بعد طول متابعة للفضائيات المختلفة، حزنت علي نفسي فمصر كلها تحولت الي خبراء إستراتجيين ،نشطاء سياسيين، والفارق بينهما في السن فقط، فإن كنت مازلت شاباً وتحمل جينات وثورة الشباب، ولسانك ليس حصانك فأنت تصلح لان تكون ناشطاً سياسياً أما إذا كنت رجل (كبارة) فأنت تصلح لأن تكون خبيراً استراتيجياً، خاصة أن هذه المهنة الجديدة لاتحتاج لأي مؤهلات أو مسوغات تعيين فيكفيك أنك تحمل بطاقة الرقم القومي، لزوم لجان التفتيش الليلية وهي وظيفة مربحة بالطبع، فأنت تصرف بدل لبس وبدل انتقال وبدل ما تقعد علي القهوة، . وما عليك إلا أن تنام طول النهار ، لتسهر طول الليل تنتقل بين الفضائيات، كالنحلة التي تنتقل من زهرة الي زهرة لترتشف دولاراتها أقصد رحيقها ولا تخشي أي سؤال صعب، يأتيك بغتة من مشاهد فكل الاسئلة سوف تعرض عليك قبل التصوير والمداخلات سوف تأتيك عبر التليفون من الحجرة المجاورة للاستوديو بواسطة موظفين في القناة لهذا الغرض. ولابد أن تتزود ببعض المصطلحات الأجنبية لزوم إقناع المشاهد بعمق الثقافة، وسعة الاطلاع ولتكن مطيعاً للمذيع وتسكت فوراً اذا ما طلب منك ذلك لأنه سوف يطلع فاصل وبعدها يواصل ولتعلم أن (اللي اختشوا ماتوا) فلا تتحرج من الانتقال من قناة الي قناة في نفس الليلة لتقول نفس الكلمتين وتعمل نفس (الشويتين). ولتقل ما تشاء حين تشاء فالكلام عندنا والحمد الله ليس عليه جمرك. عاشور فويلة موجه عام تاريخ - بورسعيد