إحساسي بالحياة بات معدوما حيث بت أشعر بأني أعيش علي الدنيا وكأني ضيفة عليها أنتظر ساعتي التي أرحل فيها.. مضت بي السنون طويلة.. قاسية.. تجرعت فيها آلاما وشقاء وتحملت فيها مسئولية وحملا ثقيلا فوق طاقتي.. . ولكني لم أكل أو أتراجع عن مسئوليتي منذ أن توفي زوجي ورحل عن الدنيا بشكل مفاجئ ليترك لي كوم لحم علي أن أجري علي عيشهم ونفقة حياتهم أنا التي لم أتعلم أو أخرج إلي العمل في يوم من الأيام ولا أمتهن أي مهنة يمكن أن تعينني علي أمور حياتي. ولكنها الأقدار التي شاءت لي هذا الشقاء وأقدرتني عليه فقد خرجت للعمل فيما أفهم العمل في المنازل كخادمة أبذل العرق والجهد للحصول علي لقمة العيش لي ولأولادي. لم يكن الأمر هينا ولكني استطعت التحمل ومواصلة المشوار وتلبية احتياجات الحياة الضرورية للأولاد ولكن ما لم أستطع عليه هو علاج ابني الأكبر الذي شاءت إرادة الله أن يأتي إلي الدنيا بإمكانات عقلية محدودة.. كان من الممكن أن يمر بمراحل علاجية مختلفةحتي يخرج بعدها إلي الحياة متوازنا عقليا ويستطيع معايشة حياته بشكل طبيعي ولكن من أين لي نفقات العلاج الباهظة التكاليف؟! ومضت حياتي علي وتيرتها من بيت لبيت ومن شقاء إلي شقاء.. أبيت ليلي خامدة منهكة يملأ فراشي الإجهاد والتعب ولكن تستقر عيني قريرة ويسكن قلبي اليقين بأن الله سبحانه وتعالي سوف يعينني في اليوم التالي علي مواصلة المشوار..! عشر سنوات مضت بي منذ أن مات زوجي استطعت فيها العمل بما يفوق قدراتي ولكن الله أعانني وها أنا اليوم أري ولدي وابنتي شبابا وكأنهم زهور قد تفتحت للدنيا وبعد أن ظننت أن ثقل الحمل الذي أعيش به منذ أكثر من عقد من الزمان سوف يخف عني ولكن الأثقال زادت أكثر فعندي بنتان علي أن أجهزهما بالمقتضيات التي تحتاجها كل بنت قبل زواجها ومن أين لي هذا وأنا طوال حياتي كنت ألهث قدر طاقتي للحصول علي لقمة العيش بالكاد ولم أستطع توفير مال أعين به ابنتي علي الزواج.. وها أنا اليوم أعيش وبداخلي هاجس مرعب يلازمني ليل نهار أن يتجاوز قطار الزواج البنتين وتفرض الحياة عليهما العنوسة لفقرهما وعجزي عن تجهيزهما..!! كما أن المرارة التي سكنت قلبي سنوات طويلة علي ابني الأكبر كانت تزداد وتتكشف بداخلي حتي تكاد تخنقني فحالته كما هي وكأن الزمن قد توقف به عند سن الطفولة الأولي ورغم تقدم عمره إلي مرحلة الشباب النضر اليافع إلا أن عقله متوقف عند مرحلة الطفولة العقلية.. ولست أدري ماذا أفعل له.. أتعذب له وأتعذب عليه وأخشي أن أرحل عن الدنيا وأتركه وحيدا بها بظروفه هذه ولكن ماذا أفعل.. هي حكمة الله والله عز وجل قادر علي حمايته ورعايته..!! أنا اليوم أقف علي حافة النهاية من عمري ومازالت مركب حياتي وحياة أولادي تتخطفها الأمواج وتهددها بالانقلاب ودمار حياتي كلها...! كل ما أتمناه وأنا في مرحلة خريف العمر هذه أن تكتحل عيناي برؤية ابنتي وهما في بيت الزوجية في عصمة رجلين يتحملان مسئوليتهما عني أما الولدان فلهما الله سبحانه وتعالي يعينهما علي الحياة وقد أوصيت ابني الأصغر أن لا يترك أخاه وحيدا في الدنيا بلا رعاية لو شاءت إرادة الله سبحانه وتعالي أن أرحل عنهما وأنا أبعث برسالتي هذه ليست شكوي مما أنا فيه ولكن أملا في أن يكون هناك واحد من أصحاب القلوب الرحيمة يرفق بحالي ويعينني علي زواج ابنتي وجهازهما والاطمئنان عليهما في بيتيهما قبل أن أموت..!! ت.م.ح إمبابة ترفقي بحالك يا سيدتي وثقتي بأن الله سبحانه وتعالي لن يتركك وحيدة تعايشين كفاحك دون أن يسبغ عليك من رحمته وقدرته كي تستطيعي إكمال رسالتك نحو أولادك ولابد أن تكوني علي يقين بأن مركب حياتك سوف تجري مستقرة بطريقها وستقوي علي أي أمواج أو أهواء قد تعصف بها وعليك بدعاء سيدنا نوح للخالق عز وجل كما قال المولي في محكم آياته بسورة الشعراء قال ربي إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون صدق الله العظيم. كما أنك لابد وأن تكوني علي يقين بأن يسخر الله لك من عباده من يمتلك قلبا رحيما يساعدك علي تجهيزه إبنتيك وسوف تقري عينا بأولادك وتتركيهم في الدنيا بأحسن حال إن شاء الله. خ. ح. أ رابط دائم :