سمىر عبدالقادر يحتفل العالم بمولد داعية البر والرحمة والسلام.. دقت الاجراس في الكنائس عبر المشرق والمغرب تحية للبشارة التي أهلت علي الدنيا. فكان الصوت الذي ارتفع من قمة الجبل.. يقول لانصاره وحواريه: طوبي للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السموات، طوبي للحزاني لأنهم يتعزون، طوبي للودعاء لأنهم يرثون الأرض، طوبي للجياع والعطاشي إلي البر لأنهم يشبعون، طوبي للرحماء لأنهم يرحمون، طوبي للانقياء القلب لأنهم يعاينون الله، طوبي لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون. كان المسيح، عليه السلام، بشارة نور وقلب وإيمان، فأين اتباعه منه اليوم؟ وهو القائل: »لاتقاوموا الشر، بل من لطمك علي خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا، ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا«.. أين اتباعه منه اليوم وهم يريقون دم الابرياء دون أن يلطموهم، ويسرقون أثوابهم و أرديتهم وهم لا يسألونهم الا سلاما! في الشرق والغرب يخضب اتباع المسيح الارض بالدماء.. الكنائس تدق والصلوات والتراتيل والاناشيد ترتفع تجميدا لرسالته، فتذهب انغامها الحلوة الرقيقة إليه وهو في ملكوت السماء، وكأنها صدي الانين والعذاب، هو الذي اراد في الارض المحبة والسلام. لم يرفع بطرس سيفا وهو يري المسيحيين تأكلهم اسود نيرون، بل رفع رأسه يسأل ربه ماذا يصنع؟ واومض نورا في السماء وقال له: »عد اليهم« وعاد بطرس ولكنه لم يصنع شيئا سوي أن وقف، والسباع تنهش اتباع المسيح، وقال لهم صلوا ورتلوا وازدادوا الله حبا وإيمانا، وصلبوه كما حاولوا ان يصلبوا المسيح ولكن النور انبثق من الالم، ولم تغن القوة عن الايمان شيئا، وسادت المسيحية روما وذهب نيرون، قتل نفسه وهو جبان خائف، لا بل قتلته امرأة كانت احني منه علي عرشه واسمه.. اية عبرة في سيرة المسيح وحوارييه ورسله، ألا يعيها اتباعه الذين يملأون الارض دما وسيفا؟ وفي عيد الميلاد المجيد، يذهب خاطري إلي الحزاني واليتامي والمطرودين إلي الضحايا في كل ركن في العالم، سواء كانوا مسيحيين أو غير مسيحيين، لهم دين أو لادين لهم، فمن اجلهم جاء المسيح، من اجلهم نشر رايته. وهؤلاء الذين جعلهم القدر علي موعد مع الموت، هم الذين كانوا يحسبون انفسهم علي موعد مع الايمان في ارض اورشليم، شطرت الامواج والصخور سفينتهم، ولكنها لم تشطر قلوبهم، فذهبوا بنيتهم وكأنهم بلغوا ارض المسيح.. ما اعظم ما حركت كارثتهم القلوب، قلوب المؤمنين من كل جنس ودين!.. كانوا يحلمون بأن تدق علهيم اجراس الميلاد في أورشليم، فأراد الله أن تثوي أجسادهم علي بعد اميال من الجبل الذي شهد أول موعظة للسيد المسيح!