إذا صح البدء صح الختام، وصلاح القمة يبدأ بإصلاح القاعدة ودائما تكون النتائج موفقة حين تبني علي مقدمات صحيحة، أما إذا حدث العكس فقد يحدث الندم وتتحقق مقولة »الوقاية خير من العلاج« . ولهذا فقد نندهش حين نري الكثيرين من ابناء العروبة يخطئون في قواعد »اللغة العربية« وربما يكون ذلك بين أهل التخصص انفسهم ليصح قول الشاعر مستنكرا: يا ايها العلماء يا ملح البلد من يصلح الملح اذا الملح فسد.. لقد جئت الي حقل التربية من خلفية لغوية تعلمت فيها معني ضبط اللسان وحسن الكلام وحسن الاصغاء ومعني النطق الصحيح وان النحو في الكلام كالملح في الطعام، ودائما كنا نردد مع علماء اللغة قول أهل البلاغة:. وما حسن الرجال لهم بحسن اذا لم يسعد الحسن البيان/ كفي بالمرء عيبا ان تراه/ له وجه وليس له لسان. ان الالفاظ تتحمل من المعاني الكثير والكثير لكن الفطن ينتقي من العبارات اجملها، ومن الالفاظ أروعها، ومن التعبيرات اجملها، لان المثل العامي يقول »اللفظ سعد« وما اروع قول المتنبي ناصحا: لاخيل عندك تهديها ولا مال/ فليسعد النطق ان لم يسعد الحال، ان البداية الحقيقية لاي علم وفكر ومعرفة تكون مع الانسان منذ الصغر »بواكير التعلم« ولن تكون بداية صحيحة الا مع الاهتمام باللسان ولغة التعليم متمثلة في النطق والكتابة بطريقة سليمة ورغم ان لغتنا العربية باتت تشكو من الاغتراب بين اهلها وسيطرة التعبيرات العامية واهمال الفصحي الا ان الامل باق وسيظل موجودا ما دامت الحياة، فما لا يدرك كله لايترك كله، وما يدعو للسرور هو ذلك المشروع التربوي الكبير الذي قامت به وزارة التربية والتعليم في الفترة الاخيرة متمثلا في »القرائية« بدءاً من القاعدة التي تضم مراحل التعليم الاولي، فهذا المشروع - بحق - لا يقل اهمية عن المشروعات القومية الكبري كالسد العالي وتعمير الصحراء ومترو الانفاق وغيرها، لان مشروع القرائية يهتم ببناء الثروة القومية الاغلي والاهم وهي العقول والبشر، فكما يقول الزعيم الراحل جمال عبدالناصر: ليس من الصعب بناء المصانع، ولكن بناء النفوس هو الصعب.