تدخل الحكومة المصرية الآن منعطفا تاريخيا إبان إقرار الدستور الجديد مما يمثل تحديا كبيرا يتمثل في ضرورة استخدام السيد رئيس الجمهورية لسلطته التشريعية الحالية خصوصا أن حزمة من القوانين يلزم تعديلها الآن بقرارات جمهورية لتتطابق مع الدستور الجديد. وهي المعروفة دائما بالقوانين المكملة للدستور وعلي رأسها قانون الانتخابات الرئاسية وقانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون انتخابات مجلس النواب وقوانين السلطة والهيئات القضائية لتتواءم مع الصلاحيات الجديدة والتي ستحقق العدالة الناجزة للمنظومة القضائية بمصر ومنها قانون هيئة قضايا الدولة علي ان يتولي مجلس النواب بعد انتخابه إقرار تلك التعديلات ضمن مشروع قانون كامل خصوصا ان الدستور أوجب موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب لاقرار مثل تلك القوانين وهو ما تم النص عليه بالدستور الجديد 2014 بالمادة -121 منه ( التي نصت علي انه كما تصدر القوانين المكملة للدستور بموافقة ثلثي أعضاء المجلس وتعد القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية والاحزاب السياسية والسلطة القضائية والمتعلقة بالجهات والهيئات القضائية والمنظمة للحقوق والحريات الواردة في الدستور مكملة له ) خصوصا أن نظام الحكم في الدستور الجديد هو نظام رئاسي برلماني منح لرئيس الوزراء وحكومته والبرلمان المنتخب صلاحيات واسعة في ادارة الحكومة والسلطة التنفيذية واعداد مشروعات القوانين وتنفيذها وذلك في ضوء المادة 131 والمادة 167 من الدستور الجديد وهو ما يجعل الحكومة ومجلس النواب تلك بعد انتخاب الرئيس والبرلمان مطالبين باعداد تلك الحزمة من القوانين واعادة صياغتها وبنائها في ضوء القرارات الجمهورية المنتظرة الآن بالتعديلات الجزائية فمصر تعتبر من اوضح النماذج للمجتمعات التي عرفت التشريع في عصورها المبكرة وقد استمر التشريع في عصورها اللاحقة يلعب دوره كمصدر غالب للقانون وذلك حال كونها ظلت طوال تاريخها محكومة بسلطات مركزية قوية تبسط سلطاتها علي البلاد و تأتي بالتشريعات التي تصدرها للتعبير عن هذه الهيمنة تحقيقا لضبط السلوك الاجتماعي وتسبغ الظاهرة تلك علي صناعة التشريع في مصر اهمية قصوي تحتم البحث الدقيق عن القيم والتقاليد التي ينبغي ان تحكم العمل في مجال التشريع . وحيث ان التشريع هو مجموعة القواعد القانونية المكتوبة الصادرة عن السلطة صاحبة التشريع في الدول وهو بهذا المعني لايستغرق المفهوم الكلي للقانون باعتبار الاخير هو مجموعة من القواعد العامة المجردة الملزمة التي تحكم العلاقات الاجتماعية وبالتالي فالتشريع هو احد مصادر القانون بأي مجتمع ويتعين علي المشرع تهيئة المناخ لنجاح التشريع في تحقيق غاياته ولذلك وجب عليه . 1- العناية الفائقة بإعداد وصياغة مشروعات القوانين من الحكومة او اعضاء السلطة التشريعية بالدولة وامعان النظر فيها وتدقيق البحث من مطابقة نصوصها واحكامها لاحكام الدستور ومبادئ الشريعة الاسلامية وهو مايحقق نوعا من الرقابة المسبقة علي دستورية التشريع . 2- يجب أن يحرص المشرع علي مراعاة الحقوق الاساسية للانسان كما استقرت في المواثيق الدولية ومفاهيم الدول الديمقراطية ومن ثم يجب ان تكون هذه الحقوق بمنأي عن اي انتهاك تشريعي بل يتعين ان تكون هذه الحقوق محلا للحماية التشريعية 3-تتعين ان تراعي في التشريعات الجزائية خاصية الوضوح واليقين وان يركن المشرع الي مناهج في الصياغة لا تنزلق الي التعبيرات الفضفاضة او الغامضة او المتميعة باكثر من معني ويجب ان يتجنب المشرع الجنائي تقييد سلطة القاضي في الاختيار من بدائل للجزاءات وفي استعمال موجبات الرأفة 4- لما كانت فكرة الشرعية ملازمة لمبدأ العمومية والمساواة امام القانون ومناقضة لمفهوم الاستثناء من تطبيق القاعدة القانونية فانه يتعين تحاشي النصوص التي تفتح الاستثناء ومنافذ الثغرات في التطبيق وذلك حتي يحتفظ القانون بهيبته وليطيعه المواطنون عن ايمان أن الحق أحق ان يتبع . 5- يتعين علي المشرع ألايمايز بين الدولة والافراد في مجال تنظيم مباشرة اوجه النشاط الاقتصادي الخاص واموال الدولة الخاصة بتقرير اعفاءات الدولة من احكام تنظيمية معينة يلتزم بها الافراد في نفس الظروف وذلك تغليبا لمبدأ المساواة امام القانون وحتي يكون لدي السلطة المبرر الاخلاقي في المطالبة بالالتزام بهذه القوانين 6- يتعين ان يكون المشرع علي ادراك كامل وعلم تام بكافة احكام الاتفاقيات الاقليمية والدولية ذات الصلة لتجنب الوقوع فيما يشكل مخالفات دولية او يسيء لسمعة الدولة او يضر بمصالحها واخيرا يجب بأي تشريع ايجاد الوسائل والادوات القانونية التي تساعد علي ضبط الجرائم وكشف العصابات وتسليم المجرمين واعادة الاموال المهربة وغير ذلك من اوجه التعاون .