حالة من الجدل والنقاش المستمر وربما الاتهامات المتبادلة شهدتها الأيام القليلة الماضية منذ الإعلان عن تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور لنري المشهد منقسما بين كتلتين. احداهما إسلامية وأخري تضم باقي القوي صاحبة التوجهات السياسية الآخري وتندد بتأسيسية الدستور مؤكدين أن تشكيلها بهذا الشكل ينذر بكارثة.. هناك من أعلن رفضه وانسحابه من اليوم الأول وهناك من قبل بالحل التوافقي' بعد اجتماع المجلس العسكري برؤساء الأحزاب ومنهم من يقف مراقبا للموقف لأنه لا يتضرر من الوضع من الأساس..' الأهرام المسائي سأل القوي السياسية عن الأزمة تلك القوي التي انسحب بعضها بالفعل من التأسيسية اعتراضا علي سيطرة حزبي الحرية والعدالة' و'النور' علي اللجنة ولكن حاولنا معهم معرفة كيفية الخروج من الأزمة حتي لا يفقد الدستور شرعيته و'دستوريته' قبل أن يخرج هو إلي النور. نبيل زكي: نحتاج إلي دستور يمثل أغلبية الشعب وليس أغلبية البرلمان أزمة كبيرة.. إنها تأسيسية الدستور التي وصفها نبيل زكي المتحدث الرسمي باسم حزب التجمع بمجرد الحديث عنها مشيرا إلي إقصاء كل القوي السياسية والحزبية وانفراد حزب الأغلبية بالدستور مثلما انفردوا بالبرلمان وتم تهميش باقي التيارات والأحزاب الموجودة فيه بل انهم اختاروا نسبة ال50% من خارج البرلمان بما يتوافق مع فكرهم مما سيؤدي بنا إلي دستور يغلب عليه فكر تيار واحد ولا يعبر عن الأغلبية الحقيقية بل أغلبية البرلمان. ليتحدث زكي بنبرة غاضبة قائلا اجتماعنا مع المجلس العسكري لم يحقق أي نتائج, فقد خرجنا منه وليس هناك أي شيء ملزم لتيار الأغلبية رغم الوعود بانضمام بعض الأسماء بديلا لاخري لينتهي الاجتماع لصالح التيار الديني كالعادة. أما عن المنسحبين قال زكي إن اللجنة التأسيسية للدستور الآن تضم الإسلاميين فقط من حزبي الحرية والعدالة' و'النور' بعد انسحاب القوي السياسية التي تعبر عن التوجهات الآخري وبالتالي فقدت شرعيتها بعد انسحابهم. وشدد علي أن حكم المحكمة الدستورية الصادر في ديسمبر1994 والذي قضي بعدم جواز قيام سلطة من السلطات الثلاث التشريعية أو التنفيذية أو القضائية بالانفراد بوضع الدستور يؤكد عدم شرعية مشاركة البرلمان في وضع دستور ينبغي أن يعلو كل السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية وتحديد العلاقة بينهم وليس جزءا منها وإلا سيحدث ما وصفه بتضارب المصالح. ودون سؤاله عن الحل وصف زكي طريق الخروج من الأزمة من خلال جمعية منتخبة خصيصا لوضع الدستور أو لجنة بالتعيين لوضع الدستور تشكل من كبار الفقهاء الدستوريين والقوي الحزبية والاتحادات والنقابات وشباب الثورة لتمثل مختلف طوائف المجتمع علي أن يطرح الدستور بعد ذلك في استفتاء شعبي أو فلننتظر حكم المحكمة الدستورية العليا التي تنظر الطعن في الانتخابات البرلمانية هاني سري الدين: أعضاء تأسيسية الدستور يمارسون احتكار تمثيل الوطن كان أول المنسحبين من تأسيسية الدستور واكتفي بتعليق وحيد بعد انسحابه وهو أن اللجنة لا تمثل جميع أطياف الشعب المصري ولن تسفر عن دستور يليق بالشعب الذي أسقط نظام مبارك في ثورة يناير.. إنه الدكتور هاني سري الدين عضو المكتب السياسي لحزب المصريين الأحرار الذي بدا متحفظا في البداية في الحديث عن موقف الحزب من تأسيسية الدستور مؤكدا أن الموضوع سيظل محل نقاش وتفاوض رغم إعلان المصريين الأحرار عن موقفه الرافض لتأسيسية الدستور لينتقل للحديث عن موقفه و انسحابه من اللجنة قائلا: انعدمت المعايير الموضوعية التي تعتمد علي أهل الخبرة ليحل محلهم أهل الثقة الذين ينتمون لتيار الأغلبية أو علي أقل تقدير لا يعارضونه. وأكد تعمد إقصاء واستبعاد كثير من رموز الفكر والثقافة والقانون رغم أهمية مشاركتهم في وضع دستور للبلاد لنري في النهاية لجنة ممثلة للأكثرية البرلمانية وكأنها صورة مصغرة من المجلس ولا يمثل كل طوائف الأمة باختلاف توجهاتهم السياسية للخروج بدستور يعبر ويتعامل مع أجيال قادمة. وانتقد طريقة اختيار العناصر مؤكدا أن الوقت لم يكن كافيا