تأتي علينا كل عام ذكري تحويل القبلة من المسجد الاقصى للكعبة المشرفة لتذكرنا برسالة الإسلام الحقيقية وهي جمع الانسانية علي كلمة سواء لتحقيق مصالح البشرية كما أن هذه الذكري الغالية توضح مدي استجابة أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم له في كل تحركاتهم وسكناتهم فلم يتردد أحد منهم أو يشكك في أمر التحويل ومن ثم كانت فرصة عظيمة ضرب فيها المسلمون أروع الامثلة في الطاعة والانصياع لأمر الله فما كان من الله إلا أن جعل هذه الأمة في مرتبة أعلى من جميع الأمم وصارت شاهدة عليهم وحول مغزى تحويل القبلة والدروس المستفادة منها كان هذا التحقيق في البداية يوضح الدكتور السعيد محمد علي من علماء وزارة الأوقاف أن شهر شعبان من الأشهر المعظمة التي أولاها رسول الله اهتماما خاصاً حيث جعله مقدمة لرمضان فأكثر فيه من الصيام تمهيداً لصيام الفريضة في رمضان وعلي ذلك فهو أشبه ما يكون بالسنة القبلية لفريضة الصيام، وفي هذا الشهر الكريم أكرم الله الأمة الاسلامية بقبلة مميزة لاهي شرقية ولاهي غربية حتى لا تكون الأمة عالة علي اليهود أو النصرانية، وبهذا ميز هذه الأمة بقبلته التي ارتضاها تلبية لمطلب حبيبه صلي الله عليه وسلم الذي لم يفصح عنه حيث قال تعالي" قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها" ومن ثم كانت هذه الأمة هي الأمة الوسط، الأمة العادلة القائمة علي أمر الله السائرة علي هدي رسول الله الشاهدة علي الأمم من لدن أمة سيدنا آدم حتى أمة سيدنا عيسي عليهما السلام لقوله تعالي "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً" كما أن هذا الحدث وقع في منتصف شهر شعبان بعد أن قضي رسول الله صلي الله عليه وسلم نحو 16 أو 17 شهراً متوجها إلي المسجد الاقصى متمنيا قبلة أبيه ابراهيم. ولما كان الأمر ضرب الصحابة رضوان الله عليهم أروع المثل في الطاعة المطلقة لله ورسوله فما أن سمع قوم كانوا يصلون صلاة العصر من قال لهم أشهد أنني صليت مع رسول الله إلي الكعبة فاستداروا في صلاتهم نحو الكعبة المشرفة وهذا يذكر الأمة باليوم الذي حرم الله فيه الخمر وعلي المسلمين وخاطبهم بقوله تعالي" يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" حتى أخرجوا الخمور من بيوتهم وأوانيهم وأفرغوها في شوارع المدينة حتى أنه ليخيل ان السماء قد أمطرت وهي لم تمطر ويقول الشيخ عبدالفتاح فرج دشيش مدير عام المساجد بالأوقاف قائلا:يجب علي المسلم أن يكون له تحول ظاهر في هذه الأيام بمنهج الله وهدي رسوله صلي الله عليه وسلم ليرتقي في مدارج السالكين إلي الله في هذا الشهر كان البني صلي الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء ويرجو من الله عز وجل أن يحول قبلته وقبلة المسلمين إلي البيت الحرام وحدث هذا في العام الثاني من الهجرة في شهر شعبان واستجاب الله لنبيه وكانت الاستجابة فورية من رسول الله والفئة المؤمنة لأمر الله والتفاعل التام مع القرآن ووحي السماء إذ تحول المسملون وهم في صلاتهم إلي البيت الحرام دون شك أو ارتياب أو تردد وهكذا يكون حال الأمة تتفاعل دائما مع منهج ربها وتولي وجهها حيث أراد الله لها. فقد حاز المسلمون شرف القبلتين واستقلت الأمة بحادث القبلة في قبلتها وشريعتها ومنهج ربها وهو ما ينبغي ان تظل عليه فلا تدور في فلك غيرها ولا تتبع أي جهة أو شريعة غير شريعة الله لها وأن تكون يقظة دائما لمخططات الأعداء لها أو المتآمر من عليها في الداخل والخارج. ويشير الشيخ فكري حسن اسماعيل عضو مجمع البحوث الإسلامية السابق أن تحويل القبلة فيه من الأسرار والحكم مانحتاج إليه الأن فبعد فرض الصلاة صلي رسول الله صلي الله عليه وسلم في مكة إلي بيت الله الحرام وبيت المقدس ولذلك كان يختار موقعا في الكعبة يجمع فيه بين الكعبة وبيت المقدس والتاريخ يوضح أن النبي صلي الله عليه وسلم صلي بالأنبياء في بيت المقدس ليلة الاسراء والمعراج فكانت الصلاة بمثابة جمع كلمة الرسل والانبياء ثم لما هاجر النبي إلي المدينة أمر بأن يتوجه إلي بيت المقدس فصلي والمسلمون معه الي بيت المقدس ولكن رسول الله كان يتمني من قلبه أن يكون بيت الله الحرام هو قبلة المسلمين إلي يوم القيامة وشاءت إرادة الله أن يستجيب دعاء نبيه فحولت القبلة إلي بيت الله الحرام ولقد ذكرت كتب الحديث أن تحويل القبلة كان في اليوم الخامس عشر من شعبان في السنة الثانية من الهجرة يوم الثلاثاء، وفي هذا اليوم منح الله الأمة الاسلامية منحا كانت تعطي للأنبياء قال تعالي "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس" فحدد الله في شعبان منهج الأمة الاسلامية الذي يعتمد علي الوسطية وينبذ التطرف والتعصب ويطالب فكري المسلمين بالاستفادة من تحويل القبلة ومن بيت المقدس إلي الكعبة والتي جاء عنها الحديث في التوراة من أن النبي يصلي فترة من الزمن الي بيت المقدس ثم تكون النهاية إلي قبلة المسلمين حيث البيت الحرام الذي كان أول بيت لله وضع في الارض لقوله تعالي "ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم". والمقصود بكلمة للناس هم اليهود حيث جاء ذكر التحويل عندهم فلو لم يتم التحويل لقالت اليهود أن محمد اً ليس هو خاتم الانبياء وأعلنوا ذلك جهاراً ولذلك عندما تحولت القبلة ونزلت آيات التحويل لم يستطع اي انسان أن يكذب ما جاء به القرآن، فضلا عن أن أهم الدروس التي يجب علي المسلمين معرفتها أن رسالات السماء السابقة تحدثت عن خاتم الانبياء والمرسلين بل إن بعضها وصف رسول الله بصفات جاءت في القرآن فعلي المسلمين أن تكون كلمتهم واحدة وقلوبهم خالصة لله تعالي لأن التحويل جاء في منهج أمة الاسلام لتكون أمة وسطية باعتبار أن الاسلام هو الدين الوحيد الذي لا يدعو إلي التفريط أو التشدد. رابط دائم :