الضابط الشهيد كان منقولاً لإدارة نوادي الشرطة حتي يكون بعيداً عن الأعين خلال فترة نظر قضية اقتحام السجون المتهم فيها محمد مرسي رئيس مصر السابق في عهد الاخوان، ولكن هناك من قام بمخالفة هذا الهدف صحيح أن اغتيال شاهد في قضية مهمة يعني تثبيت شهادته ضد المتهمين، وصحيح أن البعض يري أن اغتيال الشاهد الرئيسي في قضية اقتحام السجون منذ يومين أمام وزارة الخارجية يمكن أن يكون دليلاً إضافياً علي عنف الإخوان وتآمرهم ينبغي استغلاله في الاعلام الدولي تماما كما يستخدمون هم التقارير الحقوقية الدولية المشبوهة التي تصدر لصالحهم ضد مصر، إلا أنني لا أجد أي معني لاستشهاد الضابط تحديداً بخلاف أن هناك خللاً واضحاً في تقييم المواقف من جانب وزارة الداخلية، واستهتارا يصاحب حالات الاسترخاء التي تصيبنا بعد كل حادث وموقف. فالضابط الشهيد كان منقولاً لإدارة نوادي الشرطة حتي يكون بعيداً عن الأعين خلال فترة نظر قضية اقتحام السجون المتهم فيها محمد مرسي رئيس مصر السابق في عهد الاخوان، ولكن هناك من قام بمخالفة هذا الهدف وكلفه بالخدمة أمام مقر وزارة الخارجية لتعويض نقص الضباط في الخدمات فعرضه للاغتيال. وهذه نقطة مهمة تثير تساؤلات عديدة. فأي شخص – وليس من الضروري أن يكون خبيراً أمنياً – يعلم علم اليقين أن الإخوان يتربصون بالضباط الذين كانوا يتابعونهم، ولديهم إلمام بملفاتهم، ويدلون بشهاداتهم ضد الاخوان في القضايا المنظورة حاليا أمام المحاكم. وحادثة اغتيال الضابط محمد مبروك الذي كانت تتوافر لديه معلومات في قضية الخيانة العظمي لبعض قيادات الإخوان ليست بعيدة، فالرجل تمت تصفيته في حادثة مشهودة أثارت المجتمع المصري كله، والشبهات تتجه لحدوث خيانة في هذا الأمر. ولكن الحادثة مرت ونالت من الاهتمام الإعلامي حقها في وقتها، ثم هدأت الأمور، وعادت لطبيعتها، فنسينا أننا مازلنا في حالة حرب ضد الإرهاب، وتركنا شاهداً آخر يسقط من ضباط الشرطة في واحدة من أكثر الحوادث إثارة للجدل. البعض يري أن الحادثة التي وقعت صباح الأحد الماضي عادية، وأن الجناة كانوا يريدون استهداف منشأة سيادية مثل وزارة الخارجية بهدف هز الثقة التي بدأت تتزايد في جهاز الأمن، وتصادف أن الضابط الشاهد كان موجوداً في خدمته، فمات وأنه لم يكن مستهدفاً لذاته، وأن اختيار توقيت التنفيذ كان مرتبطا بموعد سفر الرئيس السيسي للولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فيسبب له احراجا، واستند البعض في التدليل علي أن الحادث ليس مقصودا به الشاهد الشهيد علي أن نجل محمد مرسي بادر بكتابة « تويتة « للتعبير عن شماتته في موت الضابط، ويصدر فيها قراراً إخوانياً بأنه « شاهد زور مات كافراً «، ومثل هذه « التويتة « في حد ذاتها تدين نجل محمد مرسي والإخوان، وأنهم لو كانوا يستهدفون الضابط الشهيد لما ورطوا أنفسهم بهذا الكلام. ومع عدم اقتناعي بمنطق المصادفة، إلا أن هذا لا يعني إلا أن تقصيراً قد وقع وأن الأمر يحتاج لإجراءات أخري أكثر جدية في مسألة حماية الشهود وبخاصة في قضايا الإخوان. فما يفعله الإخوان ليس عشوائياً علي الإطلاق، فهم يسعون مثلا لإرهاب القضاة لمنعهم من إصدار أحكام رادعة ضد قياداتهم فلجأوا مؤخرا لاغتيال أحد أبناء القضاة في المنصورة، ورغم أن بعض ما ذكر يشير إلي أن الهدف كان ضابط الحراسة أمام منزله، الا أن اغتيال نجل القاضي سوف يخيف البعض من القضاة ويمنعهم من اصدار أحكام ضدهم حسب ظن الإخوان. واغتيالهم للضباط الشهود أيضاً يستهدف منع ضباط آخرين من الإدلاء بشهاداتهم في قضايا الإخوان. والإجراءات المطلوبة تسير في اتجاهين رئيسيين، أولهما أن تأمين الضباط الشهود وأسرهم يجب أن يخضع لخطط محكمة لا تترك فيها أي فرصة للعبث أو للاستهتار حتي لو استغرقت هذه القضايا سنين. والثاني أن الداخلية - وإن كنت أنا شخصياً ألمس تحسناً في أدائها عما كانت منذ 3 سنوات – إلا أنها لا تزال تحتاج لإصلاح داخلي وكشف المتسببين في هذه الحوادث، واستبعاد العناصر الفاسدة من الرتب الكبري والصغري علي السواء، فعدم الثقة في جهاز الشرطة هدف يسعي اليه الإخوان لا ينبغي أن يتمكنوا منه.