اختفت هبة رجب عن جدران منزل العائلة بقرية طما وبات الجميع في حالة من الحزن والأسي طالت فيه الدموع أعين الكبير والرضيع, وامتد الحزن ليطول كل بيت. بعد أن خرج الأهالي في مشهد مهيب ممسكين بشعلات النار في ليل دامس من احدي الليالي التي غاب فيها القمر, في مشهد درامي تعجز شاشات السينما الدرامية عن تقديمه, أثناء بحثهم عن ضالتهم المفقودة التي ذابت بعد انقضاء أحد الأفراح بالقرية كذوبان الملح في الماء. الأب يتساءل والزوج يهيم علي وجهه, والأطفال يصرخون في ظل اختفاء أمهم هبة ويتساءل العم جمعة حسين خال السيدة المختفية قائلا: كانت بجواري في زفاف ابنتي وتحتضن أطفالها وذهبت مسرعة لتترك الأطفال بالبيت المجاور للفرح في رعاية والدتها لتبقي معنا حتي نكمل فرحتنا ونوصل ابنة خالها إلي بيت الزوجية, ولكن فوجئنا جميعا بالمشاجرة التي حدثت بين شباب القرية التي اقتلعت فرحتنا, حيث انقطع التيار الكهربي وقتها وغادر الجميع وأخذت علي كاهلي توصيل سيدات الأسرة وصعقت عندما لم أجد ابنة شقيقتي وبدأت رحلة البحث عنها من شهرين ولم تنته. واقتربت من شقيق السيدة هبة الذي وجدته يضع رأسه بين قدميه رث الثياب مطلقا للحيته وشعر رأسه العنان من شدة الحزن وناشده الحاضرون قائلين: قم يا حسين للتحدث للضيف, فرفع رأسه في هدوء ومن وراء دموعه قال: استقبلت مكالمة من سيدة رفضت ذكر اسمها حذرتني فيها بأن احدي شقيقاتي الأربع سيتم اختطافها والالقاء بها في البحر اليوسفي.. حدثت المكالمة قبل اختفاء شقيقتي بيومين وتحدثت نفس السيدة مع شقيقنا الأكبر رمضان ولم نعر الأمر اهتماما بسبب عدم قدرة أحد علي أن يقوم بذلك فنحن في القرية جسد واحد وعائلة واحدة, ولكنني لم أكن أعرف أن شيئا من هذا القبيل قد يحدث, وإلا كنت وضعت شقيقتي أسفل جفون عيني. وفجأة خرج علينا محمد جمعة الزوج يحمل ابنته الرضيعة ملك وحوله ابناه الطفلان حسام الذي لم يتعد عامه الخامس وعماد بالصف الثاني الابتدائي.. استجمع الرجل قوته قائلا بكلمات تنطق بالأسي: كنت في عملي بالقاهرة حارسا علي احدي العمارات أنا وزوجتي وأولادي وقمت بتوديعها عند محطة القطار بعد أن سافرت لحضور حفل زفاف ابنة خالها وكنت أنظر إلي عينيها وكأنني أشعر من داخلي بأنني لن أراها في القريب العاجل, وقبل أن أضع رأسي علي مخدعي اتصل بي شقيق زوجتي عند اذان الفجر وقال لي: زوجتك اختطفت! لملمت شتاتي من أسفل الوادي السحيق بين غطائي وسريري وذهبت للقرية فلم أجد بها أحدا.. هرولت مسرعا للمقابر فلم أجد من يشيعون واتصلت علي اشقاء زوجتي فوجدتهم بين الجبل والقري يبحثون عن نور عيني وقرة فؤادي ويضيف قائلا: لقد تركنا عملنا جميعا ونهيم علي وجوهنا ليل نهار بحثا عنها وقمنا بابلاغ الشرطة منذ أكثر من شهرين ولم يتحرك لنجدتنا ومساعدتنا أحد وقام والد زوجتي بشراء سيارة وخرج وقال سأذهب للبحث عن ابنتي ولن أرجع بدونها حية أم ميتة والمشكلة الكبري هي أن ملك طفلتنا الرضيعة أصابها المرض منذ اختفاء والدتها وتبحث بنظرات البراءة في جنبات المكان عنها وتقول ما ولم ترحم قلبي الذي يتمزق كل ساعة لبكائها, كما ترك عماد ابني الأكبر المدرسة وهجر دروسه منذ اختفاء والدته التي كانت له المأوي والسكينة أما حسام الصغير فيقول: ماما عند الشيخ بيحفظها القرآن وراجعة تاني. كان الآلاف من قرية طما فيوم التابعة لمركز اهناسيا ببني سويف قد اعتصموا منذ عدة أيام وقاموا بقطع الطريق الزراعي الواصل بين بني سويف والفيوم واشعلوا إطارات السيارات ووضعوا جذوع النخيل وأعمدة الانارة كما منعوا سيارات نقل البترول من العبور لشركات البترول المتاخمة للقرية وطالبوا بعودة ابنة القرية هبة المختفية منذ60 يوما, ومن جانبه أكد رئيس البحث الجنائي العميد زكريا أبوزينة انه يجري البحث عن السيدة المختفية بالتعاون مع جميع مديريات الأمن المجاورة للمحافظة.