لانتقاء الأصلح لمثل هذه المهمة الصعبة وأكد أن ما يدور الآن من اعتراضات ومناقشات ليس إلا محاولة لانقاذ ما يمكن إنقاذه للخروج من أزمة احتكار تمثيل الوطن. محمد سامي: الحرية والعدالة يذيقنا من نفس كأس الوطني لم أكن أتوقع ذلك ممن ذاقوا مرارة التهميش وكتم الأصوات.. بهذه الكلمات وصف المهندس محمد سامي رئيس حزب الكرامة موقف حزب الحرية والعدالة مشيرا إلي أنهم تعرضوا للإستبعاد من صناعة أي قرار في عهد النظام السابق وهاهم الآن قد انفردوا بالسلطة داخل البرلمان وتعمدوا إقصاء باقي القوي السياسية وتهميش دورها تماما واستمر ذلك حتي تأسيسية الدستور التي قرروا الانفراد بها سواء في نسبة من في داخل البرلمان أو خارجه ليتصرف وكأنه صاحب الإرادة النافذة التي ينبغي أن يسير عليها الجميع, كما أن نسب التمثيل غير مرضية بالمرة كتمثيل المرأة والأقباط بالإضافة إلي استبعاد رموز مهمة مثل الدكتور زويل ومجدي يعقوب ومحمد غنيم, أما عن الاعتماد علي وثيقة الأزهر كأساس لتأسيسية الدستور يري سامي أنها ليست لديها رؤية شاملة لاستيعاب مفاهيم الدستور. وأكد سامي أن الحرية والعدالة لم يستطع التفريق بين حشد الاغلبية في البرلمان والاغلبية المطلوبة لصياغة دستور مصر الذي ينبغي أن يعبر عن كل الطوائف في المجتمع ووصف محاولات حزب الاغلبية لتهدئة الرأي العام بعد أزمة التأسيسية بأنها تثير المخاوف أكثر لأنها مجرد وعود شفهية لن تفيد في حالة الانتهاء من وضع الدستور خاصة أن اجتماعات الأحزاب مع المجلس العسكري لم تأت بجديد بل انتهي من حيث بدأ بالاختلاف لأن التعنت والإصرار مازالا سيد الموقف من الأحزاب الإسلامية وكان تسجيل الرفض هو الحل الوحيد أمام بعض الأحزاب. أبو بركة: التأسيسية لجنة تكتب الدستور فقط.. وتنتظرالاستفتاء الشعبي لم يتحدث دفاعا عن الحرية والعدالة فالأزمة برمتها من وجهة نظره حدثت نتيجة خلط متعمد بين معايير تشكيل واختيار الجمعية التأسيسية للدستور ولجنة كتابة الدستور.. هذا ما أصر علي تأكيده الدكتور أحمد أبو بركة المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة حيث أوضح أن الشعب هو المتحكم الوحيد في الدستور وأن اللجنة الموجودة حاليا ما هي إلا لجنة لإعداد مشروع تحضيري وكتابة مواد للدستور يمكن التوافق حولها أو رفضها أو تعديلها أو الإضافة عليها بعد طرحها للاستفتاء وبالتالي الشعب هو الذي يمنح الدستور القوة القانوينة أما اللجنة فلا قيمة لها من الناحية القانونية. ويري بركة أنه في حالة عدم وجود استفتاء شعبي كان للجميع أن يعترض علي عدم تمثيل كافة القوي السياسية داخل اللجنة التأسيسية للدستور لذلك يجب عدم الخضوع للأقلية الديكتاتورية كما وصفها التي تثير الخلافات والمشاكل المفتعلة, وأكد ضرورة الانصياع لرأي الشعب الذي اختار البرلمان وفوضه لصياغة الدستور والآن عليهم احترام رأيه عند الاستفتاء علي الدستور. أبوشقة: مطلوب دستور صناعة محترفين.. والمادة60 سبب الأزمة الوفد يدرس الموقف ويناقش تطورات الوضع ومستجداته بعد اجتماعه وعدد من الأحزاب مع المجلس العسكري.. هذا ما أكده الدكتور بهاء أبو شقة نائب رئيس حزب الوفد في بداية حديثه عن' أزمة التأسيسية التي تنبأ بما يحدث فيها منذ البداية علي حد قوله. وأكد أبو شقة أن الخروج من الأزمة يقتضي تعديل المادة60 من الإعلان الدستوري لتشكيل لجنة محايدة لصياغة الدستور لأن البرلمان لا يخلق الدستور وبالتالي ينبغي أن يكون أعضاؤها من خارج البرلمان علي أن يكون عددهم50 عضوا من القوي والأحزاب السياسية وفقهاء وأساتذة القانون لأننا في حاجة لدستور' صناعة محترفين. وأشار إلي أن المادة60 من الإعلان الدستوري تتسم بالغموض لأنها لم تحدد الأساس الذي يتم الاختيار بناء عليه وهل هم من داخل البرلمان أو خارجه؟ كل هذه النقاط التي أغفلتها المادة كانت تؤكد حدوث صدامات بين القوي السياسية وبعضها. وشدد أبو شقة علي ضرورة الاستعانة بلجنة محايدة حتي لا نقع في أخطاء يدفع ثمنها الشعب من عدم الاستقرار ونجد أنفسنا أمام جمعية دستورية مهددة بعدم الدستورية.