رفعت مؤسسة ستاندرد أند بوز الراية الحمراء للمتصارعين علي السلطة في مصر بتخفيض التصنيف الائتماني للبلاد من( بي) إلي( سالب بي) بسبب ارتفاع الدين المحلي والأجنبي وتدهور الأوضاع السياسية وسط توقعات باستمرار التراجع والدخول في شبح الإفلاس. هذا ما فعله الفرقاء السياسيون بالوطن والذين يتحملون ما آلت إليه البلاد من خطر وانهيار_ حسب تقرير صادر عن معهد كارنيجي الأمريكي للسلام أمس والذي تحدث بوضوح عما يسيطر علي الشارع المصري من صراعات واتهامات وتخوين بين الأطراف الفاعلة في المشهد واكتست وجوه الجميع بالتخوف والاكتئاب والعنف الذي جعل القادرين يفكرون في الفرار من هذا المجتمع وغير القادرين يزدادون حزنا علي بلد لن يستطيعوا هجرته حتي ولو أعلنت كل المؤسسات إفلاسه وغادرته كل الاستثمارات ولم يعد يؤكل بين جنباتها إلا التراب مغموسا بالعرق أما هؤلاء الفرقاء فسوف يقفزون من المركب قبل الغرق كعادتهم للنجاة بما جمعوا من كثرة أداء الأدوار والتمثيل بالمصريين وجثة الوطن. وليت تلك الأطراف تقتنع بأن مصر لا تنتظر منهم أن ينتصر أحدهم علي الآخر بنزيف النقاط كما في معارك الملاكمة الدموية ولا يحتمل المجتمع أن يفوز طرف بالضربة القاضية لأنها ستنسف الكل ولكن عليهم أن يبادروا إلي مراجعة حساباتهم خصوصا بعد الخطايا التي شهدتها المرحلة الانتقالية بداية من الاستفتاء الدستوري الأول ونهاية بالاستفتاء الثاني وما بينهما تحركات أغلبية إسلامية لا توفر الأجواء الصحية للتوافق السياسي ومعارضة ليبرالية ومدنية تفتقد كفاءة التحرك الشعبي والقدرة علي ترويض تلك الأغلبية وهو ما جعل مصر تخسر الكثير بين رحي التوافق المفقود والاستقطاب المزعوم. وأنقل عن ناتان براون الخبير بمعهد كارنيجي قوله( المصريون يعملون في إطار يصعب علي الملائكة أن يديروه بشكل عادل) وأري أن ذلك الوضع الغريب هو الذي جعل عدوي الأمراض التي كانت سائدة في عهد المخلوع حسني مبارك تنتشر وتلقي بمواجعها علي العديد من فترات المرحلة الانتقالية التي أظهرت أن العديد من القوي التي تحتل المشهد من الإسلاميين وغير الإسلاميين يريدون التهام كعكة الثورة بأي طريقة ومهما يكن الثمن بداية من الإخوان المسلمين وحلفائهم من السلفيين والجماعة الإسلامية مرورا ببعض ممثلي المعارضة الذين قبلوا أن يعارضوا النظام البائد كوظيفة وليس كدور سياسي للإصلاح وكذلك رموز الدولة العميقة والمتضررين من أي تغيير في مصر وتكاد الكعكة ان تفسد دون ان يتذوقها أحد. ويصبح من الضروري أن ترتبط مراجعة النخبة من الأغلبية والمعارضة لحساباتها بتغير ملموس علي مستوي الخطاب السياسي والتوافق ولو بشكل مؤقت لمواجهة ما يهدد مصر من أخطار يزداد سوادها مع تراجع تصنيفها الائتماني وحالة السكتة التي أصابت الخدمات والمرافق والموارد واقتراب البلاد من الإفلاس الاقتصادي الذي سيكون أكثر تدميرا من الإفلاس السياسي الذي أدمنته قوي النخبة! رابط دائم :