توقف عباس الوجه علي مقربة من المتسامرين المستمتعين بنور القمر بجلبابه الأسود بدأ الضيق يغلي في رأسه. حاول أن يسمع ما يدور بينهم لعله يعثر علي عبارة يهجو قائلها احدا ما في القرية فيسرع بإعادة كلماتها من جديد ويشحنها بفتنة حتي تصير قنبلة تهلك القرية, يشتد غيظه عندما يفشل في العثور علي شيء بينما يضحك المتسامرون من نكات بعضهم وحكاياتهم يتأملون أغصان الزيتون حين يداعبها القمر يعود إلي داره المسقوف بفروع أشجار السنط وأشواك العاقول يفكر في تدبير قنبلة الفتنة ليطرد الضيق من رأسه تدنو منه زوجته قائلة: ثقلتك القرية الملعونة بالهموم آه لو شب حريق واستحالها إلي رماد. يخترق ضجيج أهل القرية أذنيه يمزقه غناء الصبية والصبايا لتطلق بنات الحور القمر من القيد الملفوف حوله ينتهز فرصة كسوف القمر وهيمنة الظلام علي القرية يقتحم أحد ديار القرية يهمس إلي صاحب الدار بكلام يزيح الرماد عن جمر الذكريات المفعمة بكره العائلة الأخري فتفجر نار الفتنة براكين الغضب في صدر الرجل يذهب إلي رجل من العائلة الأخري ويشعل نار الغيظ في كيانه يقف علي مقربة من ديار العائلتين يشم روائح التأهب بين العائلتين يعود إلي داره متنفسا الصعداء. تصل الشمس إلي قبة السماء تلقي بلهيب أشعتها علي الوجوه فتميل إلي السواد وتحرق الرءوس فيؤلم الضيق الناس تنفجر المعركة بين العائلتين يحتل صدام الشوم مساحة كبيرة في صراخ النسوة المسيطر علي القرية يهرع الرجال من الديار والحقول يفصلون بين العائلتين يثير الرجل المقتول من إحدي العائلتين نار الثأر بين العائلتين تلتهم الرجال من العائلتين تخفي الأحزان أفراح القرية تكتظ الديار الخربة بالغربان تموت الحيوانات والطيور جوعا وعطشا تعتلي أصداء نعيق الغربان مكانا فوق كل الأصوات في القرية يبكي الأطفال علي رحيل أبائهم ويمرضون تحت قسوة وحش الجوع. وينام مغتبطا حاضنا زوجته السعيدة بما حققه زوجها.. يعزم علي صنع السواطير من حديد يشتريه من لصوص يسرقونه في الظلام يبيعها للرجال من العائلتين في ظلمات تخفي أسراره. يقبل الرجل ذو الجلبات الأبيض والوجه المشرق تقبل أشعة شروق الشمس وجهه الناصع فتكشف عن علامة مضيئة في وجهه من أثر السجود يدفعه الحزن علي ما أصاب العائلتين من خراب بعد أن رأي في نومه رؤيا مخيفة تغوص قدماه في دم مختلط بالطين يسعي الرجل ذو الجلباب الأبيض للصلح بين العائلتين ابتغاء مرضاة الله تعالي. يخرج من داره غاضبا عازما علي سفك دم الرجل صاحب الجلباب الأبيض فجأة يجد نفسه بين أنياب كلب رمادي اللون غريب عن كلاب القرية يسقط علي الأرض مستغيثا يلتهم الكلب لسانه ويختفي.. يلملم جلبابه الممزق المطلخ بالدماء تصرخ زوجته حين يفتح عينيه الحمراوتين يستشري السعار في جميع أعضاء جسمه ينقض علي زوجته غارسا أسنانه في جسمها وعندما تموت يهجم علي بقايا جسمه يمزق البقايا بأسنانه يهوي علي الأرض غارقا في دمائه بينما يعقد الرجل ذو الجلباب الأبيض مؤتمر الصلح بين العائلتين. رابط دائم :