كرم الله عز وجل الرسول الخاتم بأنه صاحب القبلتين كما جاء في التوراة والانجيل ويعرفه أهل الكتاب بأوصافه كما يعرفون أبناءهم بل أكثر من هذا.. لقد ذكرت التوراة والإنجيل أن النبي الخاتم صلي الله عليه وسلم سوف يتجه في صلاته إلي صخرة بيت المقدس في أول ظهور الإسلام تلبية وطاعة لأمر الله تعالي ثم يتجه إلي قبلة سيدنا إبراهيم خليل الرحمن وأبي الأنبياء الكعبة في البيت الحرام تلبية لأمر الله وطاعته. كان اليهود والنصاري يعرفون أن رسالة الرسول الخاتم هي الحق من ربهم.. سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه (كعبا) أحد أحبار اليهود عن النبي: أكنتم تعرفونه يا كعب فقال: أعرفه كمعرفتي لابني بل معرفة أشد فسأله: لماذا؟ قال كعب: لأن ابني أخاف أن تكون امرأتي قد خانتني فيه إنما محمد فأوصافه مذكورة في التوراة بدقة بحيث لا نخطئه. ولكنهم كانوا يجادلون ويشككون!! في البداية فرح اليهود عندما وجدوا أن محمدا يتجه في صلاته إلي بيت المقدس ويتخذ قبلتهم ولكن هذه الفرحة لم تدم كثيرا فقد حدث شيء ايماني هام في منتصف شهر شعبان هو تحويل القبلة من بيت المقدس إلي الكعبة بالبيت الحرام فأحدثت هزة عنيفة في النفوس إلا الذين هداهم الله فاستغلها المشككون من أهل الكتاب الذين حرفوا التوراة والانجيل فبعد حوالي 61 أو 71 شهرا من صلاة النبي والمسلمين نحو بيت المقدس كان النبي خلالها في مكة يصلي في الكعبة بين الركنين في اتجاه بيت المقدس فتكون الكعبة والصخرة بين يديه إلا أنه بعد الهجرة إلي المدينةالمنورة كان يهفو قلبه إلي البيت الحرام إلي قبلة جده ابراهيم عليه السلام الذي دعا له أن يأتي لهذه الأمة ليعلمهم الكتاب والحكمة واستجاب الله لدعاء ابراهيم عليه السلام برسالة النبي الخاتم من جوار بيت الله الحرام الذي بناه ابراهيم واسماعيل ليكون كعبة للمسلمين. كان الرسول الخاتم كثير الدعاء والابتهال والتضرع والتوسل بنظراته إلي السماء بعد كل صلاة ليستجيب الله لدعائه ونظراته بتحويل القبلة إلي كعبة البيت العتيق ولم يستمر تطلعه إلي السماء طويلا فقد نزل الوحي عليه بآية تحويل القبلة في يوم الثلاثاء من منتصف شهر شعبان وهو في مسجد بني سلمة »مسجد القبلتين« بين الصلاتين الظهر والعصر بعد أن أدي ركعتين من صلاة الظهر.. قال تعالي »قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتو الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون«.. »البقرة 04« استجاب الله لحبيبه وعبده الشكور ورسوله الخاتم وصلي النبي صلاة العصر كأول صلاة في اتجاه الكعبة بالبيت الحرام وخرج أحد الصحابة وذهب إلي مسجد في المدينةفوجدهم يصلون نحو بيت المقدس فقال لهم وهم راكعون: أشهد بالله لقد صليت مع النبي قبل مكة فأداروا وجوههم نحو البيت الحرام.. وفي صلاة الفجر أبلغ أحد الصحابة أهل قباء أول مسجد أسس علي التقوي من أول يوم ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآنا وقد أمر أن نستقبل الكعبة فاستقبلوها.