قبل أربع سنوات لم تكن لكلمة ألتراس وجود فى مصر ولم يدر بخلد أحد أن تتحول الكلمة سريعا إلى ظاهرة رياضية واجتماعية هامة وتصبح من أهم وأكثر المصطلحات التى تتناقلها الألسن ووسائل الإعلام المختلفة لاسيما الرياضية باعتبارها ظاهرة خلقت أشكالا جديدة للتشجيع فى ملاعب الكرة المصرية. لكن المؤكد أن مجموعات الألتراس ساهمت فى بداية عهدها فى خلق شكل جديد للرياضة المصرية، شكل أكثر جمالا ومتعة وبهجة عبر اللافتات التى زينت مدرجات الملاعب والأناشيد والأغانى التى لاتوقف طوال عمر المباراة أيا كانت النتيجة. منذ نشأت الألتراس فى عام 2007 على يد مجموعة من مشجعى النادى الأهلى، تكونت النواة الأولى لروابط الألتراس فى مصر، وبدأت تنتشر بين الأندية المصرية فى الأقاليم، وسريعاً تشكل ألتراس الزمالك، وألتراس الإسماعيلى وألتراس لكل من الاتحاد والمصرى والمحلة وفى أقل من عام كست ظاهرة الألتراس الرياضة المصرية ليس فى كرة القدم فقط باعتبارها اللعبة الأشهر ولكن فى كل الألعاب الرياضية خاصة الجماعية منها. لكن بمرور الوقت، صاحب انتشار روابط الألتراس فى الملاعب المصرية تفشى ظاهرة العنف والشغب فى الملاعب المصرية وأصبحت واسعة الانتشار،بشكل خاص المباريات الجماهيرية التى تجمع أقطاب الكرة المصرية، الأمر الذى استدعى مواجهات دامية مع قوات الأمن، وسريعا بدأت نهاية شهر العسل بين روابط الألتراس ووسائل الإعلام، التى بادرت بشن حملات مسلسلة ضد روابط المشجعين بعدما أصر جمهور الألتراس على إشعال حرب جماهيرية فى المدرجات من لافتات لم تترك صغيرة ولا كبيرة، إلا ولطختها عبر بوابات التخوين وسب الأعراض وأغانى تحمل اتهامات مسيئة،بل وتطور الأمر إلى حد جعلت روابط الألتراس ترتكب أعمالًا زادت من اشتعال نار التعصب الرياضى على وجه التحديد بين جمهور الأهلى والزمالك والأهلى والإسماعيلى، واشتعلت حرب المدرجات بين الجماهير مع كل مباراة ليس فى كرة القدم فقط ولكن فى كل الألعاب، وتحول الأمر إلى حرب مستعرة قبل وعقب كل مباراة، وتعد حادثة حرق مشجع زملكاوى عقب مباراة لكرة السلة بين الأهلى والزمالك قبل بضعة سنوات البداية حقيقية لما يشبه حرب الشوارع بين الطرفين، حيث قام ألتراس الزمالك فيها بتحطيم بوابات مقر النادى الأهلى واقتحامه بالقوة وتعدوا على بعض الأعضاء. كما تكررت المواجهات بين روابط الألتراس أكثر من مرة فى مخالفة واضحة لتعليمات الأمن بمنع استخدام الشماريخ وحمل اللافتات المسيئة ومنع السباب والشتائم حتى بدأت المواجهات بين قوات الأمن من جهة وروابط الألتراس من جهة آخرى وأصبح العداء مستحكما بين الطرفين. الدكتور أحمد زايد استاذ علم الإجتماع السياسي بجامعة القاهرة أكد أن تحويل أعمال الشغب التى تشهدها مصر حاليا إلى شغب سياسيى هى حالة ترتبط بأحداث الثورة المصرية، موضحاً أنه فى وقت الثورات تتوارى مسائل عدة أومشكلات بسيطة قد ينشغل الناس بها فى الأوقات العادية إلا السياسة، حيث يتم تسيس كل المسائل حتى الصراعات البسيطة يتم تسيسها. وأكد زايد أن الصراع بين أجهزة الأمن وبين الروابط الرياضية قديم وله جذور تاريخية، وشغب الملاعب ليست ظاهرة مصرية فحسب، بل هى ظاهرة عالمية، وقد يكون العنف فى الملاعب المصرية أقل، ولكن الشرطة فى مصر الآن فى وضع لا تحسد عليه وهذا ما جعل أطراف الصراع الأخرى بما فيها الألتراس تستقوى على الشرطة، ودعا إلى عدم تضخيم الأمور وتلوينها بألوان سياسية، مضيفاً أن شغب الملاعب موجود فى العالم كله وبصور أكثر مما هو موجود بكثير فى مصر وطالب بعدم تحويل الشغب نفسه إلى شغب سياسى له مبرراته فالشغب هو الشغب وهو مرفوض بكل الأشكال سواء فى مجال الرياضة أو أى مجال آخر. ورأى أن توسيع قاعدة الصراع مع الشرطة الآن ليس فى مصلحة أحد خاصة وأن الشرطة تبذل جهودا حثيثة لردم الهوة بينها وبين الشعب، والمطلوب من المجتمع أن يساعد الشرطة فى مساعيها للتقارب مع أطياف المجتمع وليس تعميق الخلاف. وأشار زايد إلى أن ما حدث فى حق الشرطة عقبر المباراة من قبل الألتراس هو استقواء على الشرطة خاصة أنها تعانى من ضعف مادى ومعنوى، والصراع كان فى الماضى عميقا بين الأمن وروابط الأندية. والألتراس الآن يريد أن يستغل ضعف الشرطة ليتشفى فيها من ناحية وإظهار قوته من ناحية آخرى من خلال عملية انتقام واسعة. ودعا زايد المجتمع إلى التحلى بالمسئولية الإجتماعية للنهوض بمصر، وهذا يستدعى مشاركة مجتمعية وسلوكيات قويمة تهدف إلى رفعة شأن المجتمع وإعلاء القيم العليا التى تخدم المجتمعٍ ولن يتحقق ذلك مادام هناك أشخاص لايتحلون بالمسئولية ويسعون دائما إلى تفجير الصراعات، وذكر زايد الألتراس والروابط الرياضية بأن الرابطة ليست مهمتها اشعال الفتنة وتفجير الشغب من وقت لآخر، وأن ساحات الملاعب ليست ساحات سياسية والروابط الرياضية مهمتها أن تقدم الرياضة فى ثوب فاضل ينمى الروح الرياضية والأخلاق الحميدة وليس الشغب العنف وتأجيج نار التعصب. وأضاف زايد بأن الخطوة الأولى لحل أزمة الثقة المفقودة بين الطرفين تبدأ بحتمية تغيير الصورة السلبية التى كونها كل طرف عن الآخر فى الماضى، وفتح صفحة جديدة لعهد جديد نحتاج فيه إلى التعاون وليس الصراع والعنف وأن نضع المستقبل أمام أعيننا.