إعلام إسرائيلي: نتنياهو يرفض طلب الوزيرين جالانت وجانتس الاجتماع لمناقشة صفقة المحتجزين    المصري يلاقي النصر القاهري وديًا استعدادًا لمواجهة فيوتشر.. اليوم    تفاصيل جديدة في قتل عروس المنيا: زوجة المتهم ساعدتة في الجريمة    ضبط متهم بالنصب على المواطنين فى بني سويف    وائل ناصر: مد الإعفاءات الجمركية للسلع الأساسية دليل مرونة الإصلاح الاقتصادي    فتح باب التقديم للحصول على دورات مجانية في «الطاقة الشمسية والتطريز» لشباب قنا    وزارة التخطيط تستضيف احتفالية توزيع شهادات التميّز للمستفيدين والمستفيدات من «باب رزق»    بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية الألسن جامعة أسوان    حجازي يلتقى بوزير الدولة للمدارس بالمملكة المتحدة لبحث التعاون بمدارس (IPS)    غياب 5 لاعبين عن الأهلي أمام الترجي في نهائي دوري أبطال أفريقيا    التشكيل المثالي للدوري الإنجليزي موسم 2023/24.. موقف محمد صلاح    للتوعية بحقوقهن وواجباتهن.. «الهجرة» تناقش ضوابط سفر الفتيات المصريات بالدول العربية    أسعار الدواجن في أسواق مطروح اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    أشهر مصفف شعر للنجمات العرب، وفاة الشاب طوني صوايا‬⁩ بشكل مفاجئ    لمواليد برج السرطان.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (التفاصيل)    ضمن «القضاء على قوائم الانتظار».. إجراء 74 ألف عملية جراحية مجانية بالمنيا    في اليوم العالمي للشاي.. طريقة تحضير «بسكويت الماتشا» في المنزل    منها «التعرق الليلي والتعب».. ما هي أعراض سرطان الدم؟    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    وزير الإسكان يعقد اجتماعا بمقر جهاز مدينة "بنى سويف الجديدة" لمتابعة سير العمل بالمشروعات    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    أخبار الأهلي : هجوم ناري من شوبير على الرابطة بسبب الأهلي والزمالك.. وكارثة منتظرة    رئيس الإذاعة: المولى عز وجل قدّر للرئيس السيسي أن يكون حارسا للقرآن وأهله    تصور أطفالها ك «معاقين» وتتاجر بهم على ال«فيس بوك»    وزيرة التضامن تعلن موعد مغادرة أول أفواج حجاج الجمعيات الأهلية    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    بالتزامن مع فصل الصيف.. توجيهات عاجلة من وزير الصحة    الثلاثاء 21 مايو 2024.. نشرة أسعار الأسماك اليوم بسوق العبور للجملة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    تاريخ المسرح والسينما ضمن ورش أهل مصر لأطفال المحافظات الحدودية بالإسكندرية    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    رئيس جامعة بني سويف: مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية علوم الأرض    بسبب لهو الأطفال.. أمن الجيزة يسيطر على مشاجرة خلفت 5 مصابين في الطالبية    استشهاد رئيس قسم الجراحة بمستشفى جنين    جولة تفقدية لمحافظ الدقهلية بمقر مركز معلومات شبكات المرافق الجديد    خبيرة تغذية توجه نصائح للتعامل مع الطقس الحار الذي تشهده البلاد (فيديو)    والدة مبابي: الجميع يعلم وجهته المقبلة    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    ننشر بالأسماء ضحايا حادث العقار المنهار بالعياط    الحماية المدنية تخمد حريق هائل داخل مخزن بمنشأة القناطر (صور)    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    حسام المندوه: الكونفدرالية جاءت للزمالك في وقت صعب.. وهذا ما سيحقق المزيد من الإنجازات    مي عز الدين تُطلق مسابقة بين جمهورها على «التيك توك».. ما القصة؟ (فيديو)    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات الاحتلال قرب مفترق بلدة طمون جنوب مدينة طوباس    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    عمرو أديب عن وفاة الرئيس الإيراني في حادث الطائرة: «إهمال وغباء» (فيديو)    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
وزراء.. بلا ضفاف!!


عبدالرحمن الأبنودى
أما أن نتحدث عن العشر سنوات والعشرين سنة القادمة ونحن نخب في وحل الواقع المتخلف حيث لا مصباح ولا شمعة فهذا يعني أنها أقوال للاستهلاك!!
