الزواج الثاني للأقباط كان حديث الفضائيات الأيام الماضية.. وظهر الإعلام كعادته إما متحيزا لموقف الكنيسة أو ضدها، وأخطأ كثير من المذيعين في تناول الملف وطرح الأزمة.. البعض تخيل أن مساندته للحكم القضائي »بالزام الكنيسة بإصدار تصاريح الزواج الثاني في حالة الطلاق« هو دعم وتأييد لموقف الدولة، وكأن الدولة هي التي رتبت لصدور الحكم وأصدرت تعليماتها للقضاة للنطق به!.. ما كان للإعلام أن يطرح الملف »أرضا« بهذه الطريقة المثيرة التي يناقش بها كل القضايا »إما أو«.. مع وضد، فحياة المواطن المصري وأزماته الشخصية لا يجوز »تبسيطها« لهذا الحد، فالزواج في المسيحية »سر« لا ينبغي إفشاؤه هذا هو الفقه القبطي للعلاقة التي يجب أن تستمر »فما وصله الرب لا يقطعه عبده«.. لا يستطيع أحد أن يتعرض بالتجريح للحكم القضائي، ولكنه وضع الأقباط في موقف لا يحسدون عليه حتي العلمانيين منهم يشعرون بالحرج رغم مناداتهم بإصلاحات كنسية كثيرة وانحيازهم لفكرة الدولة المدنية.. حرج الأقباط ينبع من أنهم الآن أمام المدفع إما رفض الحكم والتعامل مع الأمر كأن شيئا لم يكن، وهذا الموقف قد يفهم منه البعض أن هؤلاء الأقباط منحازون للكنيسة علي حساب الدولة بمؤسساتها الرسمية أو أنهم يتخذون الموقف الثاني ويقبلون الحكم، الأمر الذي يعني خروجا علي سلطة الكنيسة »فيخسر القبطي دينه«! الإعلام طرح القضية بهذا المنطق.. علي انه مواجهة بين الأقباط والدولة وعلي المواطن أن يختار بين انتمائه الديني، وبين انتمائه الوطني؟! لماذا يحاول البعض ان يجعل من الكنيسة دولة داخل الدولة عن عمد أو جهل؟ ولماذا التلسين واستخدام مفردات التخوين والتشكيك؟ تخفيف معاناة الأقباط في أمور الزواج والطلاق مسألة كنسية في المقام الأول، ودور الدولة اصدار قانون موحد للأحوال الشخصية الذي أصبح مسألة لا تحتمل التأجيل.