هوس البحث عن الآثار وتحقيق الثراء السريع ظاهرة مصرية ارتبطت بحلم البحث عن الكنز المفقود الذي يراود كل إنسان فقد الطموح والأمل والإحساس بتحقيق أي نجاح في الحياة مما دفع العديد من الناس للسعي في هذا الاتجاه حتي اجتاحت هذه الظاهرة أنحاء أرض الوطن من الشمال إلي الجنوب ومن الشرق إلي الغرب خاصة عقب ثورة يناير وما تبعها من حالة الانفلات الأمني والتي أثرت علي كافة مناحي الحياة وأدت بدورها إلي ارتفاع معدلات الجريمة وتنوع أشكالها التي لم يشهدها مجتمعنا من قبل وتنوع ضحاياها مما يجعلنا نضع علامات استفهام كبيرة علي سيكولوجية وتفكير وعقل الإنسان المصري. وبني سويف تتميز بوجود عدد من المناطق السياحية التي يتم التنقيب بها عن الآثار بصفة مستمرة دون أي تدخل من الدولة وأهمها منطقة ميدوم والتي يقع بها هرم ميدوم السياحي ومنطقتي ابوصير واهناسيا. في البداية يقوم كل من لديه هوس ويسكن في إحدي المدن الاثرية بالمحافظة باحضار السحرة حتي يحددوا موقع الكنز بالمنزل ويطلب الساحر آلاف الجنيهات لشراء البخور, وفي اليوم التالي تبدأ عمليات الحفر باستخدام المعدات الخفيفة نتيجة صعوبة دخول المعدات الثقيلة الي المنحدرات والجبال بتلك المناطق الصخرية أو داخل البيوت الصغيرة وقد يواتي أحدهم الحظ فيحصل علي غزالة ذهبية او تابوت فرعوني وهو ما يدفع هؤلاء للاستمرار في البحث لعدة سنوات دون كلل او ملل وقد يخسر أحد هؤلاء أموالهم أو ذويهم وقد ينهار منزله جراء عملية الحفر او خلال التفجيرات اثناء استخدام المفرقعات في بعض المناطق الجبلية. ويؤكد محمود سلامة مفتش آثار أن منطقة أبوصير والتي تقع علي بعد10 كم جنوب ميدوم يوجد بها مجموعه كبيرة من المقابر المنحوتة في باطن الأرض والتي تصل إلي أعماق حوالي14 م تستمر بها أعمال التنقيب ليلا ونهارا, وتبدأ بعد المغرب وحتي آذان الفجر وأضاف أن الحفارين يستخدمون أداوات الحفر الخفيفة مثل لاطوريا ومقطف وحبال في منطقة جبيلة يصعب دخول المعدات الثقيلة اليها لأنها عبارة عن تلال وجبال, وكشف سلامة عن مفاجأة وهي ان المنطقة الاثرية بابوصير مساحتها300 فدان وتم التنقيب في أكثر من110 فدان بها وتم تحرير محاضر رسمية بذلك وتقديمها الي شرطة السياحة, وأضاف: دورنا كمفتشي آثار يقتصر علي المرور علي المناطق الأثرية ومعاينتها وارسال المحاضر للشرطة للتحري عن الاسماء والتحفظ علي المنطقة. ومن المناطق الاخري التي تتعرض للحفر والتنقيب يوميا منطقة أثار دشاشة ومنطقة أثار الحيبة ومنطقة أثار اهناسيا المدينة. ويشير أحمد فتحي محاسب وقاطن بجوار منطقة اهناسيا الاثرية الي أنه لا أحد يستطيع أن ينكر أن ثقافة الحفاظ علي الاثار وعدم سرقتها من قبل بعض الاهالي تكاد تكون معدومة ولكنها لا تقارن بعدم وجود ثقافة الحفاظ علي الاثار لدي المسئولين عنها الذين لم يقوموا بنقل القطع الاثرية المتناثرة داخل المنطقة الاثرية بإهناسيا قبل الانفلات الامني وبعده وظلت معرضة للسرقة والنهب والقاء اطنان القمامة عليها من قبل عمال النظافة مما يجعل هناك صعوبة في فصل القطع الاثرية عن القمامة ولو قامت مديرية الاثار بالمحافظة منذ عشرات السنين بتكثيف العمل الخاص ببعثات التنقيب بالمنطقة لما تعرضت المنطقة للإهانة بهذا الشكل واصبحت أعمال الحفر والتنقيب عن الكنوز التاريخية يتوقف فقط علي الايام المعدودة للبعثة الاسبانية كل عام وأضاف فتحي بأن المنطقة مليئة بالالاف من الاواني الفخارية المحطمة والملقاة في المنطقة بسبب التنقيب العشوائي للصوص والحفر بشكل غيرعلمي فضلا علي قلة قيمتها عند البيع والشراء من وجهه نظر اللصوص مقارنة بالخطورة في حملها والانتقال بها من مكان لآخر.