أي وزير يعدنا بأنه بعد عشر سنوات يكون ناتج مشروعه كذا، وسيتم تشغيل كذا ألف عاطل، اعرف أن ذلك لن يتم فقد جربناه في أنظمة سقطت، اعرف أنه وزير أونطجي يحلم بأن يظل في عز سلطانه وألا يفقد كرسي السطوة والقوة فيلجأ لهذه المعادلات الاقتصادية المعقدة والمشروعات الوهمية المؤجلة إلي الأبد بينما وزارته تخوض في بحر الفشل وغياب الرؤية النيرة وهو علي رأسها يتقافز من موقع لموقع ومن أمام أجهزة إعلام إلي أخري ويتمني ألا تغادره الكاميرات لأنهم يشاهدونه في البيت «فاكرين مرسي لما زعق في الميدان وقال: قوللهم في البيت أنا حاطلع في التليفزيون علشان يشوفوني»؟
بدون خطة خمسية تويقف الجميع أمام مخطط واضح المعالم يعرف كل وزير مقطوعيته في تلك الخطة وينفذها بحذافيرها في وقت محدد كما فعل الرئيس في مشروع قناة السويس، فلا وصول لبر أمان.
أما.. أن نترك الوزراء هكذا يسيحون في ملك الله، وما يبيتون فيه يستيقظون فيه، فلا انجاز سيتم، ولا قيمة للكلام الشفاهي الذي صار فيه الجميع «لبلبا» إذ أننا ماهرون جدا في الكلام، أما العمل فلا نراه.. ربما يرونه هم، أما أن نتحدث عن العشر سنوات والعشرين سنة القادمة ونحن نخب في وحل الواقع المتخلف حيث لا مصباح ولا شمعة فهذا يعني أنها أقوال للاستهلاك. يذهب وزير ويأتي وزير والعالم يتقدم ونحن نجمع محصول العام من علي شاشات التليفزيون وعودا وأماني وخططا خرافية وجنات نعيم، بينما الواقع يقول أشياء أخري، والجماهير لا تعير ما يقال التفاتا.
بدون خطة يضعها أهل العلم والمعرفة والعقول المضيئة، ودون أن يتحمل مسئولية هذه الخطة الرئيس نفسه يراقب أعمال الجادين والفهلوية: أهل الأعمال وأهل الأقوال، تكون كل حياتنا وهما في وهم ولعبا في مباراة خسرناها سلفا.
خطة خمسية محكمة تزيل الأتربة عن عقول وزنود الأمة، وتأخذنا في طريق التقدم المنشود، أما أن يترك كل وزير ومدير وخفير ومحافظ يغني علي هواه، ويري الوطن كما يجب أن يراه، لا كما هو في الحقيقة ويسعد بأنه أوهمنا أنه بعد عشر سنوات سيكون قد انجز كذا وكذا في الوقت الذي كذا وكذا براء منه.
إن مصر لن تحقق آمال ثورتيها بالارتجال، وبالقفز علي الحقائق وعلي واقع الحال، فارحمونا من فوضوية الأقوال وارتجالية الأفعال فمن لن يفعل الأمر اليوم لا تصدقوا بأنه سيحققه غدا.
الخطة الخمسية هي الساقية التي ستدور فتصب قواديسها ماء الحياة في غيطان الحياة المصرية التي شارفت علي الجفاف!!
ليتني ما شكوت!!
الثلاثاء :
تكررت النوبات وتلاحقت، كما تلاحقت أنفاسي وضاقت، ولم تعد «البخاخات» أو جهاز التنفس تجدي، وهكذا رأت زوجتي أن نذهب إلي المركز الطبي العالمي لمعرفة سبب لهذا التدهور المفاجيء في الرئة.
في المركز خضعت لعمل أشعة مقطعية علي الرئة حين رفعها بيديه ونظرها صديقي د.أمين فؤاد طبيب القلب المعروف والحارس علي قلبي، أدرك أن مشكلات القلب بالنسبة لما تعانيه الرئة أمر لا يخضع للمقارنة. سحابة هم غمرت وجهه ومعه طبيب الجهاز التنفسي وصار يقلب ويعدل في صور الرئة باحثا عن ثغرة!!
بعد يومين تلقينا التقرير الذي قرأه بعد ذلك أطباء كثر، لم يبتسم واحد منهم أو هون علي الأمر، كانوا صادقين بل أروني ماذا حدث للرئة من فساد واتلاف.. هذا ومازالت الحالة كأني لست أنا، طوال اليوم أعرض الرئة للجهاز التنفسي والبخاخات ويركبني الرعب في حالة ضرورة المشي عدة خطوات إلي دورة المياه، أو السرير.. تحصنت بكرسي أمام مكتبي لساعات وصارت رئتي ترفض أن تخطو معي وبدأت تعج بالألما لا قبل لي بها، لكنها ضاعت في زحمة مخاوف الحركة كي لا ينطبق الصدر رافضا قبول «كبشة» هواء لوجه الله.
