هناك من يحب أيام الشتاء، ويسعدون بالأمطار، ويجدون الدفء في أيام البرد، لأن البرد، كما يرون يجمع شمل الأسرة حول مائدة واحدة، يأكلون الأطعمة الساخنة، وبعدها تبدأ المشروبات الساخنة، كوب من الشاي، يعقبه كوب من السحلب أو القرفة باللبن، ويا سلام مع كوب حمص الشام، ولو ربنا فاتح عليك فستجد من يقدم لك »أبوفروة« ساخنا، مقرمشاً، لتلتهمه وأنت تحت البطانية. هذا عند قطاع بسيط قليل من المصريين، فهناك من يخشي سقوط نقطة المطر لأنها ستعرف الطريق إلي فرشة أولاده لأن سقف بيته من خشب أو بلاستيك أو من بقايا زبالة. تذكر وأنت تحتسي كوب السحلب الساخن أن هناك من تتجمد أطرافه لأن معدته خاوية ليس فيها ما يسد رمقه، وليس هناك ما يغطي جسده الهزيل. تذكر أن الله الذي أعطاك كل هذه النعم أمرك ألا تنسي هذا الذي أرادت مشيئته أن يكون رزقه ضيقا لحكمة هو يعلمها. انفض الغطاء وشارك جارك الفقير في أكلة ساخنة تأكلها، واحمل من أغطيتك الكثيرة التي لا تلبسها إلا مرة واحدة في الموسم، واذهب بها إلي من لا يجد ما يستر به جسده. أدفئ غيرك من البسطاء تكن أسعد الناس. رحم الله مصطفي وعلي أمين، تحل الذكري المئوية لمولدهما خلال أيام، تعلمت من مدرستهما أن السعادة في المسح علي رأس يتيم بردان جوعان.