الحكمة ضالة المؤمن.. أني وجدها فهو أحق الناس بها كلمات لاتفارقني ودائما ما استحضرها باحثا عن الاتقان واحترام سبق الاخرين...ثم ارسل العنان لذهني مفكرا بأن طلب الرسول للمؤمنين يدفعهم إلي البحث عن الحكمة وتحري الحقيقة وتلمس أفكار الناس وتجاربهم ومتابعة نشاطهم الجاد المثمر...ثم بدون خجل أو استحياء ينقلون ويستفيدون ويقلدون ويطورون مايرونه مناسبا...إذن كونك عابدا لايعني بالضرورة أنك صاحب الحكمة والحق وكونك عابدا مخلصا لايتيح لك النجاح في تجارب الدنيا دون بذل الجهد والوقت وإعمال الذهن مثل الآخرين.. فهي رسالة قصيرة من قائدك ومعلمك رسول البشرية..بأن الحق والحقيقة والحكمة والصواب لايحتكره إنسان ولو كان مؤمنا ولايستأثر به فصيل ولو كان مخلصا إلي ربه سائرا....وهو طلب بالانفتاح علي حصيلة تجارب البشر وتقييمها والتفاعل معها...والنظر إلي المحتوي والمضمون دون الشكل والعنوان... وتجاوز اللون والعرق والدين وصراعات السياسة إلي مشتركات إنسانية ومجتمعية تخفف آلام البشر وتؤسس لسعادتهم.. هكذا فهمت حديث رسول الله...وفي هذا السياق ونفس المعني حديث اطلبوا العلم ولو في الصين حيث أن بعد المسافة ومغايرة الطباع والثقافات لاتمنع المسلم من ادراك العلم والسعي إليه...وماذا تملك الصين وقتها...هل لديها رسالة أو وحي...بالطبع لا..ولكن لديها تجربة بشرية وحصيلة قرون وتفاعل مع تحديات الدنيا المتشابهة فلم لاتتعرف علي تجاربهم وثقافتهم وعلمهم...ولأن الايمان يعطي صاحبه شعورا بأنه الأقرب إلي الله وأنه الأعلم بحقائق الدين وأنه صاحب الرؤية السديدة عن الدنيا والآخرة...فقد يغالي البعض ويتطرف في مشاعره ويظن أن مالديه من وحي سليم وإيمان خالص وطمأنينة قلبية كافية للنجاح في الدنيا والتصدي لتحدياتها ومشاكلها...والزهد أو الترفع عن الاستعانة أو الانفتاح علي مجتمعات وشعوب وفصائل لا تشاركنا الوحي والكتاب والايمان... هكذا فهمت كلمةالصين في حديث رسول الله أبعد ماتكون مسافة وخلافا في الثقافة والرؤية وكل ذلك لايمنع التفاعل والتقارب...وعندما يحرر الرسول أتباعه...ويحرر العقول من أسر وقيود متوهمة يضعها الإنسان لنفسه وهو ينتظر كل شيء أن يأتيه..بخيلا في تفكيره وسعيه..فيحمل المؤمنين مسئولية دنياهم أنتم أعلم بشئون دنياكم إذن...الوحي والدين وكلام الرسل...يرسمون الطريق ويضعون العلامات ويحددون الإطار...ثم تنطلق الأفكار والأعمال والجهود إلي دنيا الواقع فتصيب نجاحا أوتفشل في تحقيقه..انه جهد البشر ومسئوليتهم.... والعاجز من ينتظر.. ساكنا لايتحرك... خاملا لايتفاعل....يسبقه غيره بتجاربه ويقود الدنيا بعلمه وكده ثم نمد أيدينا إليه لنتسول من علمه وبكلمات مترددة خجولة نحدثه عن ايمان وكتاب...والواقع والضعف والتخلف يمنعه من رؤية مالدينا من حق وعدالة ومشروع حضاري يحمل في طياته الخير للبشرية...فهلا فهمنا ثم انطلقنا لنعمل... رابط دائم :