يكاد المرء يصاب بالجنون حينما يسمع اليوم أصواتا تتآمر علي حرية الصحافة وتطالب دون استحياء بتقييد حريتها بعد ثورة لم تجف بعد دماء شبابها التي ذهبت دفاعا عن الحرية, بينما كان هؤلاء المتآمرون المتحولون هم أنفسهم يروجون زورا وبهتانا وادعاء انهم يريدون حرية الصحافة في العهد السابق, بل كانوا يتخذونها اداة ضغط في معارضتهم لنظام المخلوع, اليوم يريدون إغلاق نوافذ الحرية, وسد قنوات الرأي, وذبح الصحافة بدم بارد, من خلال نصوص دستورية اعدوها بليل, لإطفاء أنوار الحرية. أدلة الجريمة واضحة ساطعة, وصحيفة الاتهام جاءت في7 بنود تضمنتها مسودة الدستور الأسود الذي ارادوا به سجن الشعب خلف الحقيقة, بأدوات وأسلحة استبدادية, أطاحت حتي بمكتسبات ناضلت من أجلها الصحافة علي مدي العقود الماضية, ففي الوقت الذي كادت فيه الصحافة تنال الاستقلال والحرية الكاملة فوجئت الجماعة الصحفية, بان دستور الثورة ينص علي إلغاء حظر الحبس للصحفيين في قضايا النشر, وإلغاء حظر تعطيل ومصادرة وإغلاق الصحف, وإلغاء نص الصحافة سلطة شعبية, ومنح الرئيس ومجلس الشوري سلطة التدخل في شئون الصحافة, ثم أضاف دعاة الاستبداد ما هو أخطر بمنح الجهة الإدارية حق حل النقابات وإلغاء كيانها القانوني, بينما تفتح المادة217 الباب أمام خصخصة الصحف القومية. هكذا يريدونها دولة بلا ضمير, وأمة بدون حارس, ووطنا للفساد والاستبداد, نعم يريدونها صحافة معصوبة العينين, مكبلة اليدين, مقيدة الساقين, لتنفيذ مخططهم الخبيث في سجن الحقيقة وحرمان الشعب من حقه في المعرفة. انه اختبار جديد لصاحبة الجلالة ومعركة أخري في نضالها الطويل الذي من المؤكد أنه سينتهي مثل كل مرة بهزيمة نكراء للذين يريدونها بوقا للطغاة واداة للمستبدين واعداء الحرية, ولنجعل من قرار انسحاب نقابة الصحفيين من التأسيسية أمس بداية لمعركة لم نعلنها مع خفافيش الظلام ودعاة كسر الأقلام, حتي يتم دحرهم في نحورهم ووضعهم في قوائم سوداء حتي نكشفهم أمام الشعب الذي ثار طلبا للحرية, ولعل الجمعية العمومية التي تمت الدعوة إليها أمس لتنعقد الأحد المقبل أصبح حضورها فرض عين علي كل الصحفيين للدفاع عن مهنتهم ضد هذه المحاولات المشبوهة التي تريد ذبح الصحافة وسجن الصحفيين.