من الذي أبلغ الرئيس؟ ومنذ هاتفني لم يصمت تليفون الدار أو الموبايل، وما بين الهواتف والآلام ضعت، إذا عبرت بصدق عما يحدث معي غضب الأصدقاء واعتبروها قلة رجولة أو خوفا من الموت وتكبيشا في الدنيا وضعفا، وانني يجب أن أموت قويا.. يا... س.. لا.. م!
أنا لا استطيع الرد لانقطاع النفس والصوت، وهم يعتبرون هذا نوعا من التأثر والخوف من الموت. ومن قال إن الموت لا يخيف؟
وهل معني أن أمل دنقل وأمي قابلا الموت بتلك الجسارة أن يكون هذا هو المذهب الوحيد في اللقاء؟ ولقد كتبت عن «يامنه» والموت، ولكن موقف أمي الذي رصدته في قصيدة «الكتابة» يبدو عجيبا فعلا.. قلت:
أمي.. و الليل.. مليّل
طعم الزاد القُليّل
بترفرف قبل ترحل
جناح.. بريشات حزاني
وسَدَّدِت ديونها
وشَرِت كفن الّدفِانة
تقف للموت يوماتي
ماجاش ابن الجبانة!!
اذن فالموت هو الجبان وليس أمي التي انتظرته طويلا.
تدفق الأصدقاء تليفونيا وفعليا ولا مجال لإيراد الأسماء، كذلك الأخوة من البلاد العربية من السودان للسعودية لتونس للإمارات لليبيا للبنان.. إلخ.
أحبوني بقسوة تقتل، ومن أنقذني منهم الأطباء الأفاضل القادمون من المستشفيات العسكرية في الإسماعيلية والقاهرة وإذا ما تسلل الخبر للجرائد كان لابد من قفل تليفوناتي والتفرغ لعلتي، مما زاد الناس قلقا والحاحا.
أنا الآن بخير.. ولكن الرئة ليست بخير.. لكم الحب ولا حرمني الله منكم فأنتم ثروتي التي لاتدانيها ثروة، والتي لا يملكها الكثيرون، لا يملكها إلا من يستطيع أن يدفع ثمنها حبا عميقا وصدقا وعزا..!
أصدقائي
الأربعاء :
أنا من أكبر أثرياء العالم، ليس كما أشاع المغرضون، ولكن ثروتي هي مجموعة أصدقاء السراء والضراء الذين «حوشتهم» علي مدي العمر المديد الذي عشته، العمر الذي أعطاني فرصا عديدة للفرز والغربلة والاختيار، مشكلتي أني لا أعرف الصداقة النص نص أو الصداقة إلا «ربع» ولا الصداقة الاجباري التي يفرضها عليك التجنيد أو السجن أو حتي سفرية قطار، وانما الصداقة الحقيقية مدفوعة الثمن بالمواقف والاختبارات والغربلة الحياتية ومازلت أكسب وأخسر صداقات حتي الآن وكأني أبدأ الحياة وأنا علي حافة الرحيل.
حتي وأنا أنازع، أتشاجر مع المقصرين ممن أحب وأغضب غضبات حقيقية فلا صديق حقيقي في حياتي إلا بدرجة أخ، أما هؤلاء «اللي وشك وشك» فليس لهم مكان في القلب وإنما علاقات السوق التجارية والحياة العملية وهذا ما أعطاني «كارت مرور» للعمل مع الفنانين الذين يسهبون في القلب «يا حياتي ويا روح قلبي، ويا نور عيني» هذه الألفاظ التي لم أفقد مدلولاتها باستعمالها يوما كما يفعلون، ولو حاولت حتي فستخرج من فمي مضحكة بلا معني، فأنا أعرف من هو روح قلبي ونور عيني، وكنت دائما أناديهم بأسمائهم،يا بليغ، يا كمال، يا موجي، يا عمار، يا جمال، يا رحيم.. وكذلك كان الحال مع المطربين.
