عميد «بيطرى دمنهور» يقدم نصائح لذبح الأضحى بطريقة آمنة فى العيد    التحرير الفلسطينية: إسرائيل تواصل حرب الإبادة وتحاول تصفية قضيتنا بكل الوسائل    ملخص وأهداف مباراة إسبانيا ضد كرواتيا في يورو 2024    البيت الأبيض: مصر وقطر تعتزمان التواصل مع حماس بشأن مقترح بايدن لوقف إطلاق النار في غزة    الترجي يتوج بالدوري ال33 بعد الفوز على اتحاد المنستيري    مهاجم ألبانيا يدخل تاريخ أمم أوروبا    غرق مهندس بالنيل فى الغربية أثناء الاستحمام هربا من ارتفاع درجات الحرارة    ماجد المهندس يغني «لو زعلان» أغنية فيلم جوازة توكسيك    الآلاف يتظاهرون بعدة مدن إسرائيلية للمطالبة برحيل نتنياهو وعقد صفقة تبادل الأسرى    من جديد معجب يطارد عمرو دياب في حفله ببيروت..ماذا فعل الهضبة؟ (فيديو)    فحص 1374 مواطنا ضمن قافلة طبية بقرية جمصة غرب في دمياط    يورو 2024 – هاري كين: نحن هنا للفوز باللقب في النهاية    خريطة ساحات صلاة عيد الأضحى في القاهرة والجيزة | فيديو    رئيس الوزراء يهنئ الشعب المصرى بعيد الأضحى المبارك    وانكشف الإدعاء على الرئيس مرسي .. "السيسي" يمنح الإمارات حق امتياز قناة السويس ل 30 عاما    وزيرة الهجرة: تفوق الطلبة المصريين في الكويت هو امتداد حقيقي لنجاحات أبناء مصر بمختلف دول العالم    سنن صلاة عيد الأضحى المهجورة..تعرف عليها    خطوة بخطوة .. تعرف علي ما سيفعله الحاج يوم العيد    رياضة الغربية: ساحات مراكز الشباب تستعد لإقامة صلاة عيد الأضحى    10 نصائح من معهد التغذية لتجنب عسر الهضم في عيد الأضحي    وفد وزارة العمل يشارك في الجلسة الختامية لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    ازدلاف الحجيج إلى المشعر الحرام    خادم الحرمين وولي العهد يبعثان برقيات تهنئة لقادة الدول الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    بهاء سلطان يطرح أغنية «ننزل فين» تزامنا مع عيد الأضحى    أمين الفتوى بقناة الناس: رسول الله بلغ الغاية فى حسن الظن بالله    أصغر من 6 لاعبين.. مدرب برايتون الجديد يحقق أرقامًا قياسية في الدوري الإنجليزي    بعد إعلان وفاته.. ما هي آخر جائزة حصل عليها ماتيا ساركيتش؟    «مكنش معايا فلوس للأضحية وفرجت قبل العيد» فهل تجزئ الأضحية دون نية    الزراعة: متبقيات المبيدات يفحص 1500 عينة منتجات غذائية.. اليوم    «الصحة السعودية»: تقديم الرعاية لأكثر من 112 ألف حاج وحاجة حتى وقفة عرفات    محافظ أسوان يتابع تقديم الخدمات الصحية والعلاجية ل821 مواطنًا بإدفو    مجدي بدران يقدم 10 نصائح لتجنب الشعور بالإرهاق في الحر    بمناسبة صيام يوم عرفة، توزيع وجبات الإفطار للمسافرين بالشرقية (فيديو وصور)    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج إعداد معلمي رياض الأطفال ب«تربية القاهرة للطفولة المبكرة»    الأوقاف: خطبة العيد لا تتعدى 10 دقائق وتوجيه بالتخفيف على المصلين    ما أسباب تثبيت الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة؟.. خبير اقتصادي يجيب    موعد صلاة العيد 2024 في الأردن.. اعرف الأماكن    رونالدينيو: لن أشاهد البرازيل في كوبا أمريكا    الإسماعيلى متحفز لإنبى    ماهر المعيقلي خلال خطبة عرفة: أهل فلسطين في "أذى عدو سفك الدماء ومنع احتياجاتهم"    "الخضيري" يوضح وقت مغيب الشمس يوم عرفة والقمر ليلة مزدلفة    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    نقل حفل كاظم الساهر من هرم سقارة ل القاهرة الجديدة.. لهذا السبب    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأبراج في الأسبوع الثالث من يونيو 2024    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    أردوغان: النصر سيكون للشعب الفلسطيني رغم همجية إسرائيل ومؤيديها    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    نزلا للاستحمام فغرقا سويًا.. مأساة طالبين في "نيل الصف"    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 يونيو 2024    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    المشهد العظيم في اليوم المشهود.. حجاج بيت الله يقفون على جبل عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    مصادر أمنية إسرائيلية: إنهاء عملية رفح خلال أسبوعين.. والاحتفاظ بمحور فيلادلفيا    هالة السعيد: 8.6 مليار جنيه لتنفيذ 439 مشروعا تنمويا في البحيرة بخطة عام 2023-2024    «التموين»: صرف الخبز في المدن الساحلية دون التقيد بمحل الإقامة المدون بالبطاقة    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهامة شهيد
نشر في الأهرام المسائي يوم 13 - 05 - 2012

وضعت يديها البريئة علي كتفي‏,‏ ونظرات عينيها تتلألأ كالنجوم‏..‏ قالت لي‏:‏ انت جاي من عند بابا؟‏!‏ لم أعرف بماذا أجيبها‏..‏ وبينما أنا في حيرة من أمري‏,‏ وجدت الجميع يهزون الرأس ويلقننوني الإجابة بنعم فاستسلمت وقلت للصغيرة نعم.
