شهادة جديدة أصدرها البنك الدولي حول التحسن المستمر الذي يشهده الاقتصاد المصري في الفترة الأخيرة. حيث أصدر البنك تقريرا مطولا عن الاقتصاد المصري, وعن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة المصرية. خاصة الإصلاح المالي الذي أسهم في تعزيز مشاركة القطاع الخاص في القطاع المصرفي والأدوات المالية المتنوعة, والبنية الأساسية للسوق, وضاعف كذلك من القيمة الصافية لدي قطاع البنوك المؤسسية. وأشار التقرير إلي أن القطاع المالي في مصر عاني من تدني مستويات المنافسة, والارتفاع النسبي لتكاليف الوساطة المالية, ومحدودية الابتكار, وهيمنة ملكية الدولة, وقد كان النظام المصرفي مثقلا بعبء زيادة مستويات القروض المتعثرة, بينما اتسمت القطاعات غير المصرفية بضعف مستويات أسواق السندات والتأمينات وأسواق التمويل العقاري وتأخرها, وتدني مستويات تداول الأسهم, وضعف حوكمة الشركات, ووهن البنية الأساسية لأنظمة دفع فعالة, فقد كانت أكبر أربعة بنوك تجارية وأكبر ثلاثة بنوك متخصصة في مصر مملوكة للدولة بالكامل, وهو ما أدي إلي تباطؤ الكفاءة والأداء. إذ كان يعيبها عدم كفاية رأس المال وزيادة عدد موظفيها, وسوء جودة الأصول, وانخفاض هوامش الربح, وارتفاع تكاليف التشغيل, ونقص أنظمة إدارة المخاطر, كما كانت تخطو خطوات بطيئة للغاية نحو التحديث والابتكار, وقد أثرت نقاط القصور هذه علي الأسواق المالية وعلي كفاءة تخصيص الموارد تأثيرا سلبيا للغاية. وحول النهج الذي اتبعته مصر بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية أوضح التقرير أنه منذ عام2004 دعم البنك الدولي للإنشاء والتعمير(IBRD) إصلاح القطاع المالي في مصر من خلال قرضي سياسات تنمية متعاقبين بتمويل قدره500 مليون دولار أمريكي للقرض الواحد, ثم أكمله المشروع المصري للتمويل العقاري( بتمويل يعادل37.5 مليون دولار أمريكي), كما قدم برنامج التمويل العقاري الميسور لمصر قرض سياسات تنمية بتمويل قدره(300 مليون دولار أمريكي). ويشتمل برنامج إصلاح القطاع المالي علي إعادة الهيكلة الشاملة للبنوك والمؤسسات المالية غير المصرفية, والأسواق, والتي سيتم تعزيزها بدعم أطر العمل القانونية والتنظيمية والإشرافية, كما سيتم كذلك تحسين البنية الأساسية للمؤسسات, وتستند الركائز الأساسية للبرنامج إلي حد كبير إلي التوصيات التي تم طرحها عام2002 في برنامج تقويم القطاع المالي التابع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي(FSAP). وقد لعبت مجموعة البنك الدولي دورا مهما في مساندة مصر في تنفيذ خطوات البرنامج من خلال سلسلة متصلة من الأدوات, بدءا من العمل التحليلي( بما في ذلك التقويم المتعاقب للقطاع المالي), ووصولا إلي المساعدات الفنية, وذلك فضلا عن أن برنامج الحكومة لإصلاح القطاع المالي قد صمم خصيصا لزيادة مشاركة القطاع الخاص, من خلال تعزيز تنوع الوسطاء والأدوات, وتهيئة بيئة مواتية لعمليات تعبئة الموارد, وإدخال التحسينات علي أنشطة الوساطة المالية وإدارة المخاطر. وتواصل الحكومة جهودها المبذولة لمباشرة هذه الإصلاحات والحفاظ علي استدامة النمو الاقتصادي, ومعالجة التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية والإقليمية, بالإضافة إلي رفع مستوي كفاءة عمليات تخصيص الموارد دون الحاجة إلي إثقال كاهل البيئة المتوترة بالفعل بضغوط إضافية. وحول النتائج أكد البنك الدولي أن البرنامج المصري لإصلاح القطاع المالي يمثل محركا بعيد المدي وملموسا وشاملا في الوقت نفسه, ودافعا نحو تعزيز القطاع المالي في مصر والعالم العربي حتي الآن إلي أقصي حد ممكن, وقد خرج القطاع المصرفي عن كونه مجرد نظام تقوده الدولة إلي نظام قوي و فعال يقوده القطاع الخاص, ولأول مرة في الأعوام الأخيرة في مصر يحدث أن يمتلك القطاع الخاص معظم القطاع المصرفي, حيث تم فتح المجال له للدخول في المنافسة, وذلك من خلال خصخصة رابع أكبر بنك مملوك للدولة, وهو بنك الإسكندرية, وتصفية94% من أسهم البنوك المملوكة للدولة في البنوك المشتركة, هذا بالإضافة إلي عمليات دمج القطاع المصرفي, وتقليل عدد البنوك من57 إلي39 بنكا. ولقد أدت الإصلاحات إلي تعزيز ملموس وكبير في المراكز المالية للبنوك, وهو ما أدي إلي تسوية ستين في المائة من القروض المتعثرة للمؤسسات المملوكة للدولة, وتضاعف القيمة الصافية للقطاع المصرفي من35 مليار جنيه مصري عام2004, إلي70 مليار جنيه مصري عام2008, واتسع معها نطاق قاعدة المستثمرين بشكل كبير, مع زيادة حصص أسهم المستثمرين الأجانب من7% إلي10% من إجمالي الناتج المحلي, علاوة علي ذلك تم إحراز المزيد من التقدم في إعادة الهيكلة الشاملة لشركات التأمين المملوكة للدولة وللمؤسسات الأخري غير المصرفية, وهو ما أدي إلي إدخال الكثير من التحسينات في مجال دعم أطر العمل المؤسسية والقانونية والبنية الأساسية المالية. فيما أسهمت الإصلاحات في وضع مصر علي الخريطة بوصفها من البلدان الجادة في خطوات الإصلاح, فقد جاءت مصر للعام الثالث ضمن البلدان العشرة الأكثر, إصلاحا, والأقل تضررا من الأزمة المالية العالمية حسب تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام2010, كما تمكنت مصر من الوصول الحتمي إلي مؤشرGemloc للحتمية( الصندوق العالمي لسندات الأسواق الناشئة بالعملات المحلية), وتعد كل هذه النتائج مؤشرات رائعة علي كفاءة الأداء, كما تعد كذلك تصويتا قويا بالثقة من جانب المستثمرين الأجانب والمحليين, فضلا عن وكالات التصنيف الدولية, ولكن الأهم من ذلك أن الإصلاحات تستمر في مساندة مصر في الصمود أمام الأزمة العالمية. وحول العلاقات المستقبلية بين مصر والبنك الدولي في هذا المجال, أكد التقرير أن البنك يستعد الآن لتقديم قرض سياسات تنمية تال من أجل دعم الجيل الثاني من الإصلاحات( بما في ذلك التعزيز الإضافي للنظام المصرفي المحلي والهيكلة التنظيمية والإشرافية للقطاع المصرفي), حيث كان محور تركيز الجيل الأول من الإصلاحات الذي دعمه البنك الدولي من خلال قرض سياسات التنمية1(pdf) وقرض سياسات التنمية2(pdf) منصبا علي تحسين سلامة النظام المالي واستقراره.