ولذلك لم اضطر إلي لبس قناع مؤلف الأغاني حين أكون معهم، بل أتواجد كما أنا أسعد وأغضب وأرفض وأحزن وأتشاجر كما أحب. حتي في الأغنيات لم أضع علي وجهي يوما قناع مغلف الأغاني الذي حين يضعه يصبح مخلوقا هوائيا. فراشة. ينسي أنه فلان، وأنه متزوج من فلانة، ينسي أولاده، وأن في جيبه بطاقة هوية وأنه يدفع ايجار بيته كل شهر ويسأل علي ايصالات الكهرباء والماء واحتياجات المنزل، يصبح مخلوقا ملائكيا معجونا بماء الحب فقط فليبدأ بكلمة «حبيبي»، ثم يحلق بعيدا عن نفسه وحياته بعد ذلك وينخع!!
لم يغيرني اختلاف الأماكن والبشر والأجواء. كنت أخاصم وأقاطع عند التجاوز هكذا لم تستمر علاقتي بعبدالحليم، وتعرضت علاقتي ببليغ لفترة طويلة من الانقطاع وكذلك عمار، لم تجبرني المصالح علي التنازل ولو جعت وعانيت.
تمرد
الخميس:
غريبة هذه القدرة علي ممارسة ثقافة التلويث والنيل من القامات والقيم التي تمثلها. غريب أنه في لحظة ما كانت «حركة تمرد» هي نقطة الندي الوحيدة التي هطلت إلي لسان الأمة تزيل عطشا في لحظات حارقة قيظها يلهب الأجساد والقلوب.
هذا التطاول علي من ندين لهم بفضل لم نقف أمام نتائجه متأملين حتي الآن. اختطفنا تلك النتائج مضينا دون أن نلتفت لأصحابها بابتسامة عرفان. حتي أصحابها سرعان ما أصابهم ما أصاب الآخرين.. ذلك لأن الذي يديره ماكينة الشر في بلادنا واحد، وهو زكي ومن طرفين: يمين ويسار والذي يتلقي النتائج علي أم رأسه ويصدقها واحد أيضا نصفه يمين إرهابي أعمي ونصفه شباب لا يمت للنصف الأول بصلة لكنهما الآن يعملان بتوافق عجيب ومودة ليست ظاهرة لنا ولهم لكن الماكينة تدور وتنثر شرورها وتهرس الوعي وتطفيء الأضواء.
المهم «تمرد» أول حركة شعبية تقدمية عرفت طريقها إلي صفوف الشعب وقاع المجتمع واستطاعت أن ترفعه بعزيمة إلي صفوف العمل الوطني، وكيساري عجوز ربوه في الغرف المظلمة ففقد مثل غيره الطريق للجماهير عدا بالكلمات الصادقة أو فنه وفنونهم فصاروا يعرفونني ويتتبعون خطاي لكن في الإعلام فقط وكذلك ربما كان الأمر مع غيري، لكن ظلت الجماهير كلمة نحتفي بها وزادا لمداد أقلامنا إلي أن جاءت «تمرد»!!
قلت للرجل الشعبي.. قريبي وصديقي.. وأنا متخوف من أن أخسره من جدة السؤال وغرابته: «يا حاج فلان.. الناس توقع استمارات تمرد: فلماذا لا توقع واحدة؟».
كنت أنتظر الاجابات التقليدية: «يا أستاذ الكلام دا عندكم في مصر احنا هنا في حالنا لا نعرف بتقولوا ايه ولا انتوا تعرفوا عننا أي حاجة»!! هكذا كان الجواب دائما بصورة أو بأخري، وإذا به يقول: «كل الجلاليب والعمم التي أمامك مضت استمارة تمرد، أنا مضّيتهم، وأنا شخصيا طابع علي حسابي ألف استمارة جري ايه يا «أستاذ؟ » دول شباب مصر الحقيقية، جونا واتناقشوا معانا واحد زائد واحد يبقوا اتنين فوقعنا جميعا. كلنا شايفين حال البلد!!
وقال: «شباب زي الورد، صغير السن لكنه قابض علي البلد بإيديه».. كأنها بداية رائعة لهزيمة قصيدتي «الدايرة المقطوعة» التي تعكس الغربة بين الطليعة وجماهيرها، وكيف أن الطليعة منذ عرفنا جلسات مقاهي وسط البلد، وغرف الدخان والقهوة تلعب دوري الطليعة والجماهير معا، ولا تعرف الطريق لموضوعها رغم سلامة المقصد الذي تلوث الآن اذن فتمرد عرفت الطريق لجماهير الأمة، نزلت إليها في الأسواق والأفراح والدكاكين، أوقفت السيارات في الطرقات، ابتدعت أشكالا عبقرية للاتصال بالبشر للتوقيع علي الاستمارة.
وتم المراد من رب العباد. لذا فإني اعتبر «تمرد» الأم الشرعية لثورة 30 يونيو.. السلمة القوية التي صعدت عليها الثورة.
