عمارات السقوط السريع مقابر للتمليك والإيجار.. الإسكندرية.. من نسخة أوروبية إلي آلاف الكوارث المحتملة لن تكون عمارة الإسكندرية التي أزهقت الأرواح آخر مأساة من هذا النوع, ليس لأن المباني قديمة وتحتاج الي ترميم, وانما لأن مئات, بل آلاف المباني أقيمت عشوائيا, وعلي عجل قبل وبعد25 يناير2011, في ظل الفوضي الأمنية, وغياب الرقابة, وبالإضافة الي التعدي الصارخ علي الأرض الزراعية أو الطريق العام, قبل و بعد أملاك الدولة, فقد أقيم الكثير من هذه المباني مخالفا للقانون, وأضيفت أدوار الي ما هو مصرح به, اذا كان هناك تصريح أصلا. ولما استعادت الجهات الرقابية والتنفيذية عافيتها, اكتفت بإصدار قرارات إزالة, ولكن جهاز الشرطة أجل تنفيذ الكثير من هذه القرارات, لأسباب أمنية, وظل الحال كما هو عليه, وفرح البعض بالبقاء والإقامة في منازل يحوم فوقها الموت, وتنتظر هزة ضعيفة لكي تنهار وتصبح قبورا. في هذا الملف جانب من بانوراما الموت, الذي ينتظر الكثيرين والسبب واحد.. البناء المخالف. بات المقاولونبباالإسكندرية يبنون العقارات بانفسهم غير خائفين من القانون او من السلطة التنفيذية لايهمهم الضغط علي المرافق العامة او تكدس المدارس والمواصلات وبالطبع لايهتمون بكل تلك الارواح التي تموت تحت عماراتهم المحكوم عليها بالانهيار, فقد شهدت الاسكندرية عددا كبيرا من سقوط المباني بعضها جديد وبعضها قديم وهذه وتلك تسقط بفعل الغش التجاري والسرعة في الانشاء وفي ظل الأداء المتردي للمحليات بمحافظة الأسكندرية, و الفشل الواضح في مواجهة الكارثة العقارية التي تواجهها المحافظة, المتمثلة في14800 عقار مخالف, فضلا عن عدد من العقارات الآيلة للسقوط و التي تمثل خطورة داهمة, يستمر عجز القيادات المحلية و تستمر حوادث انهيار العقارات و يستمر قتل المصريين. يقول المهندس شريف بغدادي القيادي بحزب المصريين الاحرار: انه لم يعلن حتي الآن أي خطة لمواجهة المخالفات. مع استمرار الازالة الصورية دون تنفيذ علي أي عقار اللهم إلا علي مطعم خشبي علي الكورنيش تم ازالته. وايضا أستمرار الاستسلام للثغرات القانونية و استغلال عديمي الضمير لها لتنفيذ أعمال الهدم دون رخص ثم استخراج شهادات الصلاحية بعلم و مباركة قيادات المحليات. مع عدم حماية المباني ذات الطابع المعماري المميز و السماح بهدمها واحلالها بمبان مشوهة. واضاف بغدادي انه حتي لا يتم تبرير ما يحدث بأنه ميراث الفترات السابقة كعادة القائمين بالمسئولية هذه الأيام. فاننا نطالبهم بالآتي: اولا تفعيل حملات الازالة و المتابعة الميدانية لما يحدث لتفادي صوريتها. ثانيا اجبار مهندسي الادارات الهندسية علي الوجود الفعلي في الشارع السكندري لمواجهة مخالفات الارتفاعات قبل اتمامها بدلا من التغاضي عنها و تسهيل مهمة الفاسدين.. واخيرا استصدار لوائح منظمة و اتخاذ قرارات رادعة لتفادي حدوث أنهيارات جديدة بالمحافظة أسوة بما كان يتخذه محافظو النظام البائد من اجراءات.. فما بالنا بما يجب علينا تنفيذه للحفاظ علي أروح السكندريين. اما الدكتور هشام سعودي عميد كلية الفنون الجميلة بالاسكندرية فيقول: لابد من الاصلاح والتطوير للقائمين علي التنفيذ ليكون ذلك احد اغراضهم مشيرا الي ان ارادة التنفيذ تبني علي الدراسات العملية التي تسبق عملية التنفيذ التي يشارك فيها المتخصصون والمجتمع وكل المهتمين لكي يضعوا الخطط والبرامج والدراسات العملية لاي مشكلة واذا لم يتم ذلك فنحن نتعامل مع الامر بمفهوم ردود الافعال. واضاف سعودي ان هناك غفلة عن القانون فكافة المنشآت التي انشئت في السنتين الماضيتين والتي اقيمت سواء في اماكن غير مخططة وخارج حدود الحيز العمراني وبدون ترخيص او تعليات علي مبان قائمة بدون ترخيص ايضا ودراسات انشائية لجميع المباني المخالفة في اي من هذه المواقع اصبحت كوارث للمواطنين