فأوصتني بان أبلغه السلام وأن أقول له‏:‏ مريم بتدعيلك‏..‏ وربنا يشفيك يا بابا‏.‏ وهمست لي في أذني بأن بابا خالد كان يحضر لها كل ما تتمناه‏,‏ وكان يجعلني أحب الكلام بتاع ربنا‏.‏
أما شقيقها عمرو فكان يقف خلفها ليقول لي‏:‏ أنا كبير وعارف ان بابا راح عند ربنا وأنا هطلع ضابط في الجيش زي ما كان بابا عاوز‏..‏ بس أنا محتاج أنام في حضنه مرة واحدة بس زي زمان‏..‏ بهذه الكلمات وصف الصغيران شعورهما نحو شهيد مدينة الواسطي التي استقبلت خبر استشهاد خالد صلاح الذي ضحي بحياته من أجل إنقاذ زملائه وجيرانه من النيران‏,‏ بالحزن والأسي‏.‏
اصطف الجيمع صغيرا وكبيرا لاستقباله‏,‏ تتصارع عليه الاكتاف لحمله‏,‏ وتتساقط الدموع علي الأرض في زخات‏,‏ لتهدئ من روعة التراب الثائر‏,‏ وامتلأت شرفات البيوت بالسيدات المنتحبات‏,‏ وتتخلل المشهد المهيب كلمات الرثاء‏..‏ صلي عليه الجميع‏,‏ وخرجت الجنازة لتعبر النيل لينقل خالد إلي مثواه الأخير الذي رفض النهر إلا وأن يودعه فارسل قطراته الندية المتطايرة لتلامس نعشه وثيابه البيضاء فوق معدية المدينة‏.‏
عاد حمدي وأحمد شقيقا الشهيد إلي بيتهما منكسري الهامة فهما علي موعد كل عام لتقديم ثمرة من أسرتهما لمقابر العائلة‏,‏ التي يقبع بها أربعة من الأشقاء الشهداء بجوار الأم والأب‏..‏ وقد شاء الله أن يكتبهم عنده شهداء‏,‏ ويستقبل في جناته واحدا منهم كل عام‏.‏
يتحدث حمدي الشقيق الأصغر لخالد والعائل الثاني لأسر الشهداء وابنائهم قائلا‏:‏ ذهب شقيقي إلي عمله في احد مصانع الأفران بالواسطي‏,‏ ومر علينا في الصباح ليتقصي الحال‏,‏ ويستفسر عن احتياجات زوجات وابناء أشقائه المتوفين‏,‏ ترك لي ابناءه الثلاثة قائلا لي‏:‏ ضعهم في عينك‏..‏ شعرت وقتها بان روحي خرجت عن جسدي فهذه الكلمة عندما أسمعها تعني غياب أحد أشقائي من دون عودة‏.‏
وأضاف حمدي‏:‏ بعدما أخذ نفسا عميقا وتأمل في السماء بقوله‏:‏ يعرف الجميع عن خالد أنه صاحب شهامة ومروءة‏,‏ ودائما يؤثر الغير علي نفسه‏..‏ فعندما اندلعت النيران بأحد المنازل المتاخمة للمصنع الذي كان مسئولا عن الأمن به‏,‏ هب مسرعا من دون انتظار لقدوم المطافئ‏,‏ وكان يخشي أيضا وصول النيران لمحل أكل عيشه المليء بالغاز والمزدحم بأقاربه وأصدقائه فتلقي أول حرق بقدميه وبالرغم من ذلك قام وعاد من جديد ليشارك قوات الاطفاء عملهم‏..‏ قاوم التراب والمياه وبودرة الاطفاء التي كان الأهالي يلقون بها لاخماد النار‏,‏ وكان يدخل المنزل الذي تحول لجمرة من لهب‏,‏ ليبحث عن أصحاب البيت حاملا بين يديه البطاطين للاطفاء والإنقاذ‏,‏ ولم يكن يعلم أن تجارة السوق السوداء وتخزين الوقود بهذا المنزل هو ما سينهي حياته ويصيب العشرات من الأهالي ربما عقاب لهم علي شهامتهم‏.‏
