأنه لا يتم تنفيذ شيء منها وأغرب هذه القوانين هي الزام الترخيص للتوك توك والموتوسيكلات حتي تكون تحت السيطرة.. ولكن للأسف.. كل هذه القوانين تصدر لمواجهة ثورة الرأي العام وسرعان ما تعود الأمور أسوأ مما كانت.. فمازالت الموتوسيكلات تمرح في شوارع المحروسة.. في كل المحافظات.. تُستخدم في السرقة.. تحت بصر ونظر المسئولين.. لدرجة أنه صدر قانون بمنع ركوب أكثر من راكب علي الموتوسيكل.. ولكن أين هو الآن.. السرقات تتم حتي في أشد المناطق زحاماً.. والمواطن يقف عاجزاً عن محاولة استرداد ما تم سرقته والكل يستغيث.. والكل أيضا يقول «وأنا مالي» حتي لا تطولني مطواة أو طلقة طائشة!! وأصبحت سرقات الموبايلات وحقائب السيدات تتصدر المشهد.. والداخلية ورجال الشرطة.. يا عيني عليهم «ماشافوش» حاجة!! أما التوك توك - فيا جماله - وحلاوته وهو يتلاعب بالمارة في الشوارع - بلا أرقام - أما صوت الكاسيت فيصيبك بالصُم يقوده مجموعة من الصبية.. حتي شارع الصحافة أصبح مرتعاً له ولحوادث السرقة.. والجدع اللي يعترض أو يقول إلحقوني.. حرامي.. حرامي فستجد الجميع يتعاطف معه من بعيد.. أما الحرامي فيخرج لسانه للجميع. ويا ليت الأمر اقتصر علي هذه السرقات.. موبايل هنا.. أو حقيبة سيدة هناك.. ولكن تطور الأمر إلي خطف الأطفال والمطالبة بفدية.. وإذا تأخر ولي الأمر في توفيرها يكون مصير ابنه القتل.. والعثور علي جثته وسط الزراعات أو الصحراء. ولعل الحادث البشع الذي راح ضحيته أحد الأطفال بالمعادي عندما حاول اللصوص سرقة السيارة من والده ولكنه قاومهم وكانت النتيجة ان خسر ابنه إلي الأبد بعد أن اصابته رصاصة من الحرامية.. وليت الأمر يقتصر علي المدن بل انتقل إلي ريف مصر الآمن علي مدار العصور.. ولكن الأمور تغيرت الآن.. وأصبحت السرقات والتثبيت.. حوادث تتكرر يوميا.. والمسئولون عاجزين عن ايجاد الحل. وهكذا تصدر القوانين.. ولكن من يطبقها ومن ينفذها؟ لا أحد.. إننا نتبع المثل القديم «الغربال الجديد له شدَّة» فمجرد مرور عدة أيام علي صدور أي قانون بعد أن تتلاشي الأحداث ننساه وإلا كيف تسمي حالة التسيب التي أصابت الشارع المصري واستخدام كل الممنوعات.. وغياب القانون؟.. وثبتت الحقيقة.. أن البلطجية أقوي من الدولة ومن القانون.. واننا تفرغنا للأمن السياسي علي حساب الأمن الجنائي. نشرت وزارة الداخلية اعلانا في الصحف عن قبول طلبات دراسية بالمعاهد الشرطية للتعيين في وظيفة معاون أمني.. ومن شروط التعيين ألا يقل سن المتقدم عن 19 عاما ويكون حاصلاً علي الشهادة الاعدادية.. هل يعلم من صاغ هذا الشرط أن سن 19 هو سن الالتحاق بالجامعة وأن سن الحصول علي شهادة الإعدادية هو 16 عاما.. وبذلك من يتقدم لهذه الوظيفة عليه ان يترك الثانوية العامة أو حتي الجامعة للالتحاق بها أو ان يكون فشل في التعليم ما بعد الاعدادية وتكرر رسوبه وبذلك يلتحق بها.. وعلي كل الأحوال يكون هذا المواطن كارها للمجتمع وللوطن وبعد التخرج ينتقم منه سواء بالرشوة أو المحسوبية.. وهل نعيد تجربة أمناء الشرطة أو مندوبي الشرطة التي ثبت فشلها بعد عدة سنوات من التطبيق.. إن من يلتحق بالعمل الشرطي.. عليه أن يكون متسامحاً مع نفسه أولا حتي يكون متسامحاً مع الوطن والمواطن.