أثارت تصر يحات الحكومة بتطبيق قرار رفع الدعم عن المنتجات البترولية مع مطلع العام الجديد لأنها أصبحت مجبرة علي تنفيذ طلب صندوق النقد الدولي برفع أسعار الطاقة كشرط للموافقة علي طلب الحكومة المصرية للحصول علي قرض4.8 مليار دولار. في ظل ماتواجهه من تحديات, خاصة في ضوء ماهو متوقع بأن يصل العجز في الموازنة العامة للدولة الي160 مليار دولار, جدلا واسعا علي مستوي الأوساط الاقتصادية والسياسية داخل وخارج مصر ففي الوقت الذي تصاعدت فيه الأصوات التي تندد بالتأثيرات السلبية للقرار علي الفقراء ومحدودي الدخل أكد خبراء الاقتصاد وجود خلل فادح في منظومة الدعم وأن مواجهته تعد البداية الحقيقية للاصلاح الاقتصادي وهو مايتطلب اعادة هيكلتها من خلال رفع الدعم تدريجيا عن المنتجات البترولية ووضع آليات جديدة لتوصيل الدعم للفئات المستهدفة من الفقراء ومحدودي الدخل. لقد فشلت السياسات الاقتصادية علي مدار أكثر من20 عاما في توصيل الدعم لمستحقيه وهو مايترتب عليه أن الدعم الذي أصبح يزيد علي80 مليار جنيه يذهب للوسطاء وينعش السوق السوداء, هذا مابدأ به فتحي ياسين الخبير المصرفي ورئيس مجلس ادارة البنك الأهلي سابقا, مؤكدا ضرورة الغاء الدعم بشكل تدريجي علي أن يتم استهداف الفئات الأكثر ثراء, وعلي سبيل المثال يتم الغاء الدعم عن البنزين95 ثم92 ثم90 وذلك لتفادي بعض التأثيرات السلبية لالغاء الدعم. أوضح د.محسن خضيري الخبير الاقتصادي أنه من الناحية الاقتصادية لايوجد مايسمي بمصطلح الدعم وانما التوصيف العلمي هو أنه توجه سياسي يخدم مصالح النظام الحاكم من خلال التدخل في آليات السوق مشيرا الي أن النظام السابق في مصر وظف الدعم لتحقيق مصالحه, وهو ما أ دي الي عدم وجود برامج حقيقية للاصلاح الاقتصادي, وانطلاقا من ذلك أكد ضرورة اعادة النظر في حزمة الدعم بمختلف اشكاله, ويصف الخبير المصرفي أحمد قورة رئيس مجلس ادارة البنك الوطني المصري سابقا توجه الحكومة الجديدة نحو الغاء الدعم بأنه يعد البداية الحقيقية للاصلاح الاقتصادي, موضحا أن السياسات الاقتصادية التي تبناها النظام السابق اعتمدت علي المسكنات وليس الحلول الجذرية في مواجهة التحديات الاقتصادية لذا فانها أبقت علي الدعم بما يخدم مصالحها. ويري د.يسري طاحون استاذ الاقتصاد بجامعة طنطا أنه يجب ترشيد الدعم وتحويله الي دعم نقدي لانه ضرورة حتمية لتوصيل الدعم إلي الفئات المستهدفة والقضاء علي الوسطاء ممن ينهبون المال العام تحت مظلة الدعم, ويقترح تقسيم فئات المجتمع الي ثلاث شرائح, الأولي ممن يقل دخلها الشهري عن2000 جنيه تحصل علي دعم كامل, والثانية ممن يتراوح متوسط دخلها الشهري من2000 حتي5000 تحصل علي دعم جزئي, والثالثة التي يزيد دخلها الشهري علي5000 جنيه لاتحصل علي الدعم, مؤكدا أن الدعم النقدي هو الأفضل للمواطنين حتي يمكنهم من الحصول علي سلع وخدمات أفضل. وتري د. ماجدة قنديل المديرة التنفيذية للمركز المصري للدراسات الاقتصادية أن نسبة الدعم من الانفاق العام وصلت الي33% وهذا من شأنه تناقص الموارد التي يتم توجيهها الي قطاعات مثل الاستثمار أو الصحة والتعليم, وليس من العدل أن تتناقص نسبة دعم الغذاء من اجمالي الدعم بمقدار10% خلال العام الأخير لتصل الي14% خلال العام المالي الحالي, بينما تزيد نسبة دعم المنتجات البترولية من66% الي72% خلال نفس الفترة, وعلاوة علي ذلك فان تزايد قيمة دعم المنتجات البترولية الي مايزيد علي95.5 مليار جنيه يهدد بتزايد العجز في الموازنة. كما يزيد من احتمالية رفع نسبة العجر عن المعدل الطبيعي وهو6,8% من الناتج المحلي لتصل الي حدود10% في العام المالي الحالي علي حد تقديرها. وتقترح تعديل أسعار المنتجات البترولية وتحويل50% مما يتم توفيره للشريحتين الأكثر فقرا(40%) من السكان مع استهدافهما في الريف والحضر, أي احلال نظام التحويلات النقدية أو العينية محل دعم الأسعار, علي أن يبدأ رفع الأسعار من المنتجات التي يستخدمها الأغنياء مثل بنزين(95) وكيروسين الطائرات, علي أن يتم رفع أسعار المنتجات التي يستخدمها الفقراء في نهاية الفترة مثل بنزين(80) والكيروسين الأقل جودة وتري أن هذا سوف يحقق نموذجا عادلا في توزيع الدعم بين الفقراء والأغنياء خاصة في حالة التفكير في تطبيق ضريبة علي استخدام الوقود, مؤكدة أن ذلك يستدعي في ذات الوقت برنامجا واضحا لاعادة تخصيص مايتم توفيره من الغاء الدعم في الموازنة علي التعليم والصحة والبنية التحتية علي حد قولها.