عم محمد يشكو : عام بأكمله لا أعمل فيه سوى 3 اشهر فقط عام بأكمله لا يعمل فيه سوي 3 اشهر فقط ..لا يعرف مهنة سواها..يخرج من منزله في الساعات الاولي من الصباح بعد أن يدعو ربه بأن يرزقه قوت يومه لينفق علي اسرته المكونة من اربعة افراد..هو عم محمد صالح صاحب إحدي المدابغ والذي يبيع جلود «الخرفان» للمواطنين من هواة تحويل جلود الاضاحي بعد دبغها الي اشكال فنية تعلق علي الحوائط أو تفرش علي الأرضيات.. يبلغ من العمر 38 عاما ورث هذه المهنة عن ابائه و أجداده.. لكنه قرر ان يبعد طفليه حينما يبلغا أشدهما عن هذه المهنة لما بها من صعوبات و معوقات ..تبدل لون شعره من الاسود الي الابيض بسبب متاعب المهنة التي اثقلت كاهله وزادته عبئا علي عبء طفليه محمد و صالح.. يبدأ يومه منذ الساعه 6 صباحا عقب صلاة الفجر مباشرة يجلس بمدبغته التي يفرش جلودها علي الرصيف حتي لا تبعد عن اعين المارة.. حدد لها التسعيرة و هي جلد بقري ذكر من 150 جنيها الي 300 جنيه و جلد بقري عزب من 80 جنيها الي 200 جنيه و جلد جاموسي امهات من 150 جنيها الي 220 جنيه بالاضافة الي باقي الجلود التي تتراوح اسعارها ما بين 8 الي 15 جنيها. يمضي عم محمد طيلة اليوم و قد لا يبيع فيه سوي قطعة واحدة ثم يعود الي منزله يجلس مع زوجته يتناقشان حول امكانية تدبير امور منزلهما و مصاريف طفليهما بالمكسب الضئيل لكن هدوء زوجته كمعظم نساء مصر وايمانها بالله جعله لا يحمل هما ويبدأ في التفكير في يومه التالي كيف سيستطيع ان يوفر متطلبات اسرته. أمام سور مجري العيون..الساعة 9 صباحا جلس عم محمد علي أحد الكراسي وعيناه تنظر هنا و هناك متعلقان بكل قائد سياره تمر لعله يركن أمام جلوده التي يبيعها ويشتري منه . شكواه تكمن في سوء حال المنطقة فبين جدران سور مجري العيون علي مدخل شارع حسن الأنور بمنطقة مصر القديمة وشوارعها الضيقة حيث المدابغ تنتشر علي الجانبين بقايا جلود حيوانات قديمة تضرب تجارتهم وجلودهم الاصلية بالاضافة الي تلال من القمامة وكلاب ضالة تعوي في كل مكان تتبع رائحة بقايا الجلود لتصل إلي منطقة المدابغ..وروائح «المجاري» والمواد الكيماوية المضة و التي يقع خلفها مستشفي 57357 لسرطان الاطفال وغيرها من الروائح الكريهة التي تفوح من المنطقة، تسمع أصوات براميل وماكينات الدباغة..الأرضية تمتلئ بجلود «طازة» قادمة لكونها اتت من المذابح، وجلود أخري «مضروبة» جاهزة للبيع فورا لا يعرف عم محمد من اين مصدرها كونها تضر برزقهم...كل ما يتمناه عم محمد من الحكومة هو التأمين علي حياتهم بسبب ما يتعرضون له في المدابغ من روائح»صبغ» الجلود بالاضافة الي انشاء نقابة أو جمعية تضم العاملين في مجال المدابغ وترعي شئونهم.. حتي يتم انتشالهم من الفقر و الجوع والاهمال .