ولكن، هل تركها أهل المصالح والاستفادة تنعم باستكمال دورها؟
سرعان ما تم الشقاق.. وهو أبرز ظاهرة يسارية في التاريخ النضالي وسرعان ما تبادل الاشقاء اللعب بالكلمات تم الانزلاق للاتهامات والادانات ليتفرع النهر إلي مسارب عديدة تضّيع ماءه في صحراء البلاهة «وكأنك يا بوزيد ما غزيت».
ثم تلك الضجة التي بدأها السلفيون حين رأوا موضوعا عن تمرد في كتاب لطلاب المراحل الأولي في الدراسة، إلي جانب هؤلاء الذين لم ترد اسماؤهم أو صورهم فقامت القيامة.
نحن شعب «ما بيعيشلوش أبطال» لابد أن نلوث ذكرهم، ونلطخ صفحات كفاحهم بكل ما نستطيع، وبعد أن فرحت العمم والجلاليب، باكتشاف النخبة لهم، راح كل ذلك.. تفرق وتبرد.. وهناك مثل تونسي جميل يقول: «نِسنْي نِسنْي»، والجابية مقعورة» أي أننا نسقي السانية البستان بدلو لا قعر له، فلا السانية ارتوت، ولا الجهد صار له معني. يا أهالي تمرد الشرفاء، كيف سمحتم لغير الشرفاء أن يلعبوا لعبتهم في تفريقكم لتصير المعركة معركة رئاسة ومن صاحب الفكرة ومن الذي التحق بها، ومن الذي اختطف قطعة الجبن من فم الغراب المغني.. يا خسارة!!
مدرسة في قنا
الجمعة :
في قنا بلدي.. وجدت تلاميذا يجلسون علي الأرض.. النصف علي «دكك»، والنصف الآخر يجلس علي الأرض، كانت كثافة الفصل أكبر من أكبر مظاهرة للإخوان. لحم يغوص في لحم، وأرجل حافية، وملابس لا تحتمل «غسلة» أخري. هذا ما كشفت عنه كاميرا أمينة لإحدي الشاشات.. هذا غريب، فقد كنت في مدرسة «سيدي عبدالرحيم» الابتدائية بقنا وكان لكل منا مكانه المعروف، يتجه المدرس نحوه إذا أراد مخاطبة صاحبه وهو موقن أنه في مكانه اليومي، بل كان هناك «قمطرين» للطواريء خاليين، كان المدرس يجلس علي أحدهما وربما الناظر يجلس علي الآخر في حالة زار الفصل مفتش اللغة العربية أو المواد الاجتماعية، وكنا مهذبين لأنهم وضعونا في موضع صحي.
حتي حين كنت ألج إلي كتاب الشيخ امبارك كان كل اثنين يجلسان علي «تختة واحدة» ب«قمطرين»، تضع المصحف واللوح فيهما. ولهذا حفظنا علي يديه، ولولا قسوته المبالغ فيها من أجل مصلحتنا طبعا لأكملت حفظ الكتاب، فماذا جري؟.. وهل محافظة قنا «فقط».. هي التي يتكوم أبناؤها علي أرضية الفصل لتلقي العلم؟ ومن يسمع من؟
كيف يصل صوت المدرس المسكين إلي كل ذلك القطيع من المساكين؟ إذا كانت صورة الفصل القديم ماثلة في ذهني حتي الآن، فأي احساس سيحسه ذلك الطفل حين يصبح رجلا؟.. وهل فعلا من الممكن لهؤلاء الأطفال أن يحبوا مدرستهم ويؤمنون بالتعليم وماذا سوف يستطيع مدرسهم الذي بالفعل كاد أن يكون رسولا أن يصل إليهم بصوته وبعلمه؟
اسمع يوميا عن بناء مئات المدارس، هل تشبه تلك المدارس هذه الأحواش التي لا تصلح لاستقبال الموتي وهل سوف يتكدس تلاميذها في أكوام التعاسة تلك؟ لا أريد جوابا.. فلو سألت الوزير لحدثك عن العشر سنوات المقبلة. نحن نريد إزالة آثار العشر سنوات الماضية، ولكن لماذا حين رأي الوزير هذا المنظر الذي لا يقل في بشاعته عن منظر قطار محترق لم يترك كل شيء ويذهب ليري إذا ما كانت المدرسة حالة فردية أم أن الصعيد المظلم المهمل يعج بجرائمنا الموجهة للمستقبل نتجاهلها لنتحدث عن مستقبل مفترض يبشرنا به الجميع قريبا جدا.. فقط علي بعد عشر سنوات!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.