تشهد السوق المصرية ارتفاعا مستمرا في أسعار اللحوم الحمراء, فقد تراوح سعر كيلو البتلو ما بين80 و90 جنيها للكيلو بعدما كان75 جنيها الأسبوع الماضي, ووصل سعر الكندوز الأمامي إلي55 جنيها والخلفي65 جنيها للكيلو, فكيف يمكن التصدي لهذه المشكلة وماهي الأسباب الحقيقية وراء هذه الطفرة في الأسعار؟!. ويؤكد الدكتور حسين منصور, رئيس جهاز سلامة الغذاء وأستاذ الإنتاج الحيواني, أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع اللحوم هو عدم مقدرة المربي والفلاح الصغير علي تربية العجول البتلو, فالفلاح يعزف عن تربية البتلو الجاموسي لأن اللبن الجاموسي سعره مرتفع, وبالتالي يقوم بالتخلص من العجول الصغيرة لبيع اللبن الجاموسي لتوفير احتياجاته, مشيرا إلي عدم إمكان تطبيق قوانين تقر بمنع ذبح البتلو لأنها لا تحل المشكلة فلا يمكن أن أفرض العديد من الأعباء علي أضعف حلقة في العملية الإنتاجية. وأضاف أنه لابد من تشجيع المربي الصغير علي الاحتفاظ بالعجول الصغيرة, وبالتالي ستكون هناك وفرة في الثروة الحيوانية فيجب رفع الدخول الخاصة بالفلاحين ودعمهم. ويشير محمد وهبة رئيس شعبة القصابين بالغرفة إلي أن أسعار اللحوم في زيادة مستمرة ووصل سعر الكيلو إلي65 جنيها و90 جنيها للبتلو وأن أسباب ارتفاع أسعار اللحوم معروفة والتي يمكن القضاء عليها من خلال زيادة الإنتاج ومنع ذبح البتلو موضحا أنه لابد من تدعيم الفلاحين باعتبارهم المربين الأساسيين للثروة الحيوانية فلابد أن تكون هناك قروض وقوافل لمساعدته من أجل استمراره في عملية تربية العجول الصغيرة وعدم التخلي عنها وهو الأمر الذي يقلل من نسبة المعروض, وبالتالي تزيد أسعار اللحوم ويتهم الجزار في النهاية بالجشع بالرغم من أن الجزار هو أكثر المتضررين من ارتفاع الأسعار لأنه يحصل علي العجول بسعر مرتفع بعد بيع الفلاح أو المربي الصغير للعجول لحلقة من الوسطاء والذين يرفعون أسعار العجول فلابد من وضع خطة واضحة تنظم عملية الإنتاج الحيواني في مصر. ويضيف الدكتور عبدالرحمن عليان أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أن هناك عدة أسباب وراء ارتفاع أسعار اللحوم ومنها انهيار كل خدمات البنية التحتية بالمناطق الريفية وزيادة معدلات البطالة في بعضها بنسبة بلغت أكثر من إلي65% مع تدني مستوي المعيشة بين الفلاحين وارتفاع معدل الفقر الذي بلغ نحو75% فكل هذه العوامل تجعل الفلاح غير قادر علي العملية الإنتاجية بشكل سليم وتخليه عن بعض انتاجيته لارتفاع تكاليف تربيتها ومنها العجول البتلو. وأوضح أنه لابد من دعم الفلاح لحل المشكلات التي معظم المجالات ومنها ارتفاع معدل البطالة وغلق المصانع التي تعتمد علي الثروة الحيوانية والزراعية وزيادة نسبة الواردات من السلع الاستراتيجية التي لا يوجد فيها اكتفاء داخلي ذاتي. وأضاف أن ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وأدوات الزراعة بالإضافة إلي الأزمات الأخري من ارتفاع الأسعار العالمية أدت إلي اضطرار الفلاحين الي بيع أمهات البقر والجاموس فتم ذبح معظم الإناث من الثروة الحيوانية وهو الأمر الذي أدي لارتفاع الأسعار فوصل سعر الكيلو إلي نحو65 جنيها خلال فترة قصيرة مشيرا إلي أن المشكلة لن تتوقف عند ذلك الحد بل ستتفاقم فلابد الاهتمام بهذه المشكلة والاعتناء بالفلاح. وأضاف أنه بالرغم من أهمية قطاع الإنتاج الحيواني الذي يعمل به الفلاح الذي يعد من أهم القطاعات الرئيسية في الاقتصاد باعتباره مسئولا أساسيا لتوفير الثروة الحيوانية مشيرا إلي أن الاهتمام بالفلاح يعتبر بمثابة اهتمام بعدد كبير من الثروات التي يوفرها قطاع الزراعة, فلابد أن يسعي الجميع لتحقيقه باعتباره المورد الأول الذي يستمد منه ما يساعد علي تحقيق برامج التنمية في كل القطاعات الاقتصادية المختلفة, وبالتالي يسهم في تحقيق الرفاهية للمواطنين عامة والفلاح بصفة خاصة. ويوضح الدكتور عمر الحسيني أستاذ الزراعة بجامعة بنها أن الاهتمام بالمزارع لا يتعلق بأمر واحد بل يشمل مجموعة من العوامل ومنها الرعاية الصحية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية, مشيرا إلي أنه إذا تم الاهتمام بعنصر واحد أو بعناصر خارجية أخري سيكون هذا بمثابة حل سطحي للمشكلة بعيد عن الحل الجوهري الذي تمثل في حل جميع مشكلات الفلاح. وأشار إلي أنه يجب أن تكون هناك فلسفة شاملة لمساندة الفلاح تتبناها الحكومة لتحقيق الأهداف الزراعية والاقتصادية معا, موضحا أن عشوائية ذبح الإناث من البقر والجاموس وذبح البتلو الصغير وازدواجية اتخاذ القرارات وعدم إشراف الهيئة البيطرية علي المجازر وتركها للمحليات التي لا تطبق القوانين كل ذلك أدي لاختفاء عجول التسمين وارتفاع أسعار اللحوم, مضيفا أن البعض أرجع الانفلات في الأسعار إلي التخوف الذي عاشه المربون إبان أزمة العلف ولعدم استقرار أسعاره مما جعل المربون يتخلصون من قطعانهم وعلي رأسهما الإناث.