خرج أخي مصابا بحرق شديد في وجهه وأغشي عليه وقتها‏,‏ فقام صاحب المصنع الذي كان يعمل فيه بنقله إلي أحد المستشفيات بالقاهرة نظرا لخطورة حالته غير أنه لم يلبث في المستشفي سوي عدة أيام‏,‏ حتي صعدت روحه الطاهرة إلي بارئها‏,‏ تاركا خلفه زهراته الثلاث‏:‏ عمرو بالصف الثاني الابتدائي ومريم ذات الخمس سنوات والرضيعة ملك‏.‏
وأكمل أحمد الشقيق الأكبر قائلا‏:‏ إن الله ابتلي أسرتنا بلاء حسنا‏..‏ فكل عام يموت منا شقيق ونحسبه عند الله شهيدا‏,‏ فمنذ ما يقرب من خمس سنوات لقي شقيقنا الأكبر محمد ربه بعد تعرضه لحادث وهو في طريقه لأحد أصدقائه‏,‏ هب مسرعا لنجدته بعد اصابة والدته في حادث آخر فكانت الشهامة عنوانه وترك لنا ثلاثة أبناء هم‏:‏ سامح وعبير وأميرة
وعقب ذلك بفترة قصيرة‏,‏ أصيب شقيقنا الخامس البدري بالسكر ومات بعد تعرضه لبتر إحدي ساقيه‏,‏ وترك لنا أيضا ابنته هدير بعد أن رحلت زوجته التي أبت ان تفارقه في محياه ومماته‏.‏ وبعد مرور ما يقرب من العام‏,‏ لقي شقيقنا الرابع أيمن ربه بعد صراعه مع المرض طيلة حياته ومات مبطونا بثقب في القلب‏.‏
وكنا جميعا نعيش في بيت واحد وبعد فراق الأحبة‏,‏ رفضت زوجات الشهداء مفارقة البيت أو الزواج وممارسة حقوقهن وأقسمن جميعا علي تربية الأبناء تربية واحدة‏,‏ حيث يأكل الكل من طبق واحد‏,‏ وأصبحت نقود أولادي هي نقود أبناء أشقائي وخصصنا الدور الأرضي بالمنزل لتحفيظ أطفال الأسرة القرآن الكريم‏.‏
وتجاذب معي أطراف الحديث مرة أخري الشقيق الأصغر حمدي قائلا لي‏:‏ أصبحت زوجة أخي بعد وفاته تعاني الأمرين‏,‏ فهي تعمل بمدرسة في قرية ابويط وهي تبعد‏45‏ كم عن المنزل ولا تستطيع أن تترك العمل بسبب احتياجها للمال بعد وفاة الزوج‏,‏ ولا تستطيع مراعاة الأبناء بسبب بعد المسافة‏,‏ لذا فهي تطلب من محافظ بني سويف أن يرأف بحال ابنائها ويوافق علي نقلها لتعمل في نفس المدينة التي نسكنها‏,‏ لتكون قريبة من أطفالها الصغار وأن يوفر وظيفة لي لكي تساعدنا في تربية أطفال أسرتنا‏,‏ بعد أن اختار آباؤهم الشهامة وذهبوا فداء لحب مصر‏.‏
دلت تحريات المقدم محمد البرنس رئيس مباحث الواسطي باشراف اللواء رضا طبلية مدير البحث الجنائي علي أن الحريق نشب في منزل ملك شعبان عبدالعال ويقوم بتأجيره لأولاد‏(‏ ع‏.‏أ‏)‏ والذين يستخدمونه كمخزن لبيع الوقود في السوداء‏,‏ وقد نشب الحريق بالمخزن بعد قيام سيارة نصف نقل بتفريغ حمولتها وهي‏7‏ آلاف لتر سولار داخل المنزل وقبل مغادرة السيارة لموقع الحادث اشتعلت النيران بالمخزن بسبب إلقاء عقب سيجارة كما دلت التحريات علي وفاة خالد صلاح محمد‏39‏ سنة وتفحم سيارة اطفاء واصابة‏9‏ من الأهالي‏.‏ تم تحرير محضر بالواقعة وتولي محمد فؤاد مدير نيابة الواسطي التحقيقات باشراف المستشار حمدي فاروق المحامي العام الأول لنيابات بني سويف‏.‏


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.