القاطنين بها وستصبح الدولة شريكا ومسئولة عن هذا المواطن وعليه يجب ان تؤول كل هذه المباني المخالفة للدولة باصدار تشريع في هذا الشأن لتتم دراسته بلجان متخصصة تقرر الهدم الجزئي او الكلي وتلزم القائمين علي انشائها باتخاذ اجراءات التراخيص الواردة بشأنها وعن موضوع الكحول المنتشر في الاسكندرية فيشير الدكتور سعودي الي ان المشتري لابد ان يفصح عن الكحول او وكيله او المالك الاصلي حتي تتم ادانة القائم بالاعمال الحقيقي اما تامر صلاح وكيل مؤسسي حزب الكل تحت التأسيس فيقول لايمكن ان نلوم السكان والمقاولين وحدهم لان غياب القانون او فساد بعض رجاله اوجشع بعض التنفيذيين كلها عوامل رئيسية في فوضي البناء في الاسكندرية وايضا غياب كود البناء المصري الذي وضعته نقابة المهندسين قبل تجميدها في التسعينيات والذي كان عاملا حاسما عند انشاء المباني, واضاف ان اكثر الاحياء القديمة عرضة للانهيار هي منطقة الحي التركي بالانفوشي والتي يصل طول بعض العمارات بها الي26 دور دون اساسات مناسبة ووفقا لتقارير سابقة من لجنة الاسكان من المجلس المحلي فان حي الجمرك وحده كان به6 الاف عقار آيلة للسقوط اغلبها واجبة الازالة, اما الاحياء الحديثة التي مالت بها العمارات بالفعل فتمتد من وادي القمر والحضرة الجديدة ونادي الصيد ومناطق السيوف والفلكي واغلب مناطق الرمل قبلي التي كانت في الاساس اراضي زراعية تم تبويرها والبناء عليها بسبب غياب تخطيط كردون المدينة واهمال الاحياء في الاشراف والتأخر في تنفيذ الازالات ووقف الاعمال بمجرد الشروع في العمل ووضع الاساسات اما المهندس هيثم الحريري فيقول: ومن الواجب علي المسئولين الآن اصدار قوانين تؤكد معاقبة كل من يشارك في بناء بدون ترخيص وان العقوبة لاتسقط بالتقادم والعقوبة تشمل مقاول البناء والمهندسين الاستشاريين وكل من يشارك في عملية البناء لان النتيجة هي ان الناس تموت والاستثمارات تضيع وعمارة الموت بلوران ليست ببعيده ولا العمارة المنكوبة بالمعمورة وعمارة الجمرك فجميعهما خير شاهد ويؤكد المهندس احمد شعبان امين حزب التجمع ونائب الشوري السابق ان العقارات المخالفة في الاسكندرية هي قنابل موقوتة تهدد باهدار مئات المليارات التي انفقت علي البنية التحتية لان هناك اكثر من70 الف وحدة مخالفة بالاسكندرية واصبحت تمثل ضغط حقيقي علي الشبكات من ماء وكهرباء وصرف صحي واصبح التعامل معها بالازالة شبه مستحيل في غياب الدولة واصبحنا في حاجة الي المليارات لتصحيح هذا الوضع ناهيك عن ان هذه العقارات في حد زاتها تمثل خطورة حقيقية علي الارواح لانه تم تنفيذها بعشوائية دون مراجعات هندسية. المفاجأة يفجرها اللواء أحمد صالح الإدكاوي سكرتير عام محافظة الإسكندرية المتحدث الرسمي قائلا: يوجد12 ألفا و356 عقارا مخالفا في المدة من أول يناير2006 حتي31 ديسمبر2010 وبعد الثورة تم حصر9497 عقارا مخالفا في الفترة من أول يناير2011 حتي30 يونيو2012 وهو ما يعني أن ما بني في عام ونصف يقترب من ثلثي ما بني في خمس سنوات, وأضاف: في الفترة الماضية تم تنفيذ7808 قرار لإزالة أما بعد الثورة فقد تم تنفيذ271 قرار إزالة وحاليا يوجد95 عقارا تمثل خطورة داهمة وجار تنفيذ قرارات الإزالة وخاصة في العقار88 شارع فؤاد للتعلية بدون ترخيص وأشار الإدكاوي أن حي المنتزه أكثر الأحياء التي تمتلئ بالمخالفات ومضيفا: لابد من وجود آلية جديدة للإزالة عن طريق إنشاء شركة متخصصة في أعمال الإزالة للتخلص من العقارات المخالفة حتي نمنع التلاعب بين المقاول وصاحب العقار. ربما لم تعد الإسكندرية كما كانت في السابق قطعة من أوروبا.. منظمة الشوارع أنيقة المباني, لكن الأخطر أنها أصبحت مقبرة جماعية أغلب عماراتها مهددة بالانهيار وأغلب سكانها باتوا ينتظرون موتا صاخبا يعرفون أنه آت لا مفر منه تحت أنقاض عمارات الموت التي يقطنونها.