تتزامن هذه الأيام الذكري الثانية والأربعون لوفاة واحد من أهم مؤلفي موسيقي الأفلام وهو المبدع اندريا رايدر صاحب التراث الموسيقي الغزير والمميز . وقد ولد اندريا اناغنستوس المعروف ب أندريا رايدر في العاشر من أغسطس عام1908 باليونان وعاش معظم حياته في مصر وقدم خلال مشواره الفني مجموعة كبيرة جدا من الأعمال الموسيقية وخاصة في مجال موسيقي الأفلام حيث تميزت إبداعاته التي تزيد علي ستين فيلما من أروع أفلام السينما المصرية ومنها دعاء الكروان, غروب وشروق, النظارة السوداء, اللص والكلاب, ونهر الحب وغيرها الكثير ولذا تم اختياره كأحسن مؤلف موسيقي للأفلام في تاريخ السينما في مئوية السينما المصرية; هذا بالإضافة لعدد ستة أفلام يونانية كتب لها الموسيقي منها رياح الغضب, وطريق الأقدار, كما قام بتوزيع مجموعة كبيرة من الأغنيات لكبار المطربين علي رأسهم سيدة الغناء العربي أم كلثوم وموسيقار الأجيال عبد الوهاب والعندليب عبد الحليم حافظ وغيرهم, وقد أشهر رايدر إسلامه وقام بتلحين أغنية دينية هي هايم في حب الله التي غناها المطرب الشيخ محمد الطناني, وأيضا قام بتلحين بعض الأغنيات الفرانكو اراب منها عد بي إلي القاهرة وقبل وفاته بعام واحد أي في غضون عام1970 حصل علي الجنسية المصرية وتم اعتماده كملحن من لجنة الإذاعة المصرية. فدائما ما كانت موسيقاه وخاصة التي كتبها للأفلام علي مستوي عال من الوعي والفهم وداعمة للحالة الدرامية كما تتسم بالبساطة والسلاسة والبعد عن التعقيد فضلا عن التلقائية التي تضفي بعدا جماليا علي تلك الألحان مما جعل كثيرا من أعماله محببة لدي الجمهور واستطاع أن يصل بموسيقاه إلي العامة; وذلك من خلال استخدامه للآلات ولقواعد التأليف الغربي الكلاسيكي داخل تأثير البيئة الشرقية التي عاش فيها فترة طويلة من الزمن.. مما جعل منها حالة فريدة تربط بين الغرب والشرق في جديلة متناغمة حيث استطاع أن يصل للمستمع العربي رغم ما تحمله أعماله من إطار أو شكل غربي إلا أنها مغلفة بالمقامات الشرقية التي تعطي موسيقاه مذاقا موسيقيا مميزا.. فهو موسيقي بارع ومتمكن من تقنيات التأليف( الهارموني والكنترابينط) وعلي علم ودراية واسعة بعلم الآلات الموسيقية التي جعلت من استخداماته للآلات طابعا خاصا حيث وظف كل آلة من آلات الأوركسترا التوظيف المثالي للتعبير عن المشاهد الدرامية علي الشاشة وخاصة في تناول آلات النفخ وتناوب الألحان فيما بينها وبين الآلات الوترية فكان استخدامه للتوزيع الأوركسترالي بفاعلية مؤثرة تصل إلي حد الإبهار مما كان له أثر كبير علي المشاهدين في تلقيهم وتذوقهم لموسيقي الأفلام والتي حقق من خلالها شهرة واسعة النطاق. وقد شارك رايدر بمؤلفاته الموسيقية في مجموعة من المهرجانات العالمية منها مهرجان برشلونة عام1969 ومهرجان طوكيو1970 ومهرجان أثينا1970-1971.. كما حصل علي وسام الاستحقاق في الفنون من الرئيس جمال عبد الناصر.. وأثناء إحدي جولاته الفنية بالأرجنتين قتل أندريا رايدر في مشاجرة في الخامس من مارس عام1971 وبهذه الخسارة فقدنا واحدا من أهم مبدعي موسيقي الأفلام في السينما المصرية تاركا لنا ميراثه الفني الضخم الذي أمتع جمهوره ولا يزال. رابط دائم :